«السدة الشتوية».. عطش الأرض والبشر
«السدة الشتوية».. عطش الأرض والبشر
إجراء سنوى اعتيادى، تنفذه وزارة الموارد المائية والرى، منذ بناء السد العالى وحتى الآن، يعرف باسم «السدة الشتوية»، تلك الفترة التى تُحبس فيها المياه عن الرياحات والترع والمجارى المائية خلال فصل الشتاء، بهدف إجراء أعمال الصيانة والتطوير فى شبكات الرى والصرف وكذلك مجرى النيل وفروعه. فترة تشهد انخفاضاً كبيراً فى منسوب المياه بمجرى نهر النيل وفروعه، يجرى تعويضها بعدد من الإجراءات الخاصة خلال تلك الفترة تجنباً لأى تأثيرات سلبية.
استغلها الفراعنة.. وفرح بها الفلاحون.. وأساءت الحكومة استخدامها
بلغ عدد أيام السدة الشتوية فى بداية تنفيذها 40 يوماً، وفى عام 1957 تم الاتفاق بين وزارتى الأشغال والزراعة على تقصير مدتها لـ18 يوماً فقط، مراعاة لاحتياجات القمح المكسيكى، الذى أدخلت زراعته بمصر حينذاك، لكن سياسات ترشيد المياه دفعت وزارة الرى مرة أخرى لإطالة فترة السدة الشتوية بهدف توفير المزيد من المياه عام 1988 لتصبح 25 يوماً، ومع ذلك ظل كل من عدد الأيام وتاريخ البدء يتأرجح كل عام دون إعلان رسمى سنوى واضح عن تاريخ بدء ثابت أو عدد أيام محدد.
مع الوقت لم يعد الكثير ممن تؤثر السدة الشتوية على أعمالهم وحياتهم بحاجة للإعلان عن موعد بدايتها أو حتى نهايتها، أصبحت السدة الشتوية مرادفاً لعدد من الأزمات والارتباكات وشاهداً سنوياً على سوء الإدارة للإجراء الروتينى المعروف الذى ما إن ينتهى حتى تبدأ جميع آثاره السلبية فى الزوال تدريجياً. عشرات الاجتماعات والتصريحات تصدر عن مسئولى الوزارات المختلفة، وعلى رأسها الزراعة والرى، حول إجراءاتهم للتعامل الفعّال مع فترة «السدة الشتوية»، لكن حوادث نفوق الأسماك، وشحوط المراكب، وخسائر السياحة، وتلوث المياه، وانهيار المنازل، وغيرها من الخسائر، المادية والبشرية، التى لم يصدر بشأنها قط إحصاء واضح، تتواصل كل عام، لتؤكد الحاجة الملحة لمراجعة الطريقة التى يجرى بها التعامل مع السدة الشتوية، حكومياً وشعبياً، تجنباً لمزيد من الخسائر والارتباكات.