مدونة لصندوق النقد: ميل الصينيين للادخار يتسبب في أزمة للحكومة
أرشيفية
ما الذي يجعل الصينيون موفرين جدًا؟ ولماذا يقلق هذا الحكومة الصينية وبقية العالم؟
يعتبر معدل الادخار الذي وصل 46% من الناتج المحلي الإجمالي من بين أعلى المعدلات في العالم، وتملك الأسر نحو نصف تلك المدخرات، فيما تشكل الشركات والحكومة بقية النفقات.
الادخار جيد، أليس كذلك؟ هذا صحيح إلى حد ما. ولكن الكثير من الادخار من قبل الأفراد يمكن أن يكون سيئًا للمجتمع. وذلك لأن الوجه الآخر من الادخار العالي هو الانخفاض في استهلاك ورفاهية الأسرة.
ويمكن أن يؤدي ارتفاع المدخرات أيضًا إلى زيادة الاستثمار المفرط، مما يؤدي بدروه إلى تراكم الديون في الصين، ولأن الناس في الصين يدخرون الكثير، فإنهم يشترون بضائع مستوردة أقل مما يبيعونه في الخارج.
وهذا يسهم في اختلالات عالمية، وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن صندوق النقد الدولي، فأن الادخار المرتفع في الصين أصبح مقلقًا للسلطات في البلاد وتسعى للتصدي لهذا النمط من السلوك.
وبدأ معدل الادخار في الصين في الارتفاع في أواخر السبعينيات، وأن النظر إلى بعض أسباب الزيادة يشير إلى بعض الحلول الممكنة.
وانخفض متوسط حجم الأسرة في الصين بشكل كبير بعد تطبيق سياسة "الطفل الواحد لكل أسرة"، ما أثر بدوره على ميزانيات الأسر بشكلين، أحداهما أن إنفاق الآباء والأمهات على تربية أطفالهم انخفض بنسبة ملحوظة.
وثانيهما فأنه نظرًا لأن الأطفال كانوا عادة مصدر دعم في سن الشيخوخة، فإن الأباء اتجهوا لتوفير المزيد من الأموال تحسبًا لفترة تقاعدهم للمستقبل في ظل قلة الأطفال في كل أسرة.
كما أن زيادة التفاوت في الدخل، الناجمة عن انتقال الصين إلى اقتصاد أكثر اعتمادًا على سياسات السوق الحر، ساهمت بشكل كبير في الأزمة إذ أن زيادة الدخل وانتقال المواطنين ليصبحوا من الفئات الغنية يتسبب بدوره في زيادة مدخراتهم فأصبح المواطنون الصينيون ينفقون نسبة صغيرة من دخلهم على الضروريات فقط ويضعون البقية كمدخرات في البنك.
ووفقًا لمدونة صندوق النقد الدولي فأن الإصلاح الاقتصادي في الصين عزز الادخار بطرق أخرى، حيث يزيد تباعًا عدد الصينيين المالكين لمنازل، بعد أن كانوا يسكنوا مساكن توفره لهم الشركات المملوكة للدولة، ونتيجة لذلك فأن المواطنين الصينيين اتجهوا لزيادة مدخراتهم لتجميع الدفعات الأولى لقروض الرهن العقاري الذي يمتلكون منازلهم عبرها وقروض شراء المنزل لا يزال حجمها منخفضًا إلا أنه رغم ذلك شهد ارتفاعًا متسارعًا في السنوات الأخيرة، بسبب التوقعات الخاصة بزيادة قيمة الأصول العقارية في الصين.
وانخفض الإنفاق الحكومي على الخدمات الاجتماعية ضمن خطة التحول الاقتصادي في الصين في الفترة ما بين الثمانينيات والتسعينيات ما حدى بالصينيين للميل أكثر لتوفير أموال التقاعد لدفع تكاليف الرعاية الصحية والخدمات التي تخلت الحكومة عن دعمها.
وبحسب المدونة التي أعدتها فإن على الحكومة الصينية تشجيع المزيد من الصينيين على الإنفاق، عبر العمل على جعل نظام ضرائب الدخل أكثر تناسبًا مع متطلبات للأسرة ومخففًا من مخاوفها، بالإضافة إلى أن الحكومة يجب أن تزيد من حجم نفقاتها على الرعاية الصحية والمعاشات والتعليم، والعمل على توفير تمويل أكبر لمساعدة الفقراء، مما يقلل من عدم المساواة في الدخل، وبطبيعة الحال، ستحتاج الصين إلى المزيد من الإيرادات لدفع كل هذا.
وقد تتمثل هذه الإيرادات عبر زيادة مدفوعات الشركات المملوكة للدولة للخزانة. أو تحويل أسهم هذه الشركات إلى صناديق الضمان الاجتماعي، وباستخدام السياسات الصحيحة، يمكن للصين أن تشجع الإنفاق مع تجنب المصير الذي توقعه كونفوشيوس: "من لا يقتصد سيتلاشى".