المصالحة وجهود توحيد الجيش: التدخلات القطرية - التركية تعرقل الجهود المصرية
وزير الخارجية سامح شكرى خلال اجتماع القبائل الليبية فى مصر
فى السابع عشر من ديسمبر عام 2015، وتحت إشراف الأمم المتحدة، أبرم الفرقاء الليبيون الاتفاق السياسى الموقع فى مدينة «الصخيرات» المغربية، والذى نشأ بموجبه المجلس الرئاسى وحكومة الوفاق المنبثقة عنه، إلا أنه مع الوقت تبين أن الاتفاق السياسى لم يكن وحده كافياً بالمرة، خاصة مع الفشل فى أن تحظى حكومة الوفاق على ثقة مجلس النواب الليبى، أو بوضوح أن تحوز اعتراف الشرق الليبى، وبقى الحال على ما هو عليه منذ هذا الاتفاق السياسى الذى اعتبره كثيرون على المستوى الدولى طوق النجاة لليبيين. وبسبب الحاجة للتغلب على ما لم يتم تداركه فى «اتفاق الصخيرات»، بدأت التحركات المصرية التى قادت فى مسار منفرد عملية توحيد المؤسسات العسكرية فى ليبيا، وقادت فى الوقت ذاته المسار الثانى الخاص بالمصالحة الوطنية الليبية وتحقيق التوافق السياسى بالتعاون مع تونس والجزائر، دولتى الجوار الليبى، واستضافت «القاهرة» بالفعل عدة اجتماعات ولقاءات لهذا الغرض.
مسئولة بـ«الخارجية»: لم تعد لدينا خيارات إلا الجلوس للحوار والتفاوض.. ونسعى للاستفادة من نجاح المصريين فى صد الأطماع الخارجية لأن ليبيا بلد غنى بالثروات
الدكتور محمد الشحومى، رئيس «الجمعية العامة للحراك الوطنى الليبى»، عضو بيان القاهرة الصادر فى ديسمبر 2016، قال فى اتصال لـ«الوطن»: «بالنسبة لتوحيد المؤسسة العسكرية، فإن اللجان المختصة بهذا الأمر اجتمعت 5 مرات فى مصر، وهناك اجتماع آخر هذا الشهر فى القاهرة وأتأمل بشكل كبير صدور قرارات التوحيد، خاصة أن هناك احتمالاً كبيراً جداً لحضور القائد العام للجيش الوطنى الليبى، المشير خليفة بلقاسم حفتر، وكذلك رئيس المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى، فائز السراج، للتوقيع على قرارات التوحيد». وأضاف: «هناك قرارات متتالية إلى حد ما بخصوص المؤسسة العسكرية، وعلى مستوى المصالحة الوطنية، مهما كانت هناك خلافات، فالمشكلة الرئيسية التى لا نزال نعانى منها هى التدخلات القطرية - التركية، لا نزال نعانى من مشروع الشرق الأوسط الكبير الذى كان بمثابة شراكة بين وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس، وتنظيم الإخوان الجديد أو التركى، لأن تنظيم الإخوان التاريخى انتهى حين كان مصرى المولد والنشأة والآن لا دور لأى مصرى فيه باستثناء بعض الشخصيات مثل يوسف القرضاوى، وهو بالأساس يتعامل مع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان». وتابع «الشحومى»: «لا يزال هؤلاء يعملون على الفتنة وعلى تقسيم المدن وعلى تأجيج الصراع ومحاولة عرقلة أى شىء يتوحد حوله الشعب الليبى، أما غير ذلك فهو غير مسموح به، تجدهم متورطين فى تهريب أسلحة وتهريب متفجرات، وتقديم الدعم الذى يأتى عندما يحدث كل تقارب بين الليبيين، كلما شعروا بتقارب بين الليبيين يتدخلون للفتنة بالقتل والاغتيال، ومنها اغتيال الشتيوى فى مدينة مصراتة الذى كان داعية حقيقياً للسلام». وقال «الشحومى»: «على صعيد المصالحة، القوى الوطنية استطاعت أن تحدث بعض التغييرات أبرزها استمرار اتفاق الصخيرات والاجتماعات التى جرت فى القاهرة لهذا الغرض، لا خلاف بين الليبيين، هناك اتفاق على الدستور واتفاق على الانتخابات واتفاق على تعديل المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى بأن يشكل من رئيس ونائبين، والاتفاق على الفصل بين رئاسة المجلس الرئاسى والحكومة، فكل الأمور متفق عليها ولا يعرقلها إلا التدخل القطرى - التركى السمج».
من جهتها، قالت مديرة المركز الإعلامى بهيئة الإعلام الخارجى التابعة لوزارة الخارجية بحكومة الوفاق الوطنى، لمياء الزليطنى، لـ«الوطن»، إن «تحقيق المصالحة الوطنية الليبية ليس مستحيلاً، الأسبوع الماضى مثلاً فى ليبيا كان هناك مؤتمر من أجل المصالحة، ولأول مرة فإن هناك عدداً من المتخصصين قدموا موضوعات لحل الخلافات الموجودة حالياً فى ليبيا، لأول مرة قدمت نحو 25 ورقة علمية لحل الأزمة الليبية بمختلف أشكالها: السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كل ما يتعلق بالمصالحة الوطنية ولكن على نطاق أشمل».
وأضافت «الزليطنى»: «حضرت مجموعة كبيرة من شيوخ وعمداء القبائل من المنطقة الشرقية ومن الجنوب، ونقله التليفزيون الرسمى نقلاً مباشراً، وبالتالى ما أريد قوله إن توحيد المؤسسات الليبية قريب جداً جداً، ومرحلة العدالة الانتقالية شارفت على الانتهاء، والآن هناك خطوات ثابتة أمام الليبيين ولم تعد لدينا خيارات، الكل الآن يسعى للجلوس والتفاوض، قد نفتقد الغربة السياسية نوعاً ما، ولكن الكل فى الوقت ذاته لديه الرغبة فى الجلوس والتحاور». وتابعت: «تخيل أن وزير الداخلية فى حكومة الوفاق بنفسه هو من أشرف على دخول عمد ومشايخ القبائل من المنطقة الشرقية، وكانت هناك مكاشفة واسعة، وكان هناك لقاء آخر للنائب العام الليبى فحضره المحامون العوام من كل أنحاء ليبيا».
وعن المعوقات التى تحول دون التقدم فى المصالحة وإنهاء الأزمة، قالت «الزليطنى»: «المعوق هو التدخلات الخارجية، التى استطاع المصريون غلق الأبواب أمامها، ليبيا بلد غنى بالثروات، والكل له أطماعه فيه».