«أبوقرقاص ودير مواس ومطاى وسمالوط».. مراكز حرقتها الأحداث وأصبحت هدفاً لهجمات البلطجية واللصوص
10:34 ص | الأحد 08 سبتمبر 2013
تفحم المبنى تماماً، غاب لون جدرانه الأحمر، خلف طبقات «الهباب والسواد»، وضاعت نوافذه، واختفت ملامح أبوابه، أما ساحته الخارجية، فازدحمت بهياكل السيارات المحترقة، وبقايا أثاث تعرض بدوره للاحتراق، فيما غاب الجنود والحراس عن المبنى، وتكفل دولاب حديدى صدئ بإغلاق المنفذ الوحيد إلى داخل مركز شرطة أبوقرقاص بمحافظة المنيا، بعد أن أتت النيران على كل محتوياته.
«ضرب النار استمر من الساعة 8 صباحاً لغاية بالليل، البلطجية طلعوا فوق المبانى القريبة من القسم وكانوا بيضربوا عليه من فوق فى نفس وقت خروج المسيرات المؤيدة لمرسى»، هذه رواية يحيى حسان، الموظف بشركة سكر أبوقرقاص بالمنيا، عن قصة الاعتداء على مركز شرطة أبوقرقاص الأيام الماضية، «يحيى» الذى يسكن بجوار مركز الشرطة عاش وأسرته ساعات من الرعب عندما هاجم من أطلق عليهم «البلطجية» مركز الشرطة وهو من أقدم مراكز الشرطة فى المحافظة، ولم يسبق أن تعرض للاقتحام أو الحرق خلال الأحداث التى وقعت فى السنوات الماضية، لكنه هو وأهالى المنطقة فوجئوا بأعداد كبيرة من المسيرات ضمت الكثيرين من مؤيدى الرئيس «مرسى» تطوف المدينة فى نفس يوم فض اعتصامى «رابعة والنهضة»، جابت المسيرات شوارع المدينة، وردد المشاركون فيها هتافات تتهم قوات الجيش والشرطة بـ«بارتكاب مجزرة أثناء فض الاعتصام، وقتل آلاف المواطنين وإشعال النيران فى جثثهم».
واصل «يحيى» حديثه: «أهالى المنطقة شاهدوا أعداداً كبيرة تهاجم مركز الشرطة بالأسلحة النارية، وغالبيتهم كانوا ملثمين، أشعلوا النيران فى كافة أرجائه، وعلى الفور أخرج الأهالى أفراد الأمن الموجودين داخله خوفاً عليهم، وكان الأهالى يُلبسون الضباط والعساكر «مدنى» علشان البلطجية ما يقتلوهمش، وفى نفس الوقت اتصلوا بالمطافئ»، أوضح يحيى أن الإدارة رفضت إخراج سيارات من عندها خوفاً عليها من هجوم البلطجية عليها، فطلب من مديره بشركة سكر أبوقرقاص إخراج مطافئ الشركة، وهو ما حدث، وسيطرت على حريق مركز الشرطة.
آثار الحريق تنتشر على كافة أرجاء القسم، الأبواب والشبابيك تفحمت بسبب استمرار اشتعال النيران ساعات طويلة، عشرات السيارات المملوكة للداخلية تعمد البلطجية إحراقها بعد فشلهم فى سرقتها، بخلاف أعداد كبيرة من سيارات الأهالى كانت بجوار القسم.
العميد حمدى أبوشنيج، مأمور مركز شرطة أبوقرقاص أوضح أن الهجوم على القسم كان بشكل منظم ومرتب، بدأ باعتلاء مجموعة من البلطجية والملثمين الذين خرجوا وسط المسيرات المؤيدة للرئيس المخلوع محمد مرسى أعلى أسطح المبانى الحكومية وبعض منازل الأهالى المحيطة بالقسم وأطلقوا النار بشكل منظم على كل من بداخله، الأمر الذى تسبب فى استشهاد ضابط مباحث برتبة ملازم أول، وعسكرى مجند، وإصابة 6 آخرين.
