رئيس مجلس الادارة:

د.محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

قطر 2022.. مخاطر وحقائق فساد جديدة تلطخ صورة المونديال

10:57 ص | السبت 20 يناير 2018
قطر 2022.. مخاطر وحقائق فساد جديدة تلطخ صورة المونديال

موزة ونجلها

نقلاً عن العدد الورقي

خطاب ضمان الحكومة فى مهب الريح بعد عزل حمد بن خليفة.. «الدويلة» تفشل فى تنفيذ وعد بناء «المطار» حسب الموعد المحدد.. ومجاملة واضحة فى عدد الملاعب على حساب ملفات أستراليا وكوريا الجنوبية واليابان

منذ الثانى من شهر ديسمبر 2010 لحظة إعلان تنظيم قطر «كأس العالم 2022»، والتساؤلات كثيرة فى العالم حول فوز ملف «الدويلة» بذلك رغم عدم أحقيتها مقارنة بالملفات التى كانت تنافسها، وهو ما تسبب، وما زال، فى إشعال الهجوم على الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» من جميع دول العالم خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وإنجلترا.

وحملت ملفات الدول الخمس التى تقدمت لتنظيم كأس العالم، العديد من المفارقات، أبرز ما بها أن 4 ملفات منها أفضل بكثير من الملف القطرى، وهو ما يعكس النية المبيتة حول فوز «الدويلة» بالتنظيم ووجود قوى خفية منحتها شرف التنظيم، وترصد «الوطن» خبايا وأسرار الملف القطرى وما احتواه من عيوب تم التغاضى عنها تماماً أثناء التصويت لمكاسب شخصية مختلفة.

مرت أحداث فوز قطر بتنظيم المونديال بمراحل مختلفة بدأت بتقدم إحدى عشرة دولة لنيل شرف تنظيم كأس العالم 2022، وبعد انسحاب المكسيك من السباق واستبعاد الملف الإندونيسى بسبب عدم وصول خطاب الضمان الحكومى، وخروج الدول الأوروبية من السباق المونديالى بسبب إسناد نسخة 2018 إلى دول القارة العجوز، ضم التصويت النهائى خمس دول فقط وهى الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان وأستراليا وقطر، ولم يكن من المنتظر إعلان قطر أصغر الدول فى المتقدمين من حيث المساحة أن تفوز بنيل هذا الشرف، ولكن بعد التصويت ونيلها 14 صوتاً فى الجولة النهائية ضد الولايات المتحدة، أعلن سيب بلاتر رئيس الاتحاد الدولى حينها حصول قطر على تنظيم أكبر حدث كروى فى العالم.

«حمد» يضمن تنفيذ الوعود ويفشل فى الحفاظ على منصبه

يعتمد الاتحاد الدولى فى ترشيح أى دولة لتنظيم المونديال على خطابات ضمان من حكومات الدول المتقدمة للتنظيم، وفى مونديال 2022 أصدر أمير قطر حمد بن خليفة مرسوماً خاصاً يضمن به تنفيذ الوعود الحكومية، بالرغم من أنه فشل فى ضمان مقعده على كرسى إمارة دولته وتم عزله وتنازل لابنه «تميم» عن الحكم فى يونيو 2013، وأكثر ما يخشاه الاتحاد الدولى لكرة القدم هو تأخر تنفيذ الوعود التى تملأ الملف القطرى، وأبرز ما تم الوعد به هو إنشاء مطار قطر الذى كان مقرراً افتتاح مرحلته الأولى فى استقبال المسافرين عام 2012، ولكن تأخر هذا الافتتاح لمدة عامين كاملين، حيث تم افتتاحه فى آخر شهر أبريل 2014، وهو ما تسبب أيضاً فى تأخر الانتهاء من تجديده الذى كان مقرراً له عام 2017 وتم تأجيله بسبب تأخر افتتاح المرحلة الأولى.

دول ملاعبها جاهزة.. وقطر بها 3 فقط

ويمتلئ ملف التنظيم القطرى بالوعود الأخرى، حيث خصصت اللجنة المنظمة 12 ملعباً لمباريات المونديال، ثلاثة منها سيتم تجديدها وعمل توسعة للمدرجات، أما التسعة ملاعب الأخرى فلم تكن موجودة من الأساس وبدأ العمل فى بنائها.

