عضو وفد الغرب الليبى لـ«مصالحة القاهرة»: ليس أمامنا إلا تقاسم السلطة ليتحرك القطار
بلقاسم قزيط
قال عضو مجلس الدولة الليبى، بلقاسم قزيط، إن إجراء انتخابات فى ليبيا خلال العام الحالى أمر مستحيل، معتبراً أنه لا حل فى المرحلة الحالية إلا القبول بتقاسم السلطة. «قزيط»، الذى مثل وفد الغرب الليبى فى اجتماعات المصالحة التى استضافتها مصر فى يوليو الماضى، قال فى حواره لـ«الوطن»، إن الطلبات غير المنطقية -على حد قوله- تجعل هناك كثيراً من الصعوبات أمام تحقيق المصالحة، إلا أنه فى الوقت ذاته أبدى تفاؤله بنتائج اللقاءات التى تستضيفها مصر على صعيد توحيد المؤسسة العسكرية، لكنه يرى أن مصر انخفض اهتمامها بالمصالحة الاجتماعية لحساب مسار توحيد المؤسسة العسكرية، وإلى نص الحوار:
بلقاسم قزيط لـ«الوطن»: إجراء الانتخابات خلال العام الحالى مستحيل.. ومصر زودتنا بنقاط مرجعية لبناء المؤسسة العسكرية
مصر رعت اجتماعات لأعيان وقبائل ليبيا وشخصياتها العامة من أجل المصالحة، هل توقف هذا المسار؟
- الحقيقة نحن فى «مصراتة» لا نزال متحمسين لمواصلة حوار المصالحة مع الشرق، وشهادة للتاريخ أن الوسيط المصرى كان نزيهاً، ويرقى للصورة التاريخية لمصر التى يحبها كل العرب والليبيون خصوصاً، ولقد لمسنا حرص وتفانى الأخوة فى مصر واستعدادهم لبذل كل شىء للتقريب بين الأخوة فى ليبيا.
ما الذى تحقق منذ اجتماعكم الأخير قبل أشهر فى القاهرة على صعيد المصالحة الوطنية؟
- أعتقد أن مسار المصالحة هو مراكمة للتقارب وتفهم الآخر وكسر الحواجز النفسية، ولا شك أن لقاء القاهرة كان نقطة فاصلة ومحورية، لكن الحقيقة كان ينبغى إكمال المشوار، ولا أذيع سراً إن قلت إن لنا مسارات أخرى تسير حثيثاً.
ما تلك المسارات الأخرى التى تقصدها؟
- الحقيقة فى مسارنا نحن المسار الاجتماعى لا يوجد أى لقاءات مجدولة ترعاها مصر، لكن لنا لقاءات مباشرة مع الأخوة فى الشرق، ومن ينتظر نتائج حاسمة من لقاء أو اثنين لا يفهم الحالة الليبية ولا يفهم عمق الشرخ فى النسيج الاجتماعى، نحن نتواصل مع كل القوى الفاعلة فى «برقة» بتنوعها واختلاف مقارباتها للحالة الليبية، ونحن سنتعامل مع الجميع فى «برقة» ولن نصطف مع أحد ضد آخر.
أطراف فى الشرق الليبى طالبوا الغرب بتعويضات، وقدموا كذلك مجموعة من المطالب، كيف تعاطيتم مع هذه المطالب؟
- ما حصل فى ليبيا مشكل سياسى، وأعتقد أن التعويض وجبر الضرر هو مسئولية الدولة، فلا أعتقد أنه من المنطق أن تعوض مدينة مدينة أخرى أو قبيلة قبيلة أخرى فى حرب مستعرة منذ 3 سنوات تتدخل بها أطراف دولية وإقليمية، وفى كل الأحوال الطلبات غير المنطقية تجعل مسار المصالحة يعانى صعوبات كبيرة، فى كل الأحوال لا أعتقد بأن هذه الطلبات جادة.
ننتقل إلى محور الانتخابات، هل تتوقع أن تجرى انتخابات فى العام الحالى كما تخطط الأمم المتحدة؟
- إذا استطعنا الوصول إلى انتخابات قبل نهاية 2019، نكون من سعداء الحظ، والبعثة الدولية تفتقد البصيرة اللازمة ولا تمتلك خطة حقيقية فى ليبيا.