أضاف: «مهاجمة تلك المجموعات الإرهابية لقسم الشرطة كانت تقف وراءها خطة مدبرة للقضاء على وزارة الداخلية، وحل جهاز الشرطة كرد فعل على فض اعتصامى رابعة والنهضة بالقوة، وتبين ذلك من خلال اعترافات بعضهم عقب القبض على 14 عنصراً إرهابياً منهم الأيام الماضية».
وعن الخسائر المادية التى تعرض لها مركز الشرطة أوضح المأمور، أن المعاينة المبدئية أكدت أن الخسائر المادية تقدر بالملايين، خصوصاً أن مركز أبوقرقاص من أحدث المبانى فى المحافظة التى تم إعادة بنائها منذ 6 سنوات «الإرهابيين اللى كانوا بيهاجموا القسم قتلوا وحطموا وسرقوا يعنى ما كانوش عاوزين المكان يقوم مرة تانية، وبعد كل ده خلعوا البلاط بتاع الأرضية وكسروا الحمامات والمطابخ، وأى حاجة معرفوش يسرقوها».
وقال عادل حسين عسكرى بقسم الشرطة، مسئول قسم الفيش والتشبيه: «فوجئنا بإطلاق الرصاص علينا من جميع الجهات وسمعنا بعد دقائق قليلة عن استشهاد ضابط مباحث ومعه مجند، فلم نجد أمامنا غير الهرب ومحاولة الخروج من القسم، لكننا لم نتمكن من ذلك لأن البلطجية كانوا يتمركزون لتصيد أى فرد شرطة يخرج من القسم لقتله، فاتصلنا ببعض أقاربنا وأصدقائنا فى الخارج دخلوا إلى القسم واصطحبونا معهم على أننا مدنيون خوفاً من تربص البلطجية بنا».
أكد العسكرى، أن الأسلحة التى كانت مع مهاجمى القسم متنوعة، وغالبيتها آلية، وتبين ذلك من خلال فوارغ طلقات الرصاص التى عثروا عليها، وبعد أن هدأت الأمور وتأكدوا من أن المبنى أصبح خالياً تماماً من أفراد الأمن دخلوا إليه وسرقوا كافة محتوياته لدرجة أنهم أخذوا أطقم الحمامات التى كانت توجد فى استراحة الضباط، وحطموا بلاط الأرضية وأشعلوا النيران فى المكاتب والدواليب التى لم يتمكنوا من سرقتها، واتجهوا بعدها لسيارات الشرطة أخذوا منها ما استطاعوا سرقته وأشعلوا النيران فيها».
وقال سالم فهيم، أحد السكان المجاورين لقسم الشرطة، إن مبنى القسم أصبح مرتعاً للحرامية وأصحاب السوابق بعد انتقال أفراده للعمل فى مقر آخر، متابعاً: «لا يمر يوم إلا ونراهم بأعيننا وهم يسرقون ما يجدونه أمامهم من محتويات فى القسم، لدرجة أن بعضهم قام بخلع بعض درجات الرخام وسرقها على سيارة كارو، الأمر الذى دعا سكان المنطقة لتشكيل لجان شعبية، تقف على مدار اليوم لحمايته وتحصين منازلهم خوفاً من مهاجمة البلطجية لهم عقاباً على مساعدتهم أفراد الشرطة على الخروج.
وفى سيناريو شبيه بدرجة كبيرة تكرر حرق مراكز الشرطة فى مركز مطاى، وديرمواس، وسمالوط والمنيا، ورغم أن الشرطة انتقلت إلى مقرات جديدة قريبة، فإن الأهالى الذين يعيشون إلى جوار المبانى المحترقة يعانون من هجوم البلطجية الذى لا ينقطع على تلك المبانى.