وأبدت لجنة التقييم عن قلقها من جاهزية 3 ملاعب فقط، وانتظار بناء 9 ملاعب بعكس ملفات الدول التى نافست الملف القطرى، بل ووصفت أن الأمر يشكل بعض المخاطرة حال اختيار الدولة الكائنة فى الخليج العربى، بينما كان التعليق على ملفات اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية، فى تلك النقطة تحديداً أنها فقط تحتاج لتوفير بعض المتطلبات طبقاً لشروط «فيفا»، وأكدت فى تقريرها أن معدل المخاطرة قليل لتلك الدول، فاليابان تحتاج لبناء ملعب واحد فقط «ستاد أوساكا»، بينما ملاعب أستراليا وكوريا الجنوبية جاهزة ويتبقى لها فقط إقامة بعض التعديلات لتتوافق مع شروط الاتحاد الدولى لكرة القدم.

حرارة الجو وندرة المطر.. وإثارة مشكلة كبرى لمعظم دول العالم

ومن أخطر النقاط التى جاءت فى تقييم الملف القطرى، هى درجات الحرارة الشديدة فى قطر خلال شهرى يونيو ويوليو، وندرة المطر فى منطقة الخليج، وهو ما تم تداركه بتغيير موعد انطلاق المونديال ليبدأ 21 نوفمبر 2022 إلى 18 ديسمبر من نفس العام، وهو ما أثار مشكلة كبرى خاصة مع دول أوروبا، لأن تنظيم البطولة فى هذا التوقيت سيضر بكل المسابقات المحلية فى كل الدول، وستكون جميع المسابقات متوقفة من قبل بداية المونديال بأسبوعين على الأقل، وهو ما يعنى توقف جميع البطولات لمدة تصل إلى شهر ونصف.

ولم يتم طرح فكرة تأجيل البطولة حال إسناد تنظيمها لأى دولة أخرى، فدولة أستراليا على سبيل المثال يكون موعد المونديال فى شهر يونيو مناسباً، خاصة أنه مع قدوم الشتاء فى نصف الكرة الجنوبى، أما دولتا اليابان وكوريا الجنوبية فقد نظمتا معاً مونديال 2002، وفى حال منح أى منهما شرف تنظيم كأس العالم لم تكن هناك أية معاناة بسبب تأجيل أو تعديل موعد أكبر بطولة لمنتخبات الكرة.

قرب الملاعب وصغر المساحة سلاح ذو حدين

استغلت اللجنة المنظمة لكأس العالم قطر 2022 صغر مساحة البلد، من أجل الترويج لإمكانية أن يوجد مشجع فى أكثر من مباراة بالبطولة فى نفس اليوم، ولكن حذرت لجنة التقييم أن خمس مدن من السبع تقع فى نطاق 25 كيلومتراً فقط، من إمكانية تحمل الطرق ووسائل النقل والمواصلات الأعداد الكبيرة التى تحرص على مشاهدة المونديال من قلب الحدث، كما نوّهت لجنة التقييم أن لعب 4 مباريات فى ذات اليوم، فى ملاعب لا تبعد عن بعضها أكثر من 30 كيلومتراً، سيسبب أزمات فى تنقلات الجماهير من وإلى تلك الملاعب بخلاف كيفية تأمين تلك الأعداد الكبيرة.

وتختفى مشكلة الملاعب والمسافات فيما بينها خاصة فى ملفى اليابان وكوريا الجنوبية، وكانت المشكلة عكسية فى أستراليا بسبب البعد النسبى بين المدن التى ستستضيف البطولة، لكنها لم تصل أبداً إلى المسافات الشاسعة التى كانت فى الملف الروسى الذى حسم مونديال 2018، وبالتالى لم تقف لجنة التقييم طويلاً عند المسافات بين ملاعب المدن الأسترالية.

مرافق غير مكتملة بنسبة تتعدى 50% أمام مرافق أستراليا واليابان الجاهزة بنسبة 100%

كشف ملف لجنة التقييم أن قطر وعدت بتوفير 36 مقراً تدريبياً، وهو ما يعد أقل بـ12 مركزاً تدريبياً لكى يناسب الـ12 ملعباً الذى تقدمت به اللجنة القطرية المنظمة، بالإضافة إلى أن هناك 17 مقراً تدريبياً لم يتم بناؤها أثناء تقديم الملف، ولم يتم الكشف عن إمكانية وجود سقف يغطى أماكن التدريب أم لا، وهو أمر لم تكشفه اللجنة القطرية المنظمة لكأس العالم 2022، بالرغم من خشية لجنة التقييم من تعرض اللاعبين للشمس بشكل مباشر قبل تفادى تلك المشكلة بشكل جزئى عندما تغيّر موعد تنظيم كأس العالم.

