جلسة ساخنة فى «جون هوبكينز» الأمريكية عن الإصلاح فى مصر
جانب من جلسة جامعة «جون هوبكينز» فى واشنطن
نحو عام ونصف مرت على بدء الحكومة تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى، ومن وقتها لا تزال التساؤلات تتجدد، غير أن نوعية التساؤلات بعد مرور تلك الأشهر تبدلت لتتجاوز الحديث عن حتمية البرنامج وضروريته إلى محاولة رصد ما تم تحقيقه وما وصلت إليه الأمور، وإلى الحديث عن «قصص نجاح» حقيقية تم إنجازها، لكن لم يتم تسويقها بالقدر الكافى بعد.
على مدار أكثر من ساعتين تقريباً سيطرت التساؤلات والتفاؤل الحذر من جانب بعض المتابعين الأمريكيين للاقتصاد المصرى على أجواء جلسة ساخنة عقدتها جامعة «جون هوبكينز» فى واشنطن بمشاركة غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة التى تقوم حالياً برحلتها رقم 41 لـ«طرق الأبواب»، وهى الجلسة التى تحدّث فيها المهندس طارق توفيق، رئيس الغرفة ورئيس بعثة طرق الأبواب، مؤكداً أن مصر أصبح لديها نموذج أعمال جديد يعتمد على التصنيع والتوسع والتصدير ويختلف عن النموذج القديم الذى كان يتركز على التجارة.
وأكد «توفيق»، خلال اللقاء الذى دعت إليه الجامعة وعُقد تحت عنوان «القطاع الخاص المصرى فى مواجهة تحديات المناخ الإقليمى»، أن التحول الذى حدث فى قطاع الصناعة من نمو سلبى إلى معدل نمو إيجابى «يعكس وجود قصة نجاح مصرية لم يكن أحد يتصور قبل عامين حدوثها». وأشار إلى أن مصر لا تجيد تقديم نفسها إلى الدوائر الخارجية المختلفة رغم أن لديها ما تقوله على صعيد إصلاح بيئة الأعمال وإصلاح سعر الصرف وتوفير الطاقة بل ومضاعفتها خلال عامين، فضلاً عن زيادة الصادرات وتأسيس بنية تحتية عصرية وتقليل زمن إصدار التراخيص وتحسين البيئة التشريعية الحاكمة للاستثمار واستعادة حيوية الحركة السياحية.
رئيس الغرفة الأمريكية: البيروقراطية أبرز العقبات.. ونحتاج لتسويق «قصص النجاح» فى الخارج.. و«عيسى»: تجربة الإصلاح الاقتصادى حققت نجاحات ملموسة فى مصر.. و«يونس»: هناك سهولة فى جلسة التواصل مع المسئولين فى مصر لحل أى مشكلات تتعلق بالاستثمار
وأوضح «توفيق» أنه رغم حدوث تقدم فى مجال الإصلاح الإدارى والحد من البيروقراطية فإن هناك الكثير مما يجب عمله فى هذا الشأن، مضيفاً أن من شأن ذلك رفع مكانة مصر فى تقرير ممارسة الأعمال بشكل جيد. وخلال اللقاء قال رئيس الغرفة إن مصر تركز حالياً على الموجة الثانية من الإصلاحات التى تتضمن تعميق ما تم وإضافة إصلاحات هيكلية على المؤسسات والشركات الحكومية.
وأضاف: من أجل ما تحقق من إصلاح فإن البنوك العالمية الكبيرة مثل «سيتى جروب» و«إتش إس بى سى» تتوقع أن تحتل مصر المرتبة رقم 20 عالمياً من الناحية الاقتصادية عام 2050، موضحاً أن الوصول لمثل هذا الهدف يتطلب المزيد من الشفافية وحوكمة الإدارة. وأكد «توفيق» أن قيام مصر بفتح باب القطاع الخاص للاستثمار فى السكة الحديد وفى استيراد وتداول الغاز الطبيعى ووضع تعريفة مناسبة للاستثمار فى مجال الطاقة المتجددة عزّز من مصداقية الحكومة فيما يتعلق بتوسيع مشاركة القطاع الخاص والاستثمار الأجنبى فى النشاط الاقتصادى.
