«الحاج ربيع»: «بقالى 45 سنة بأربى تماسيح فى بيتى»
«الحاج ربيع»: «بقالى 45 سنة بأربى تماسيح فى بيتى»
تربيته للتماسيح جعلته يعشقها كما لو كانوا أبناءه الصغار، آثار حبه لهم تظهر على ملامح وجهه العجوز، إنه «الحاج ربيع»، رجل سبعينى بسيط، يسكن فى قرية غرب سهيل بأسوان، خاض رحلة المعاناة الطويلة فى تربية التماسيح التى تُعد مصدر رزقه منذ 45 عاماً، خطورة تربيتها دفعته إلى أن يخوض التجربة الصعبة حتى أحبهم فاعتادوا عليه دون أذى: «القرية دلوقتى أغلب بيوتها بتربى التماسيح عشان يكسبوا منها، والسياح يدخلوا يشوفوها، لكن أنا أقدم واحد عاشت التماسيح جوه بيته، وعندى تمساح بقاله 20 سنة، بجيبهم صغيرين وأربيهم من زمان، كنت فى الأول بحبّبهم فيّا بأكل السمك لحد ما تعودوا عليا وبقوا يآمنوا ليا، وفتحت بيتى للسياح وللمصريين، ومابخدش من حد فلوس على الفرجة، لأن هدفى إن الناس تعرفنا، إللى بيشرب عندى شاى أو أى مشروب بيدفع تمنه بس، كأنه دخل قهوة أو كافيه، وفاتح بيتى لكل الناس».
فتحت بيتى للسياح والمصريين ومباخدش من حد فلوس على الفرجة
.. ريف النوبة .. الحياة الصعبة .. العند .. العزيمة .. الابتكار .. التحدي .. مصر الحقيقية .. حكايات نوبية .. قرى اسوان .. العند .. المر والفرح
لم يشغل «الحاج ربيع» باله بغلاء الأسعار وظروف المعيشة الصعبة، يعامل تماسيحه كأنها أبناؤه، مروجاً للسياحة فى بلده بطريقته الخاصة، دون استغلال السياح كغيره: «أنا بتعامل مع التماسيح كأنهم ولادى ومابخافش منهم، وبحاول أخلى الظروف ماتغيرنيش زى أغلب أهل قريتى، الأسعار بتزيد وبقينا نتأثر بيها، لكن مشاكل البلد مابتوقفناش عن إننا نشرّف بلدنا، ونخلى السياح يفضلوا ييجوا لينا، ويحبوا مصر وجمالها»، ويضيف «الحاج ربيع»: «عشان كده أنا مابكسبش حاجة قد فرحتى لما بلاقى السياح بيدخلوا عندى عشان يشوفوا بيوتنا النوبية، وتراثنا اللى لسه محافظين عليه، بالبيوت اللى لسه معمولة بالطين اللبن، ومرسومة بألوان مميزة، ومشغولاتنا اليدوية اللى من الخوص».
ببشرته الداكنة، وقبّعته البيضاء التى يظهر تحتها شعره الأشيب، يقف «الحاج ربيع»، خارج منزله حاملاً «مسّاكة الفحم»، ليحضّر «الشيشة» التى لا تفارقه، فلا يتركها طوال يومه إلا أثناء صلواته الخمس، أو انشغاله مع زوار منزله لالتقاط الصور مع التماسيح التى اعتاد على تربيتها داخل المنزل: «أنا من كتر حبى فى التماسيح عملت ليهم زى حوض كبير فى نص البيت يعيشوا فيه، وولادى وأحفادى اتربوا معاهم وما بيخافوش منهم، والتمساح اللى بيموت عندى ما برميهوش ولا بدفنه، بفضّى بطنه وبحط ملح وتبن عليه وأسيبه فى الشمس لمدة أسبوعين كده، وبعدين بخيّط بطنه لحد ما بيكون صلب وبعلقه فى البيت عندى للذكرى، وبحتفظ بيهم، ولحد دلوقتى أنا محنط 6 تماسيح كلهم كبار، وفيه منهم واحد صغير». منذ كان طفلاً صغيراً فى سن العاشرة وهو يعمل مع والده بنفس البيت، سنوات عدة لا ينكر أنه تعلّم فيها تربية التماسيح من أجداده: «البيت ده من أول بيوت القرية، من 100 سنة، عاش فيه جدودى وأبويا، وجدى أبو أبويا كان بيربى تماسيح برضو وبيحبها، وكنت بتعلم منه إنى ماخافش منها، وإزاى أحببهم فيّا ويتعودوا عليّا، وبمجرد ما التمساح بيشم ريحة صاحبه اللى اتربى على إيده لا يمكن يؤذيه، وأنا بعلم أحفادى اللى علّمه ليّا جدى وأبويا، وعندى أصغر حفيد عنده 6 سنين بيلعب مع التماسيح وبيأكّلهم ويشرّبهم كمان»، حالة من السعادة تنتاب «الحاج ربيع» كلما زاد عدد الزوار فى منزله، وتحديداً الأجانب: «الناس بقت تيجى ليّا بالاسم، وفيه أجانب بتقعد عندى بالساعات ياكلوا ويشربوا لأنهم بيحبوا قعدتنا، ودى عندى بالدنيا كلها، لأنهم أكيد لما يروحوا بلادهم هيحكوا عننا، واللى بييجى مرة عندنا ما بينسناش».