وفى ذات السياق وعدت اللجنة القطرية المنظمة بتوفير 32 فندقاً، و32 موقعاً مخصصاً للتدريب، لكن 54 من تلك المواقع لم تكن جاهزة أثناء تقديم العرض، بل إن 39 موقعاً منها لم يتم بناؤه أو حتى البدء فى إنشائه خلال ذلك الوقت، وهو ما يعنى أن أكثر من 50% من المنشآت كانت مجرد وعود على ورق قبل التصويت الذى جاء لصالح قطر.

وبمراجعة ملفات الدول الأخرى المنافسة، فإن تعليق لجنة التقييم أن الملف الأسترالى متوافق تماماً، بينما ملف اليابان استوفى معظم الشروط مع وجود بعض الملاحظات البسيطة لكى تصل إلى تحقيق المطلوب بنسبة 100%، أما ملف كوريا الجنوبية، فجاء تعليق اللجنة بأن 25% من مقرات التدريب المخصصة للمونديال لا تتوافق مع شروط «فيفا»، وتحتاج لبعض التعديلات لكى تستوفى شروط الاستضافة.

المقاطعة وأثرها على تطوير منظومة الطرق

اعتمدت اللجنة المنظمة على علاقتها الجيدة مع دول الجوار خاصة السعودية والبحرين، ووضعت خطة تطوير الطرق داخل قطر وخارجها وبالتحديد إلى الدولتين المذكورتين، ولكن بعد قطع العلاقات والتوتر القائم مع الدول الخليجية أصبح ملف تطوير الطرق خاصة الدولية، فى مهب الريح، وفى الآونة الأخيرة يتضح أن الأزمة السياسية فى تصاعد مستمر وأن الأمور تتفاقم، لدرجة أنه تم نقل بطولة «خليجى 23» من الأراضى القطرية بسبب أزمتها مع بعض دول الجوار، وتم نقل البطولة بالفعل إلى الكويت ووقعت قطر فى مجموعة بعيداً عن الإمارات والسعودية، وعندما ودع منتخب العنابى البطولة من دور المجموعات احتفلت وسائل إعلام خليجية بخروجهم، وهو ما يعكس التوتر الشديد فى العلاقات وأن تقريب وجهات النظر لن يحدث فى الزمن القريب.

بينما لم تعانِ الدول المنافسة للملف القطرى، من فقر شبكة الطرق وكانت تحتاج فقط لبعض التطوير فيها، بالإضافة إلى العلاقات الدبلوماسية الممتازة لتلك الدول بالدول التى تجاورها، باستثناء أزمة الكوريتين، ولكن المشكلة الأخيرة تحديداً لم تؤثر على استقبال كوريا الجنوبية لمونديال 2002 بمشاركة اليابان، بينما اضطرت قطر لنقل بطولة الخليج بأكملها بسبب توتر العلاقات مع جيرانها.

تفوق الإعلام القطرى يسقط

كان من ضمن الملف القطرى، تدوين تفوقها الإعلامى وامتلاكها شبكة «بى إن سبورتس» الرياضية والتى كانت حينها تُسمى «الجزيرة الرياضية»، وإبان تقديم الملف كانت تملك 14 قناة يتابعها 400 مليون مشاهد، لكن تغيرت الأوضاع فى الآونة الأخيرة بعد ملاحقة القناة ومالكها، وتطورت الأمور نحو الأسوأ عندما أعلن مكتب النائب العام السويسرى، فتح تحقيق جنائى مع القطرى ناصر الخليفى، رئيس مجلس إدارة مجموعة «بى إن سبورت»، وجيروم فالكه الأمين العام السابق للاتحاد الدولى لكرة القدم، بسبب تورطهم فى فضائح فساد وتقديم رشوة، بالإضافة إلى التزوير، كما بدأت السلطات الحكومية الأوروبية فى عدة دول أهمها فرنسا واليونان وإيطاليا وإسبانيا، عمليات تفتيش فى مقرات «بى إن سبورتس»، للتحقيق فى تلك الاتهامات.