وأوضح «توفيق» أن مصر تستخدم 70% من المياه فى الرى وأن تغيير نظام الرى الحالى من شأنه توفير 50% من المياه وأن يقلل الفواقد التى تصل لنحو 20%، مضيفاً: من شأن ذلك مع إجراءات أخرى لترشيد استخدام المياه فى البيوت والمصانع والشوارع زيادة قدرة مصر على التعامل مع مشكلة المياه.
فيما قال أحمد عيسى، عضو بعثة طرق الأبواب، إن تجربة الإصلاح الاقتصادى التى نفذتها مصر خلال فترة العام ونصف الماضية حققت نجاحات ملموسة شهدت عليها كافة مؤسسات التقييم العالمية، حيث كان هناك إصرار من جانب البنك المركزى المصرى على إصلاح منظومة السياسات النقدية التى تُعد من أهم النقاط التى يراقبها المستثمرون.
وأضاف أن الجهاز المصرفى لديه ودائع تتجاوز 3 تريليونات جنيه، فى نحو 39 بنكاً، حيث تُعد تلك الأموال سيولة نقدية جاهزة لتمويل الاستثمارات فى مختلف المجالات، ما يعزز دور القطاع الخاص فى توفير الوظائف وتعزيز معدلات النمو، لافتاً إلى أن عجز الموازنة العامة للدولة يسير فى طريقه الصحيح.
وأكد «عيسى» أن مصر لديها أفضل عائد على الاستثمار، وأن أغلب المستثمرين الذين تركوا السوق المصرية شعروا بالندم على قرارهم بعد ذلك، موضحاً أن الحديث عن آثار برنامج الإصلاح الاقتصادى على الطبقات الفقيرة أمر طبيعى، وأضاف: الإصلاح كان ضرورياً وكان لا بد أن يحدث، وأعتقد أن الحكومة تتعامل بشكل جيد جداً فى معالجة الآثار الجانبية لهذا البرنامج.
وتابع: المصريون يفهمون جيداً ما يحدث، ويتحملون، لكن هناك فى المقابل تفاؤلاً بالنتائج فى نهاية الأمر، معتبراً فى الوقت ذاته أن الشركات التى لم تستثمر فى مصر حتى الآن «لديها الكثير لتخسره».
وقالت داليا شريف، عضو بعثة طرق الأبواب، إن هناك الكثير من قصص النجاح فى مجال ريادة الأعمال بمصر، ويجب أن يتم إبرازها، رافضة القول بأن الحكومة المصرية لم تتمكن من تسويق الإصلاحات الاقتصادية فى الخارج، قائلة: إن مصر تحاول التسويق لقصص النجاح، والغرفة الأمريكية تقوم بجزء من ذلك، لكن الأمر يجب أن يسير فى اتجاهين، الأول من خلال الحكومة المصرية التى من دورها القيام بالتسويق لما يحدث وإبرازه، والثانى من خلال المستثمرين الأجانب أنفسهم الذين يجب أن يبذلوا المزيد للتعرف على التجربة الحالية فى مصر. وقال تامر يونس، ممثل شركة «بروكتر آند جامبل» وعضو البعثة، إن شركته تنظر إلى السوق المصرية كمركز هام لاختراق الأسواق المحيطة، وأكد أن تكلفة الطاقة والعمالة وحتى الأراضى الصناعية ما زالت جاذبة للاستثمار، موضحاً أن هناك سهولة فى التواصل مع المسئولين فى مصر لحل أى مشكلات تتعلق بالاستثمار.
وأكد أن السوق المصرية سوق واعدة نظراً للتعداد السكانى المرتفع، لافتاً إلى أن الشركة أدركت أهمية تلك السوق لذا قامت بمراعاة التوازن بين التصدير والبيع فى السوق المحلية التى تستوعب المنتجات حال تضرر الأسواق التصديرية للشركة.