مُربّون: منع التصدير مؤامرة عصفت بـ«تجارة الخيل».. وقطر المستفيد الأول
الحاج يحيى الطحاوي أحد المربين بالشرقية وسط مزرعة الخيول
بدأت علاقته بالخيل منذ نعومة أظافره، وارتبط بها ارتباطاً وثيقاً، أسوة بأجداده وآبائه، وظل يحرص على اقتناء الخيول العربية والمصرية الأصيلة رغم أنها تكبده خسائر مادية، يقول يحيى عبدالستار عبدالحميد الطحاوى، صاحب مزرعة خيل بقرية سعود، التابعة لمركز الحسينية: «حجر العثرة أمام النهوض بتربية الخيول هو التصدير حيث تم رفع الحظر شكلياً، لكن عملياً يعد الحظر مستمراً كما هو منذ عدة سنوات بسبب شروط التصدير الجديدة».
وتابع «الطحاوى»: «رسوم إجراءات الحجر البيطرى أصبحت عبئاً على جموع المربين حيث يتم الحجر لمدة 3 أشهر قبل التصدير تكلفة الشهر الواحد ألف دولار ليصل الإجمالى لـ3 آلاف دولار بما يعادل 55 ألف جنيه مصرى فى حين أن التكلفة المفترضة لا تتعدى 2000 جنيه فى الشهر. وأردف: «قبل قرار الحظر منذ نحو 7 سنوات، كان يتم الحجر فى إسطبلات محطة الزهراء لمدة شهر واحد فقط مقابل 700 أو 800 جنيه. وتوجد أيضاً شروط أخرى خاصة بإجراء التحاليل وتتم فى الخارج، ولم يطرأ عليها أى زيادات، لكن الاختلاف هو الفارق فى سعر الدولار الذى أدى لزيادة هذه الرسوم بالنسبة للمربين المصريين بخلاف تكلفة الشحن».
«يحيى»: رغم رفع الحظر لا نستطيع التصدير لارتفاع الرسوم.. وتكلفة تربية الحصان كانت قبل ثورة يناير 700 جنيه شهرياً والآن تصل إلى 2000
وأشار إلى أن تكلفة تربية الحصان فى الشهر قبل عام 2011 كانت 700 جنيه ثم بدأت الأسعار تزيد خاصة مع ارتفاع سعر الدولار، ووصلت إلى 2000 جنيه بخلاف تكلفة الأمصال السنوية والرعاية الطبية. ولفت إلى أن وزارة الطب البيطرى لا تقدم لهم أى خدمات أو دعم. مؤكداً أن آخر مرة صدّر خلالها خيولاً كانت عام 2005. وتوقف الرجل الستينى عن الحديث لثوانٍ، وتخللت خيوط الحزن ملامح وجهه، وتابع: «الحصان المصرى الأصيل من أرقى وأنقى السلالات الموجودة فى العالم، وكان لسنوات طويلة مجالاً للاستثمار والسياحة إلى أن تراجع بشكل كبير خاصة خلال سنوات الحظر وكأن هذا الحظر مدبر ومقصود حيث استفاد منه عدد من الدول فى مقدمتها قطر التى عملت على فتح خطوط مصرية خالصة لإنتاج الخيل المصرى العربى بعد أن حصلت على عدد كبير من الخيول المصرية وخلال الحظر نشطت فى بيع الخيول المصرية التى أنتجتها بأسعار تفوق الأسعار المصرية بنحو 4 أو 5 أضعاف». لافتاً إلى أن مصر لا يوجد بها أى هندسة وراثية.
وأوضح أن أسعار الخيول متفاوتة، قائلاً: «أقل سعر حصان 5 آلاف جنيه والقاعدة العريضة من الخيل تتراوح أسعارها من 15 لـ25 ألف جنيه، والفرسات من 50 لـ100 ألف جنيه فيما ترتفع أسعار بعض الخيول المميزة والنادرة لنصف مليون ومليون جنيه. وفى نفس الإطار، قال العميد «منصور الطحاوى»، صاحب مزرعة لتربية الخيول بقرية بنى جرى التابعة لمركز أبوحماد: «تكاليف التربية ورسوم استيراد الخيول المهجنة أصبحت مرتفعة بشكل كبير بعد ارتفاع الدولار، ما أدى لتراجع الاستثمار بنسبة تجاوزت 70%»، مشيراً إلى أنه كان لديه 60 فرساً والآن لديه 6 فقط.
وتابع: «قبل 10 سنوات كان هناك رواج فى تجارة الخيل واعتدت على التوجه إلى إنجلترا لاستيراد الخيول المهجنة المستخدمة فى السباق خلال المهرجانات، بمعدل 3 بلات تضم 9 خيول وكان يتم رعايتهم حتى ولادة فرائس جديدة إلى جانب المشاركة بها خلال المهرجانات»، لافتاً إلى أن بعض المربين كانوا يستوردون أعداداً أكثر تصل لـ20 و30 حصاناً أما الآن فأحجم الجميع عن الشراء.
