معارض وصفحات إلكترونية لـ«الدراسة فى الخارج».. وأصحاب تجارب: «اعملوا زينا»
معرض هجرة الكفاءات فى مصر الذى يتيح للراغبين إمكانيات السفر للدراسة والعمل
«منحة تبادل ثقافى مع جامعة ميتشيجان ممولة بالكامل فى مجال ريادة الأعمال»، هناك الكثير من النصائح والأخبار والقصص الملهمة يصادفها المهتمون بالتعلم فى الخارج عبر الإنترنت، من شاشة الهاتف المحمول إلى شاشة الكمبيوتر، عناوين لافتة عن تمويلات كاملة، وأحياناً بدلات للمعيشة، أسماء لجامعات مرموقة، وفرص تعليمية استثنائية، أخبار تتوالى عبر روافد مختلفة، تارة من خلال مواقع متخصّصة، وأخرى عبر أشخاص يتبرّعون بالإعلان المتواصل عن فرص التدريب والتعليم المجانية فى الخارج، وفى بعض الأحيان، صفحات متخصّصة عبر مواقع التواصل الاجتماعى، يؤمّها عشرات الآلاف من المهتمين بالفكرة، حتى إن الأمر تطور ليصل إلى أرض الواقع عبر عدد من المعارض والمهرجانات الخاصة بالترويج لها.
«المعرض الأكبر لهجرة الكفاءات فى مصر»، تحت هذا العنوان يتكرّر المعرض السنوى لوكلاء الهجرة المرخصين، ليس وحده الذى يتيح للراغبين إمكانات السفر، من أجل الدراسة والعمل، لكن معرضاً آخر بعنوان «المعرض التعليمى الأكبر فى القاهرة للدراسة فى الخارج» جرى تنظيمه عدة مرات لتوفير عروض الدراسة بالخارج لزوار المعرض. على عادل، المدير التنفيذى بإحدى الشركات المتخصّصة فى مجال البرمجة والتدريب وتعليم اللغات والترجمة، صحيح أن شركته هادفه للربح، لكن تخصّصها فى مجال تقديم النصائح وخدمات التعلّم والتدريب تجعل متابعة المنح التعليمية والإعلان المتواصل عنها جزءاً من عمله، عبر صفحة التواصل الاجتماعى الخاصة بشركته، على موقع «فيس بوك» يواصل الإعلان عن فرص التعلم والتدريب بالخارج.
«مروة» تُخطط لإطلاق موقع للمنح.. وشباب دشّنوا رحلات تعلم التركية والألمانية.. و«محمد» فى «وادى المشمش»: «مفيش علم مستحيل»
الرجل الأربعينى يعلم جيداً أن الفرص المتاحة هى ذاتها التى كانت متاحة لجميع الأجيال السابقة منذ السبعينات وحتى الآن، فارق وحيد يتعلق بإمكانية الوصول عبر «السوشيال ميديا»، وعدد المهتمين الذين باتوا يتعرّضون باستمرار لتلك الإعلانات. منح تقدمها سفارات، ووزارات، ومؤسسات، ودول وجامعات، ومنظمات مختلفة حول العالم: «بنعلن عنها علشان الناس اللى بتتعلم تبع شركتنا تقدر تقدم فيها» خدمة مجانية مقابل خدمة ربحية، لكن الأمر لا يتم على طريقة الكثير من صفحات ومواقع الإنترنت: «للأسف فيه عمليات نصب كتير بتتم باسم التعليم بره مصر، ناهيك عن بعض الجهات اللى بتعلن عن منح، والحقيقة بتكون أهداف مختلفة تماماً» مخاوف يتجنّبها، بالإشارة إلى المواقع والجهات الرسمية التى تقدّم المنح تجنّبا لعمليات النصب التى تحملها فى بعض الأحيان إعلانات المنح «أحياناً يقول لك فيه منحة، بس ادفع مبلغ كذا، دون أى إشارة لمصدر المنحة أو تفاصيل صريحة عن خطوات الالتحاق بها، لذلك دائماً نصيحتى هى التحقق قبل التقديم».
خبرة بات «على» يملكها بشأن المنح: «صحيح أن المسوغات المطلوبة للسفر كثيرة، من بينها درجات معينة فى امتحانات التويفل والأيلتس، لكننى كنت شاهداً على عدد كبير من المنح التى قبلت بطلبة أحرزوا نقاطاً أقل من تلك المطلوبة، لذا دائماً ما أتوجّه بالنصيحة للطلبة بالسعى حتى إن كان ما لديهم أقل من المطلوب للتقدّم فى المنحة».
محمد ناجى، الشاب الثلاثينى أسس موقعاً إلكترونياً متكاملاً، فقط من أجل إتاحة أخبار المنح التعليمية فى الخارج، وتلك الممنوحة عبر الإنترنت من خلال موقعه «وادى المشمش» معلناً أن أوان المشمش قد جاء «الفرص المتاحة للسفر حالياً هى ذاتها التى كانت متاحة من سنين كتير، الفرق اللى جد هو المجهود المبذول من الناس علشان تتعلم بره»، فرص تتيحها مختلف حكومات العالم وجامعاتها، أصبحت تمثل تشجيعاً للكثيرين من أجل تعلم المزيد مما لم يحلموا قط بتعلمه من قبل «فى ألمانيا، التعليم الحكومى مجاناً ما دام الشخص قادر يتكلم ألمانى كويس ويمول مصاريفه الشخصية اللى هى 8 آلاف يورو، ناس كتير بدأت تشتغل على الألمانى، وتاخد كورسات وتوفر المبلغ بأنها تشتغل سنتين تلاتة فى مجالها، وبعدين يسافروا علشان الماجستير، تركيا بتقدم منحة الحكومة التركية، وبالفعل ناس كتير بدأت تتعلم تركى علشان ياخدوا المنحة، نفس الشىء بالنسبة لمنحة الحكومية اليابانية، ودى متاحة لطلبة مرحلة البكالوريوس وما بعد مرحلة الثانوى» الكثير من المنح التى تتيحها جامعات حكومية، خصوصاً داخل مصر، لكن ثمة ولع خاص بالسفر إلى الخارج، يعمل «محمد» على هذا الشغف عبر إعلاناته المتواصلة «ناس اتعلمت فى مصر، لكن شايفين أن لهم مستقبل أفضل لو اتعلموا بره مصر».
