«طلعت» يجمع القمامة ليلاً حتى لا يراه الناس
«طلعت» بعد مرضه
يحاول إخفاء الجزء الأيسر من وجهه قدر ما يستطيع، يلف الشال على رأسه ويزيحه قليلاً على عينه حتى تكاد تختفى، ويتحاشى النظر فى وجوه الناس كثيراً، بعدما أُصيب بالتهاب فى العصب السابع، جعله يمارس عمله فى جمع القمامة طيلة الليل بدلاً من النهار، فالإضاءة المرتفعة تؤلم عينه، ونظرات الناس تصيبه بالألم.
أُصيب بـ«العصب السابع» ويتحاشى السخرية
منذ سنوات استيقظ الرجل من نومه، وشعر بألم كبير فى فكه، هرع إلى أحد المستشفيات، وكان حديث الأطباء له فى بادئ الأمر مطمئناً، بعض الأدوية وجلسات علاج طبيعى ستنهى المسألة، لكن ذلك كله لم يفلح: «لقيتنى عمال أصرف فلوس كتير ومش لاقى أى تحسن، وأنا راجل شغال فى الزبالة وفى عرض أى جنيه»، يحكى «طلعت»، الذى عمل قديماً فى هيئة السكة الحديد دون تعيين، وعمل فى أحد المتاجر الكبيرة فى مصر، ثم اتجه للقمامة: «عشان كبرت فى السن خلاص».
62 عاماً، هو عمر «طلعت»، الذى يعمل الآن فى شركة خاصة لجمع القمامة، ويتقاضى 700 جنيه شهرياً، على عمل يستغرق 12 ساعة، قرر أن تكون فى الليل بدلاً من الصباح: «عشان مابقدرش أشتغل الصبح، عينى بتوجعنى أوى، والناس بتبصلى بصات وحشة». يتذكر الرجل، الذى يسكن فى الشرابية، واستطاع تزويج أولاده الـ4، فترة علاجه وخضوعه لجلسات الكهرباء فى بعض الأحيان: «الموضوع كان مؤلم وكمان مكلف، فلما لقيتنى عمال أصرف كتير بدون نتيجة بطلت أروح».
يسكن الرجل حالياً مع زوجته، ولا تكفيه الـ700 جنيه للمعيشة، وبالتالى لا يجد فرصة للعلاج: «الحياة كل حاجة فيها بقت غالية، واللى معاه هيعيش». يتحاشى الحديث مع الناس، خشية أن تضايقه سخرية أحد، ويتمنى أن يكون هناك حل لمشكلته: «عشان لما حد يبصلى مايبقاش خايف، ولا أنا أبقى مكسوف».