وبالتالى، أنت تستبعد إجراء انتخابات خلال العام الحالى كما تخطط الأمم المتحدة؟
- أنا متأكد من استحالة إجراء الانتخابات خلال العام الحالى 2018، نعم نحن بحاحة إلى أن تهدأ الأجواء على الأقل حكومة واحدة وجيش واحد.
وماذا عن الدستور الليبى، هل سيتم الاستفتاء عليه هذا العام أو فى الأشهر المقبلة؟
- ما يقال عن الانتخابات يقال عن الدستور، نحن بحاجة إلى قليل من الهدوء، هناك صعوبة كبيرة أن يمرر مجلس النواب مشروع قانون الاستفتاء فى وجود معارضة له فى «برقة»، وحتى لو مرره البرلمان وهذا بعيد الاحتمال لن يحصل على الثلثين للأسباب أعلاه.
لقاءات الحوار فى مصر كانت نقطة فاصلة ومحورية.. والطلبات غير المنطقية تضع صعوبات كبيرة أمام مسار المصالحة
على صعيد توحيد المؤسسة العسكرية، هناك اجتماعات ترعاها القاهرة.. إلى أى مدى برأيك تساهم هذه الاجتماعات فى تقريب وجهات النظر بين العسكريين الليبيين؟
- بالنسبة للقاءات التى أجريت فى مصر بهذا الشأن، أعتقد أنها تقدمت بشكل كبير، حيث عقدت فى مصر 4 أو 5 لقاءات، بالتأكيد العسكريون لن يستطيعوا حسم كل شىء فى المؤسسة العسكرية، لأن بعض القضايا بحاجة إلى توافقات سياسية، لكن أعتقد أنهم عملوا بشكل مهنى على أعلى مستوى، يكفى أنه الآن العسكرى فى المنطقة الشرقية لا ينظر إلى العسكرى فى المنطقة الغربية كعدو له أو العكس، يعملون كفريق واحد وهذا تقدم كبير، كان لمصر الحقيقة دور كبير فيه، الفريق الذى رعى تلك الاجتماعات فى مصر، كذلك كان فريقاً على أعلى مستوى، ويوفر الأجواء الداعمة لكل التوافقات الممكنة، والجيش المصرى كان يزود الفريق الليبى المشارك فى الاجتماعات سواء من الشرق أو الغرب بنقاط مرجعية فى ما ينبغى أن تكون عليه المؤسسة العسكرية الليبية بشكلها، باعتبار أن المؤسسة العسكرية المصرية هى الأعرق فى البلاد العربية.
هل توحيد المؤسسة العسكرية برأيك هو حجر الزاوية لحل الأزمة الليبية؟
- المشكلة الليبية أصبحت متعددة الأبعاد، لا شك أن توحيد البندقية الليبية فى غاية الأهمية، والصراعات الأهلية فيها يوجه الأخ بندقيته إلى أخيه، فى حال توحدت البندقية وتم بناء مؤسسة عسكرية ليبية موحدة وكانت البندقية موجهة إلى عدو الوطن كالإرهاب أو العدو الخارجى أعتقد أننا بهذا نكون قطعنا شوطاً كبيراً جداً، لا أستطيع القول إن توحيد المؤسسة العسكرية سينهى كل المشكلات، ولكن توحيد المؤسسة العسكرية الليبية والمؤسسات السياسية له قيمة كبيرة، فهو فى غاية الأهمية، نحن تحركنا فى مسار توحيد المؤسسات السياسية فى البلاد، وعندما تحركنا لذلك اكتشفنا أننا بحاجة إلى توحيد المؤسسة العسكرية، لأن كل ما جرى فى «الصخيرات» بالمغرب كان حواراً لتوحيد المؤسسات السياسية والسيادية، لكن ثبت أن المؤسسة العسكرية هى الأخرى بحاجة إلى تقارب وإلى توحيد أيضاً.
وهل تحركات مصر على هذا المسار برأيك إدراك منها لأهمية توحيد المؤسسة العسكرية؟
- الحقيقة لا أستطيع أن أتكلم عن النوايا المصرية، لكن مصر لها سابقة، فالجيش الليبى هو تأسس تاريخياً فى مصر باسم الجيش السنوسى، وبالتالى المؤسسة العسكرية فى مصر تفهم طبيعة المؤسسة العسكرية فى ليبيا وقريبة منها، ثم أنا أستطيع القول كما شرحت فى السؤال السابق إن المؤسسات السياسية لن نستطيع توحيدها دون توحيد المؤسسة العسكرية، وفى تقديرى فإن من هذا المنطلق كان مجهود الأخوة المصريين لاستدراك بعض القضايا التى لم تحظ بالعمق الكافى أو بالتفاهمات الكافية من خلال اتفاق الصخيرات.
