قانونيون يختلفون حول «التبول فى الشارع»: فريق يراه طبيعياً.. وآخر: يؤذى الذوق العام
ياسر سيد - فهمى بهجت
اختلف القانونيون على تفسير ظاهرة التبول فى الشارع، ومدى جواز اعتبارها فعلاً فاضحاً يستوجب العقوبة المقررة قانوناً كباقى الأفعال المخلة بالآداب العامة التى يجرمها القانون من عدمه، حيث اعتبرها البعض أفعالاً لا ترقى للفعل الفاضح، معتبراً أنها حاجة إنسانية قد تدفع أذى عن القائم بها لكونه مريضاً أو مسناً ولم يجد مكاناً يقضى فيه حاجته، فيما اعتبر البعض أنها أفعال تؤذى الذوق العام وتخل بالآداب، خاصة لو توافرت الأماكن الطبيعية لها وعدم وجود ما يضطر الإنسان لفعل ذلك فى الطريق العام. ونصت المادة (278) لقانون العقوبات على أن أى فعل فاضح يخدش الحياء ويتم فعله علانية، يعرض صاحبه للعقوبة كالتالى «الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة تتراوح من 3000 جنيه إلى 5000 جنيه، أو أن تكون العقوبة بأحدهما»، وهى العقوبة التى يستند إليها أصحاب نظرية معاقبة المتبولين فى الشارع، على اعتبار أنها من الأفعال التى تخدش حياء المواطنين الذين يشاهدون هذا التصرف فى الشوارع والميادين بخاصة السيدات. ياسر سيد أحمد، «محام»، أكد أن التبول فى الشارع، فعل اضطرارى يلجأ له الشخص فى معظم الأحيان لعدم وجود بديل كالحمامات العمومية فى الشوارع والمناطق المختلفة، ما يدفع الشخص للبحث عن أقرب مكان يقضى فيه حاجته، مؤكداً أنه فى تلك الحالة لا يتوفر القصد الجنائى فى واقعة الفعل الفاضح، إلا أنه قد يندرج تحت مسمى خدش الحياء فى ظل بعض الظروف، وأن الفعل الفاضح العلنى يستلزم أن القائم به يقصد فعله فى الطريق العام وهو «القصد الجنائى»، ويرى فهمى بهجت، «محام»، أن فعل التبول فى الشارع لا يعتبر فعلاً فاضحاً، لأن تلك الجريمة فى القانون لها ركن معنوى وهو القصد الجنائى، وهو غير متوافر فيمن يقوم بهذا السلوك، فهناك مرضى السكر وكبار السن قد تضطرهم الظروف الصعبة إلى التبول فى الشارع، فلا يوجد لديهم قصد من ارتكاب الفعل الفاضح، وأضاف: «هنا نجد أن الحل الأمثل يتلخص فى قيام الدولة بتوفير دورات عمومية بدلاً من سن قوانين يصعب على رجال الشرطة تطبيقها فى ظل الظروف الراهنة».
«ياسر»: قد يكون فعلاً اضطرارياً لكنه يخدش الحياء العام
ويقول المحامى هانى محمد إن التبول فى الشارع يُعد جريمة وفعلاً فاضحاً فى الطريق العام، ولكن يجب أن نلتمس العذر لبعض من يقومون بذلك، فالمراحيض العامة لا تتناسب مع الاستخدام الآدمى، فضلاً عن عدم كفايتها من حيث العدد، مما يضطر هؤلاء للتبول فى الشارع، وهو ما يثبت تقصير الدولة فى هذا الصدد، وأضاف «محمد» أن الأمن يتفهم أن هذا قد يكون تصرفاً لا إرادياً من الأشخاص، مؤكداً أن القانون يعاقب عليه باعتباره فعلاً فاضحاً فى الطريق العام بحد أقصى للعقوبة شهر حبس، حيث يعتبر أن ذلك ظرف طارئ وغير متعمد.
أما المحامى محمود الملط، فيعتبر التبول فى الشارع جريمة أخلاقية وقانونية، قائلاً: «الموضوع برمته يتلخص فى ثقافة الشعب، فنجد أن أغلب من يرتكب تلك الأفعال هم من الطبقة المتوسطة التى لم تنل قسطاً وافراً من التعليم، فلا يوجد ذلك فى الأماكن الراقية، مشدداً على أن التبول فى الشارع يُعد فعلاً فاضحاً فى الطريق العام، والتصدى للظاهرة لا يكون بالقانون فقط، بل بالتوعية والثقافة.
وأضاف «الملط» أن هناك شقاً آخر للموضوع، حيث إنه قد يكون هناك أحد الأشخاص له ظروف صحية، ولا يستطيع التحمل مما يضطره لقضاء حاجته فى الطريق العام، وهناك مشاكل كثيرة تستحق النظر إليها، وسببها عدم توعية المواطن، لأن الحكومة وحدها لا تستطيع القيام بمواجهة الظاهرة.
ويقول المحامى رضا على إن ارتكاب مثل هذه الأفعال يُعد جريمة يعاقب عليها القانون، لكن الحل يكمن فى توعية المواطنين أولاً بأضرار ذلك على الصحة العامة وعلى المنظر الجمالى للبيئة المحيطة، مؤكداً أن القانون وحده لا يكفى للتصدى لتلك الظاهرة، التى تفشت بسبب عدم الوعى لدى مرتكبيها، على حد قوله.