الشيخ «البوريكى»: دورى تحديد المناطق اللى ينفع يتبنى عليها المشروع
الشيخ سليمان البوريكى
داخل غرفة تملأ جدرانها «ماكيتات» ورسومات مشروع جامعة الملك سلمان، يجلس على كرسيه متأملاً الأوراق المتناثرة من حوله، متذكراً أول أيام مشاركته فى المشروع، بتحديد المناطق التى يمكن البناء عليها بفرع الجامعة فى الطور، على مساحة 205 أفدنة، دون الحاجة إلى أجهزة ومعدات، فخبرته فى الصحراء التى يعيش بداخلها سنوات طويلة، لكونه واحداً من أهل بدو سيناء، دفع مهندسى مشروع جامعة الملك سلمان للجوء إلى خبرته، بجانب الأجهزة والمعدات، فى تحديد النقاط التى يمكن البناء عليها فى الصحراء، توفيراً للوقت وإنجازاً للعمل فى الوقت المحدد.
الشيخ سليمان البوريكى، الذى لديه خبرة بطبيعة الأراضى الصحراوية، اكتسبها عبر السنين، اعتاد أن يتصفح الصحراء منذ بداية دراسات المشروع بالموقع عام 2017، يسرح وهو يتذكر عمله بالمكان فى اليوم الأول: «أنا دورى تحديد المناطق اللى ينفع يتبنى عليها المشروع، لأن فيه مناطق فى الصحرا بتكون ضعيفة أو تحتها ميّة، ومش صالحة للبناء عليها، وأنا من كتر ما حافظ الصحرا اللى عايش فيها بقالى 45 سنة، عندى خبرة، بمجرد ما أشوفها أعرف إيه اللى ينفع واللى ماينفعش، واكتشفت كذا مكان فى أرض المشروع مينفعش يتبنى عليها، وفيه حتت طلعتها ميتبنيش عليها أكتر من دورين».
ثقة المهندسين وكل مسئول فى المشروع فيّا حاجة كبيرة
حالة من السعادة والفخر تنتاب الشيخ الأربعينى، لمشاركته فى مشروع قومى ضخم، بحسب وصفه: «ثقة المهندسين وكل مسئول فى المشروع فيّا لاختيارى الأماكن المناسبة للبناء دى حاجة كبيرة بالنسبة ليا، وأفتخر بيها، ومش أنا لوحدى اللى بساعدهم، فيه أكتر من بدوى فى المنطقة بيساعدونى عشان طبعاً مساحة المشروع ضخمة، والحمد لله مفيش مكان قلت عليه ينفع يتبنى عليه وطلع مينفعش».
بلهجته البدوية، يصف «البوريكى» المكان بعد ظهور أسياخ الحديد وطوابق البناء بأنه «يشرح القلب»، حركة العمال والسيارات الضخمة صباحاً، وفى المساء أنوار المصابيح التى لا تنقطع، بعد أن كانت الصحراء عتمة فى الظلام، قائلاً: «إحنا طول عمرنا عايشين فى الصحرا ومفيهاش حياة، ده غير إننا فى سينا ماكانش عندنا جامعة لأولادنا يدرسوا فيها، لكن دلوقتى الوضع اختلف، الجامعة فاضل ليها أقل من سنة وتشتغل، وعيالنا هيكونوا فيها بدل تعبهم فى الجامعات اللى فى المحافظات البعيدة، وده فعلاً إنجاز»، يستكمل «البوريكى» حديثه بشرح طبيعة عمله داخل المشروع، قائلاً: «أنا بعرف الأرض تنفع ولّا ماتنفعش بإيدى، الحياة فى الصحرا خلتنى أعرف طبيعتها كلها، بشوف رملة الصحرا ومن شكلها ولون الرملة اللى تحتها بعرف على طول إن كان ممكن يتبنى عليها وكمان كام دور ولحد فين مساحتها، بدل الأجهزة اللى بتحفر فى الأرض وبتاخد وقت ومجهود».
بجلباب أبيض، وعقال أسود اعتاد أن يرتديه «البوريكى» على رأسه، يقف وسط العمال بأرض المشروع، لتحفيزهم على إنجاز العمل، طوال فترة وجوده بالمكان: «العمال هنا بيحبونى، لأنى بتعامل معاهم زى ولادى واخواتى وعلى طول معاهم، أغلبهم شباب قد ابنى، وبفرح لما بشوفهم شغالين وبحاول أحفزهم بدل قعدتهم فى البيوت، المشروع فعلاً فيه عدد عمالة كبير وده كده فى مشروع واحد، يعنى حاجة تفرح وبداية إن البطالة تنتهى من البلد، ده غير إن صحرا سينا هيبقى فيها تنمية وتعليم، بداية من مشروع الجامعة لحد مشروعات كتير جهاز تعمير سينا بدأ يشتغل فيها عشان ينمّوا الصحرا».