وهل حكومة الوفاق برأيك أدت ما عليها تجاه الليبيين؟
- الحقيقة أن حكومة الوفاق إذا أردت إجابة حاسمة حولها بالسؤال نجحت أم فشلت، فالحقيقة حكومة الوفاق فشلت، ولم تحقق الهدف الأسمى لها وكان هو توحيد الدولة الليبية، قبل قدوم حكومة الوفاق كان لدينا حكومة فى الشرق وحكومة فى الغرب، الآن أيضاً لدينا حكومة فى الشرق وحكومة فى الغرب، الفرق الذى حدث أن الحكومة الشرعية كانت فى شرق البلاد، والحكومة التى كانت فى غرب البلاد كانت غير شرعية، وما حدث العكس الآن، وهو أن الحكومة التى فى الشرق هى الحكومة غير الشرعية، والحكومة التى فى الغرب هى الحكومة الشرعية، أما بالنسبة لأحوال الانقسام فبقيت كما هى وعلى حالها، ولذلك أعتقد أن الهدف الأساسى من الاتفاق السياسى لم يتحقق، صحيح تحققت أهداف أخرى لست متأكداً أنها من نواتج الاتفاق السياسى، على سبيل المثال حالة الاستقطاب السياسى فى البلاد انخفضت، وما نراه فى وسائل الإعلام غير موجود فى الشارع، الاستقطاب السياسى وصل ذروته فى 2014 و2015 بين المدن والقبائل فى الشرق الليبى، والآن هذا الأمر غير موجود، أيضاً الآن أعتقد لا يوجد قتال بين الليبيين كما كان فى السابق، هناك قتال فى «بنغازى» و«الوطية» و«حدود طرابلس»، لكن حدة الصراع خفت، وفى تقديرى هذا هو نتاج جهود كثيرة أنتجت الاتفاق السياسى والانخفاض فى التوتر، أيضاً حكومة الوفاق لا أقول إنها فاقمت المعاناة الاقتصادية، ولكن فى وجودها تفاقمت المعاناة الاقتصادية.
وماذا عن مسألة تعديل الاتفاق السياسى نفسه؟ هناك حديث مستمر لكن دون تغيير فعلى؟
- أعتقد أن هناك قوى حقيقية تعرقل الوصول إلى اتفاق لتعديل الاتفاق السياسى، لدينا شخصيات مهمة لا أريد تسميتها الآن، إذا كان تعديل الاتفاق السياسى سيقصف بها عالياً فى مرتبة أعلى من مراتب السلطة فهو يدعم هذا الاتفاق، وإذا كان التعديل سيقلل من حجم السلطة التى لديه فهو غير مضطر للمجازفة لتعديل الاتفاق السياسى، هذه الأسماء موجودة فى الأجسام السياسية الكبرى الثلاثة، فى مجلس الدولة وفى المجلس الرئاسى وفى مجلس النواب، أعتقد أن هذا التغيير ممكن ولكن لا أتوقع أن يكون قريباً فى شهر أو اثنين، ولكن للوصول إليه فإن بعض القيادات السياسية التى لا تحظى بقبول فى الشارع الليبى، لكن تتمترس فى بعض القنوات المهمة لإنتاج القرارات، يجب أن تترك فرصة لإنتاج حل سياسى.
أخيراً، هل ترى أن إقامة نظام لتقاسم السلطة يمثل مخرجاً؟
- لا أعتقد، لأن هذا سيكون محاصصة مقيتة تنتج نظاماً سياسياً مريضاً، نتمنى أن نتجاوزها لاحقاً، لكن بالتأكيد فى هذه المرحلة ليس أمامنا إلا هذا التقاسم ليطمئن الجميع، وعلى المدى الطويل إذا استمر الوضع بهذا الشكل أى «المحاصصة المقيتة»، أعتقد أن الدولة لن تستطيع أن تكون بعافية، ستكون دولة ربما أكثر استقراراً، وستكون دولة مريضة بها معدلات فساد عالية جداً، لكن فى المرحلة الحالية لا مناص من قدر من المحاصصة وقدر من تقاسم السلطة، عسى أن يتحرك القطار ولو قليلاً.