تحركات الأمم المتحدة.. محاولات إجراء الانتخابات تصطدم بواقع الانقسام والاستقطاب وغياب الأمن
مبعوث الأمم المتحدة مع رئيس مفوضية الانتخابات
تضع الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى ليبيا، غسان سلامة، على رأس أولوياتها الذهاب إلى انتخابات فى ليبيا كمخرج أساسى للأزمة المتفاقمة فى البلاد والمتصاعدة منذ عام 2014، بعد انقلاب تيار الإسلام السياسى والميليشيات الموالية له على نتائج الانتخابات البرلمانية فى هذا العام، بعد أن فقدوا أغلبيتهم فيه. ويضع المبعوث الأممى إلى ليبيا ضمن خطته إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية خلال العام الحالى أو منتصف العام الحالى كما خطط هو لذلك.
خطة إجراء الانتخابات وفقاً للأمم المتحدة، تتزامن مع جهود ترعاها مصر ودول الجوار الليبى لتوحيد المؤسسات السياسية فى البلاد، فضلاً عن توحيد المؤسسة العسكرية، إلا أنه بحسب مراقبين فإن جملة من العقبات ربما تجعل من المستبعد الذهاب إلى الانتخابات فى العام الحالى، ومن ثم إرجاء الأمم المتحدة خطتها.
عبدالمنعم بالكور، عضو مجلس النواب الليبى المؤيد للمجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى، يقول لـ«الوطن»، إن «إجراء الانتخابات فى ليبيا له سيناريوهان اثنان؛ إما انتخابات تجرى وفق الدستور وفى ظل الدستور، وإما أن تجرى الانتخابات فى غير وجود الدستور». وأضاف «بالكور»: «الانتخابات وفق الدستور تتطلب أولاً إصدار قانون للاستفتاء على الدستور، وإذا ما تم قبول هذا الدستور سيتم إصدار القوانين المكملة كقانون إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وبالتالى يصبح على الأقل المناخ التشريعى أو البيئة التشريعة ملائمة». وتابع: «هذه أمور ينبغى أن تكون موجودة وفق هذا السيناريو، ولكن هناك عدة عراقيل تحول دون خروج قانون للاستفتاء من مجلس النواب، وكذلك تصويت المواطنين أنفسهم بالقبول أو الرفض لهذا الدستور».
أعضاء بـ«النواب»: البيئة التشريعية والأمنية غير ملائمة.. وهناك اختلافات بين النواب حول إصدار قانون الاستفتاء على الدستور فى الوقت الحالى.. و«بعيرة»: الانتخابات قد تنتج أشخاصاً ليسوا على المستوى.. وعلى المجتمع الدولى إعادة النظر فى حلوله
وقال عضو مجلس النواب الليبى: «السيناريو الثانى.. إجراء الانتخابات بناء على مرحلة انتقالية رابعة فى ليبيا، بحيث يجرى مجلس النواب تعديلاً دستورياً من خلاله يؤسس لمرحلة انتقالية جديدة، يتم من خلالها إجراء انتخابات قد تكون رئاسية أو برلمانية، وهذا أمر صعب فى الوقت الحالى». وأضاف «بالكور»: «وبالتالى أعتقد أن إجراء انتخابات فى العام الحالى 2018 أمر صعب جداً يتطلب توفير البيئة التشريعية والقانونية المناسبة، وكذلك البيئة الأمنية، بحيث يستطيع المرشحون القيام بالدعاية الانتخابية، وهذا صعب أيضاً، ولذلك فى رأيى الأفضل؛ طرح الدستور للاستفتاء وإصدار قانون للاستفتاء عليه ثم إجراء الانتخابات، هذا هو السيناريو الأسلم».
وحول خطة المبعوث الأممى غسان سلامة لإجراء انتخابات ليبية خلال عام 2018، قال «بالكور»: «أعتقد أن غسان سلامة تراجع عن هذه التصريحات، وأصبح هناك وعى بالحالة الليبية من قبله، هى حالة معقدة جداً.. انقسامات وصراعات، وبالتالى لاحظنا أنه قد تكون بعض التصريحات تهدف لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وقد يكون الهدف منها الضغط على السياسيين فى ليبيا، وربما يكون الأمر ناتجاً عن عدم وعى من المبعوث الأممى، ما يعنى أنه قد يصطدم بالواقع الليبى».
الدكتور أبوبكر بعيرة، رئيس فريق الحوار الوطنى الليبى سابقاً والعضو الحالى بمجلس النواب الليبى من الشرق، قال إنه «من الصعب جداً أن تجرى الانتخابات خلال عام 2018، لأن الانتخابات تحتاج إلى استقرار أمنى، والبلد لا يزال مضطرباً، وحرب الجنوب فى الأيام الماضية خير شاهد على ما أقول، وفى المدن الرئيسية الليبية لا تزال هناك مشكلات واختطافات، وبالتالى فالوقت غير ملائم وغير مناسب لإجراء الانتخابات». وأضاف «بعيرة»: «حديث الأمم المتحدة عن إجراء انتخابات لمجرد تخفيف الخلاف السياسى بعض الشىء، والأمر ذاته بكل تأكيد ينصرف على مسألة الاستفتاء على الدستور، وهناك اختلافات بين النواب حول إصدار قانون للاستفتاء على الدستور فى الوقت الحالى، والأطراف السياسية متباعدة جداً فيما بينها حول هذه المسألة، وفى ظل الانقسام السياسى الحالى، فإن أى محاولة للحل من خلال إجراء انتخابات أو إقرار الدستور حل صعب التطبيق». وقال عضو مجلس النواب الليبى إن «الأمم المتحدة بحاجة إلى إعادة النظر فى خطتها للحل فى ليبيا، وهذا سيحدث إما عاجلاً أو آجلاً، أعتقد أن الخطة التى طرحتها الأمم المتحدة للحل فى ليبيا غير عملية وبالتالى لا بد من إعادة النظر فيها بكل تأكيد». واستبعد «بعيرة» أن يتم إجراء انتخابات فى ليبيا فى أى وقت فى ظل الاستقطاب الحالى، وقال إن «هناك كثيراً من الأطراف التى تعمل على عرقلة الانتخابات، وحتى لو أجريت من الممكن أن يتم الطعن فيها وإبطالها، طالما الأطراف السياسية متباعدة فيما بينها وغير قادرة على تشكيل حكومة مركزية واحدة ذات قرار واحد تدير الانتخابات، وهذا الأمر غير وارد فى ليبيا حالياً». وقال «بعيرة»: «الانتخابات أمر مهم، وقد تنتج أشخاصاً ليسوا على المستوى المطلوب فى المرحلة الأولى ولكن هى أمر مهم يساعد فى الحل إذا توافرت لها الظروف الملائمة».