نساء الفيوم يكافحن «المياه البيضاء».. من غير «ولا مليم»
المبادرة تجولت فى العديد من المحافظات لعلاج مرضى العيون
«ربنا يخليكم ويبعد عنكم كل شر».. بهذه الكلمات بدأت السيدة البسيطة نور أمين حسين، التى تتجاوز الستين من عمرها، وتقطن بعزبة محمدين، التابعة لمنشأة عبدالمجيد، مركز إطسا بالفيوم، حديثها عن إجراء جراحة للتخلص من «المياه البيضاء»، ضمن مبادرة «عنيك فى عنينا». السيدة تعيش فى منزل بسيط جداً، مع زوجها المسن، بمعاش تحصل عليه من الدولة، يبلغ 700 جنيه شهرياً، وكافحت مع زوجها لتربية ابنيهما «خميس» و«جمعة»، لكنها أصيبت بمياه بيضاء على عينها اليمنى، ولم تكن ترى بها سوى خيالات.
تقول «نور»، لـ«الوطن»: «منذ عدة أشهر لم أكن أرى بعينى سوى شعاع، لدرجة أننى دخلت فى مكان متّقد بالنار بسبب عدم الرؤية، لكن نحمد الله لم يحدث لى شىء. وذهبت إلى طبيب خاص فى عيادته لتوقيع الكشف الطبى على عينى، وأخبرنى بأننى مصابة بمياه بيضاء على عينى اليمنى، ولا بد من إجراء جراحة ستكلفنى 6 آلاف جنيه تقريباً». وتضيف السيدة: «قررت أن أدخر 100 جنيه كل شهر من معاشنا البسيط من أجل إجراء هذه العملية حتى أعود للرؤية بها، وخلال الشهر الماضى جاءت قافلة طبية تنفذها مؤسسة (صناع الخير)، تحت رعاية مجلس الوزراء، إلى قريتنا، وكان الأطباء يوقعون الكشف على أعيننا مجاناً، وبالفعل تبين وجود مياه بيضاء، وأجروا بعض الإجراءات وتحدد لى موعد إجراء العملية فى القاهرة، وتمت بنجاح، دون أن أدفع شيئاً». وتابعت: «عينى الأخرى تعانى نفس المشكلة، ووعدونى بأن يُجروا لى العملية فى أقرب وقت ممكن، وأدعو لمن أجروا لى الجراحة دائماً بأن يحفظهم الله من كل شر، وأتمنى أن تستمر المبادرة لعلاج البسطاء فليس لدينا نقود لهذه الجراحة فى أى مكان آخر».
«نور»: «لم أكن أرى سوى شعاع.. وأوفر 100 جنيه كل شهر من معاشنا عشان العملية».. و«عفاف»: أطباء المبادرة نقلونا بأوتوبيس إلى القاهرة وأجريت الجراحة دون مقابل.. و«حسنية»: «دخلنا الوحيد من تجارة الحصير وعملوا لى العملية ببلاش».. و«كاملة»: نجحت فى تربية أبنائى.. وربنا ساعدنى لإجراء الجراحة ضمن المبادرة
لم تكن حسنية على عبدالله، «ربة منزل»، أفضل حالاً، فهى تعيش فى منزلها المكون من طرقة وغرفتين من البلوك الأبيض، من طابق واحد، إحداهما مسقوفة بالخوص، والطرقة بلا سقف، تقول: «أُجريت لى العملية لعلاج المياه البيضاء منذ شهر ونصف فقط، ودخلنا الوحيد هو تجارة زوجى فى الحصير، حتى يحصل على بضعة جنيهات نعيش بها». وتضيف: «كانت عينى تدمع، وأُجريت لى الجراحة بمستشفى بالقاهرة ضمن المبادرة ببلاش».
فى المنطقة نفسها من مركز إطسا، أجرت المبادرة جراحة مياه بيضاء للسيدة عفاف عبدالعظيم معوض، «52 سنة»، من عزبة الوابور الجديدة، وكانت تعانى من عدم وضوح الرؤية بعينها اليسرى، تقول: «زوجى أصيب بالمرض، ونعيش حياة بسيطة فى هذا المنزل، ولدىّ ابنتان، تزوجتا الحمد لله، ومنذ عدة أشهر شعرت بأننى لا أرى بعينى جيداً، وعندما جاء الأطباء إلى قريتنا، وعلمت أنهم يكشفون علينا مجاناً، ذهبت إلى القافلة بدار الحضانة فى القرية، وكشف الأطباء، وأخبرونى بأننى أعانى من المياه البيضاء، ووفروا لنا أوتوبيساً نقلنا من الفيوم إلى القاهرة، وأُجريت لى الجراحة هناك دون أى تكاليف».
وتطالب «عفاف» بأن تخصص الدولة لها دخلاً يساعدها وزوجها على معاناة الحياة، تقول: «يعانى زوجى من المرض، وأحصل على علاج لفيروس سى، وأتمنى أن يشفينا الله منه، وألتمس أن توفر الدولة معاشاً يساعدنا على نفقات العلاج». وتقول كاملة قاسم، 60 سنة، من منشأة عبدالمجيد، أم لابن وابنتين، وزوجها متوفى من 11 سنة: «عانيت فى تربية أبنائى، وعندما أصبت فى عينى بالمياه البيضاء لم يكن لدىّ أمل فى إجراء الجراحة، بسبب ضيق ذات اليد، فليس لى سوى معاش زوجى المتوفى، البالغ 500 جنيه فقط، والحمد لله نجحت فى تربيتهم، وربنا ساعدنى بأن أجرى الجراحة ضمن المبادرة، وكشف الأطباء على عينى، وتحدد لى موعد إجراء العملية خلال أيام قليلة، والحمد لله أصبحت أرى جيداً، لكنى أعانى من فيروس سى، وأعالج منه حالياً، وأتكلف 35 جنيهاً فى كل حقنة، وأتمنى أن تساعدنى الدولة بمعاش يعيننى على مصروفاتى الشهرية».