شغف يتجرّد فى بعض الأحيان من الهدف «فيه ناس بتبقى عاوزة تتعلم بره وخلاص، بصرف النظر عن جودة التعليم، وده اللى بيخلى ناس تختار جامعات خاصة وتدرس على حسابها بفلوس قليلة فى دول زى أوكرانيا والمجر، المهم يبقى اسمه دكتور أو مهندس متعلم بره مصر وخلاص، بيفكر إنه هيستثمر بفلوس قليلة، يا دوبك تلات أربع آلاف دولار، هيدفعهم فى سنين التعليم كلها وخلاص، رغم أنه جودة التعليم منخفضة جداً فى الدول اللى زى دى»، لعل هذا ما يدفعه إلى تجاهل الطلبات الكثيرة التى ترد إليه من أجل عرض فرص التعلم فى هذه الدول «كشبكة لتغطية فرص التعلم، فى فرص بنشوف أنها مفيدة، زى منح ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة، دى الخطوات اللى ممكن الناس تتعب علشان تروح لها وأتعب أنا علشان أجيب تفاصيلها، لكن الفرص المضروبة لا بتسمن ولا بتغنى بأى علم».
لم تدع مروة أبوسعدة، أمر المنحة التى حصلت عليها من الحكومة الأمريكية قبل سنوات، يمر مرور الكرام، كانت تعمل مدرسة فى وزارة التربية والتعليم لسنوات، وتقوم بتحضير رسالتها للماجستير فى جامعة عين شمس، سبعة آلاف مرشحة للمنحة الأمريكية تم قبول خمسين فقط، لأعدادهن كقادة «رُحت قضيت سنتين هناك، واكتشفت أن موضوع السفر والمنح مش صعب زى ما احنا متخيلين»، هكذا عادت لتؤسس عملها الجديد القائم على منح النصائح والخبرات للشباب ونشر فكرة السفر من أجل التعلم فى الخارج تحت عنوان «اتعلم بره».
فوائد كثيرة للسفر، لا تتوقف عن حدود الحصول على شهادة مرموقة من جامعات أوروبية وأمريكية، ولا تسهم أيضاً فى تحسين فرص العمل وحسب، يذهب الأمر إلى أبعد من هذا: «سفرى بره وتعاملى مع ناس من ثقافات وأديان ومجتمعات مختلفة، فرق فى تفكيرى وفى حياتى وفيه حاجات كتير جداً، أى حد هيسافر هيتغير بجد، من حيث تقبّل الآخرين والنظر للحياة والكون». قرار حاسم منها بالبدء فى تشجيع الطلبة والخريجين على السفر «بدأت بصفحة على فيس بوك بعنوان التعلم بره، بدأنا التخطيط مؤخراً أنا وصديقة لى، بالمرور على الجامعات، لإقناع الطلبة بالفكرة ومساعدتهم فى تسهيل الأمر» الكثيرون يرغبون فعلياً بالسفر، لكن عدداً غير قليل من الإجراءات تبدو حائلاً، فضلاً عن بعض الاعتبارات غير المأخوذة فى الاعتبار: «فيه حاجات الأمريكان بيهتموا بيها مش موجودة عندنا، منها العمل التطوعى، ومنها لعب الرياضة، منها إنك تكونى بنت من الشرق الأوسط، كل دى حاجات ليها اعتبارات وبتخلى فيه نظرة مختلفة للبروفايل».
الكثير من الدروس تعلمتها «مروة» بشأن التعلم فى الخارج تسعى طوال الوقت لنقلها بأمانة «أكتر مشكلة بتواجه الشباب هى الخوف من عدم فهم الإجراءات والرهبة من اللغة، لكن المفاجأة أن تسعين فى المائة من اللى بيقدّموا مش ممتازين، حتى جامعة عظيمة زى هارفارد ممكن تاخد ناس مش متمرسين أوى فى الإنجليزى، لكن لأنهم عندهم مميزات تانية، الموضوع كله على بعضه باقة، ممكن يكون الإنجليزى متوسط، لكن الشخص حقق فى حياته إنجازات تانية بيذكرها، عمل أعمال تطوعية، نجح فى أنشطة رياضية، فى النهاية هم بينظروا كلياً للشخص هو مؤثر فعلاً ولّا عادى». رغم إمكانية العمل لتمويل الدراسة فى الخارج، لكن «مروة» تفضل المنح الممولة بالكامل: «المسألة مش صعبة، المهم هتعرض نفسك إزاى فى خطاب التوصية أو خلافه، إيه النقط اللى نركز عليها، كلها أسئلة الإجابة المناسبة لها بتفرق كتير مع أصحابها».
إحدى الصفحات على «فيس بوك» تعرض منحاً دراسية