هانى توفيق: نحتاج حكومة شعبية لاتخاذ قرار «غير شعبى» بإلغاء الدعم
اعتبر هانى توفيق، رئيس الاتحاد العربى للاستثمار المباشر، أن الزحام الذى يخنق القاهرة حاليا سيظل على حاله، طالما ظل سعر لتر البنزين أرخص من سعر لتر المياه. وشدد توفيق، خلال حواره مع «الوطن»، على ضرورة أن تتحلى الحكومة الجديدة بالشجاعة، وتصدر قراراً بإلغاء الدعم عن المواد البترولية، الذى أصبح أحد أهم أسباب الزحام الرئيسية فى شوارعنا، وأحد أهم عوامل عجز الموازنة. كما اعتبر رئيس الاتحاد العربى أن هذا الأمر لن يتحقق إلا بحكومة قادرة على اتخاذ قرارات غير شعبية.
الحوار مع هانى توفيق بدأ ساخنا، حيث سألته «الوطن» عن روشتة لعلاج أوجاع الاقتصاد المصرى، يمكن وضعها أمام حكومة الدكتور هشام قنديل، للاسترشاد بها..
* معروف عنك أنك ترى أن «الدعم» هو أم المشاكل.. فهل ترى أن إلغاءه ينقذ الاقتصاد المصرى المتداعى؟
- نعم، يجب إلغاء الدعم كلية وفورا. وهذا هو الحل الوحيد، دون لف أو دوران، لمشاكلنا الاقتصادية. فحجم الدعم فى مصر يبلغ نحو 300 مليار جنيه سنويا، منها 50 مليار جنيه لدعم السلع التموينية، و70 مليار جنيه لدعم الكهرباء، و200 مليار لدعم البترول والغاز وليس 100 مليار فقط كما تعلن الحكومة.
فما يحدث عند التنقيب عن النفط والغاز أن الحكومة تتقاسم الإنتاج مع الشريك الأجنبى، ثم تشترى منه حصته بالسعر العالمى، وتقدمه للمواطن بسعر مدعم. والفارق بين السعرين هو الـ100 مليار المعلنة، لكن لا أحد يتحدث عن الـ50% الأخرى (حصة الحكومة) التى تقدم أيضا بأسعار مدعمة، بينما يمكن أن تباع بالأسعار العالمية، وتدر 100 مليار أخرى لخزانة الدولة. هذا الرقم (300 مليار جنيه) سيزيد بشكل كبير بعد إعادة تقييم الجنيه، وهى خطوة ضرورية للغاية، وسيؤدى إلى انخفاض فى سعر الجنيه بنحو 15 أو 20%، وقد يصل الدولار إلى 7.50 أو 8 جنيهات، أى زيادة فى عجز الموازنة بنسبة 15%، وهى نسبة لن نستطيع تحملها أو حتى تجاوزها بالديون، لأننا لم نعد نجد من يقرضنا.
* لكن إلغاء الدعم قد يعنى ثورة على الحكومة الجديدة.. أو على الأقل اضطرابات واسعة على غرار ما حدث فى أحداث يناير عام 1977؟
- هناك شرطان لإلغاء الدعم بشكل آمن، الأول أن تتخذه حكومة منتخبة قوية، تحظى بدعم كبير، وهو ما آمله من حكومة قنديل، التى من المفروض أن الإخوان يدعمونها. فنحن فى حاجة لحكومة منتخبة وشعبية جدا حتى تتخذ قرارات غير شعبية جدا، مثل إلغاء الدعم، الذى تقول الدارسات إن 80% منه يذهب إلى 20% من السكان. أما الشرط الثانى فهو تحويل الدعم العينى إلى دعم نقدى.
* وما تصورك لشكل الدعم النقدى؟
- أقترح أن تمنح الحكومة كل مواطن فوق 25 سنة، إعانة غلاء تتراوح بين 300 إلى 400 جنيه، ثم تتركه للأسعار العالمية. فهناك حوالى 40 مليون مواطن فوق سنة الـ25، ومنح هؤلاء مبلغ متوسطه 350 جنيها، سيصل إلى نحو 100 مليار، وتوظف الحكومة الـ200 مليار الباقية فى دعم الصحة والتعليم وغيرهما. كما أقترح تخصيص 100 مليار منها لدعم قطاع الصادرات، حتى يتمكن من المنافسة فى هذه الظروف الصعبة. وهذا المقترح سيسهم أيضا فى حل مشاكل جانبية مثل مشكلة المرور ورغيف الخبز.
* كيف يمكن أن يحل مقترحك أزمتى المرور والرغيف؟
- ارتفاع سعر البنزين سيجبر الناس على ترشيد استخدام السيارات، كما أن ارتفاع أسعار الدقيق سيجبر الناس على ترشيد استخدام الخبز. وهذا هو الحل العملى الوحيد الذى أراه قابلا للتنفيذ، أما انتظار معرفة «مستحقى الدعم» فسيعنى الانتظار إلى الأبد، فنحن نتحدث عن مشكلة توصيل الدعم لمستحقيه منذ أيام عبدالناصر. وإذا ظهرت عيوب لهذا المقترح نعالجها أثناء التنفيذ. المهم أن نبدأ ونتحرك. ومبلغ 350 جنيها ليس صغيرا، لأنه سيعنى 700 جنيه كحد أدنى لكل أسرة، فضلا عن مبالغ أخرى، إذا كان لهم أولاد فوق الـ25 سنة. وهذا بالطبع بخلاف رواتبهم ودخولهم الأساسية.