أسيوط: الشوارع والحوارى ملاعب مفتوحة لـ«الاستغماية وشد الحبل»
شد الحبل رياضة شعبية لأطفال الصعيد
قبل سنوات كانت الشوارع والحوارى فى قرى ومدن أسيوط، بمثابة ملاعب مفتوحة للأطفال، لا تحدها أسوار، ولا تكلفهم اشتراكات باهظة، ولم تكن قد ظهرت ألعاب الكمبيوتر بعد. أطفال وصبية فى عمر الزهور ما بين الخامسة والرابعة عشرة كانوا يتسابقون فى ألعاب شعبية جماعية مُسلية، ومفيدة، وما زال بعضهم يمارسوها رغم اندثار كثير منها حتى اليوم، وهى كرة القدم والاستغماية وشد الحبل وألعاب جماعية أخرى، بسيطة ومتاحة، ساهمت فى تشكل وجدان وسلوك وجوانب مهمة فى شخصية أجيال كثيرة.
فى أحد شوارع مدينة أبوتيج بمحافظة أسيوط، ما زال بالإمكان رؤية صبية تتراوح أعمارهم بين الثانية عشرة والخامسة عشرة يلعبون كرة القدم فى الشوارع فى مباريات لا تخلو من القفشات والضحكات والخلافات فى بعض الأحيان. ويقول محمد عمر، طالب بالصف الثانى الإعدادى، إنه وأصدقاءه عادة ما يمارسون لعبة كرة القدم، عقب انتهاء اليوم الدراسى فى الشارع، لمدة تصل قرابة الساعة وبعدها يعودون إلى المنزل، وأضاف زميله طه سيد: «نلعب بالشارع لأننا غير مشتركين فى أى نادٍ»، مشيراً إلى أنهم تعودوا على ممارسة لعبة كرة القدم يوميا وعقب انتهاء المباراة يعودون للمنزل للمذاكرة.
وفى حارة مغلقة ووسط أكوام من القمامة والمخلفات، كانت الأطفال تلهو وتلعب ويقترح أحدهم المنافسة بينهم فى قوة العضلات من خلال لعبة «شد الحبل» وفيها يتم تقسيم اللاعبين إلى مجموعتين، كل واحدة تمسك بطرف الحبل، ويتم رسم خط على الأرض يفصل بين المجموعتين، ثم تحاول كل مجموعة أن تسحب الحبل، والمجموعة الأخرى كذلك لتتخطى الحد المرسوم على الأرض، والمجموعة الفائزة هى التى تنجح فى جعل المجموعة الأخرى تتخطى الخط المرسوم.
طالب إعدادى: «بنلعب كل يوم ساعة قبل العودة إلى المنزل للمذاكرة ومش مشتركين فى أى نادى»
وطلب الأطفال من والدة أحدهم حبل غسيل وقسموا أنفسهم فريقين، أحدهما يتزعمه «حسن» والآخر يتزعمه «يوسف»، وبدأت المباراة والفائز طرح المهزوم أرضاً لتعلو ضحكات الفائز ويمسك بيد المهزوم ليرفعه من على الأرض ليبدأوا لعبة جديدة وهى «الاستغماية».
فكرة «الاستغماية» كما هو معروف أن يغمض أحد اللاعبين عينيه ويعد حتى رقم معين وفى هذه الأثناء يبحث اللاعبون الآخرون عن مكان للاختباء فيه، ثم يبدأ هو بعد ذلك فى البحث عنهم ومن يمسك به هو من يربط عينيه، ويقول يوسف سعيد، 10 سنوات إنه وأصدقاءه من أطفال الحارة يومياً يمارسون هذه الألعاب «كرة القدم أو الاستغماية أو شد الحبل»، وأكد أن الشتاء ليس موسم اللعب بالبلى، بل يكون فى الإجازة بالصيف، ووقتها يتوفر «البلى» فى المحال التجارية ويمكن شراؤه واللعب به.
وذكر حسن محمد أن من بين الألعاب التى يمارسونها أيضاً فى هذه الأيام «المساكة»، وهى أن يقوم أحدهم بالجرى وراء اللاعبين الآخرين، محاولاً الإمساك بيد أحدهم، وبمجرد أن ينجح فى ذلك، يتحول اللاعب الذى أمسكت يده للشخص الذى يجرى وراء الجميع، وهكذا، وتنتهى اللعبة عندما يتعب الجميع.
ونظراً إلى أن الألعاب الرياضية الشعبية غير مكلفة ولا تشكل عبئاً مادياً على الأسرة، يسمح الآباء والأمهات لأبنائهم بممارستها، فمعظمها يعتمد على المشاركة فى ألعاب جماعية بها كثيرٌ من التسلية والمتعة للأطفال ممزوجة ببعض الصياح والضحك ودهاء الطفولة.