«منصور»: توقفت عن استيراد الخيول المهجنة بسبب ارتفاع الدولار وتراجع المسابقات والحصان المصاب بنعدمه
وأرجع سبب توقف «الاستيراد» إلى ارتفاع أسعار الدولار وما تبع ذلك من زيادة تكلفة الجمارك التى يتم تحصيلها على الحصان الواحد حيث ارتفعت من 3 و4 آلاف إلى 12 و15 ألف جنيه. ومضى قائلاً: «يمكن أن يكون ثمن الحصان 500 جنيه إسترلينى وهو مبلغ زهيد أما تكلفة الشراء والإجراءات والجمارك يمكن معها أن يتراوح سعره من 170 لـ180 ألف جنيه، بخلاف الخيول ذات الأسعار المرتفعة التى تصل إلى 300 أو 400 ألف جنيه».
وأضاف: «كنا نبيع الخيول لدول عربية مثل السعودية والكويت والإمارات ولبنان إلا أنهم توقفوا عن الشراء من مصر خلال الحظر وفضلوا شراء الخيول من مكان تربيتها فى إنجلترا ووصلت الأسعار إلى نصف مليون أو مليون إسترلينى»، لافتاً إلى أن ذلك أحد العوامل التى أثرت بالسلب على الاقتصاد أيضاً. بالإضافة إلى تدنى الجوائز العائدة على المربى من المهرجانات حيث تصل قيمة الجوائر حالياً إلى 4 آلاف أو 5 آلاف فى حين أنها كانت فى السابق جوائز قيمة خاصة تلك التى كان يقدمها الملك عبدالله خادم الحرمين خلال فترة عهده حيث وصلت الجائزة لـ250 ألف ريال للشوط الواحد بخلاف الكؤوس، لافتاً إلى أنه حصل على كأس الملك عبدالله 9 مرات وكأس نادى سموحة 4 مرات خلال المسابقات التى كانت تقام فى مصر.
وأشار إلى أن المسابقات تقام فى نادى الجمعية الرياضية لسباق الخيل فى مصر الجديدة ونادى الجزيرة، وذلك أسبوعياً بالتناوب وكان منذ عدة سنوات يقام السباق طوال أيام الأسبوع والآن أصبح يوماً واحداً ويخصص للخيل المهجن شوطين والخيل الأصيل 4 أشواط، وهذا عدد قليل مقارنة بنظام المسابقات قبل 10 سنوات. مضيفاً أن مسابقات الخيل توقفت فى نادى سبورتنج منذ عامين. ولفت إلى أن هذه المهرجانات والمسابقات كانت فرصة لبيع الخيول حيث كان بعض الهواة والتجار يحرصون على شراء الأفضل ليشتركوا بها فى عدة مسابقات وبعد مرور عامين أو ثلاثة يعيدون الحصان أو الفرسة إلى صاحب المزرعة لتوليدها.
«على»: لم يتبق لدىّ سوى 3 خيول من أصل 50.. وبعتها للحد من الخسائر.. وأمريكا وأوروبا تنافسان السوق المصرية اعتماداً على ما حصلوا عليه من خيول مصرية قبل ذلك
أما عن تكلفة تربية الخيول فقال: «التكلفة باهظة ولا يحرص على التربية الآن سوى من يهوى الخيول ومن يريد الحفاظ على التراث وميراث أجداده أما من يتخذها تجارة فعزف الكثير منهم عن التربية»، مشيراً إلى أنه يمكن أن يتم إنفاق 2000 أو أكثر على الحصان خلال شهر. وتابع: «ارتفع سعر أردب الشعير من 150 جنيهاً لـ650 جنيهاً، وارتفع سعر قيراط البرسيم من 10 جنيهات لـ350 جنيهاً كما ارتفع سعر الأدوية منها المسكنات من 150 لـ1250 ومضادات حيوية من 35 لـ150 جنيهاً وأدوية أخرى من 50 لـ350 جنيهاً. وارتفعت أجرة العامل من 350 و500 إلى 1500 وكان يتم الاستعانة بسايس لرعاية حصانين أو ثلاثة أما الآن فالسايس يقوم برعاية 6 أو 7 أحصنة وهذا يؤثر بالسلب على الخدمة المقدمة للخيول».
وأوضح أنه حال تعرض أى حصان للكسر خلال السباق يتم قتله بالرصاص أو إعطاؤه حقنة تزهق روحه لعدم توافر الإمكانيات اللازمة لعلاجه على عكس الحال فى العديد من الدول مثل الإمارات وإنجلترا على سبيل المثال حيث يتم إجراء عملية جراحية للحصان وتركيب مسامير وشرائح له ثم يعود للسباق مرة أخرى، أما فى مصر فلا يوجد أى مستشفى أو أجهزة طبية لعلاج الخيول. وطالب بتقليل رسوم الجمارك وإلغاء نسبة الـ6% التى تتقاضاها وزارة الشباب والرياضة من النوادى نظير تنظيم مسابقات الخيول، وتابع: «الحكومة لا تدعم رياضة أو تجارة الخيل ومن الأفضل أن تساهم فى تخفيض الرسوم التى تفرضها على تجارة وسباق الخيل فى إطار النهوض بهذه التجارة مرة أخرى».
وقال «أحمد فراج»، صاحب مزرعة للخيول بالشرقية: «العديد من الدول الأوروبية والعربية مثل أمريكا لديهم حيوانات منوية للخيول العربية المصرية الأصيلة استخدموها فى توليد هذه الخيول مرة أخرى أما مصر فلا تتوافر بها هذه السوائل حتى وصل الأمر إلى شراء بعض المربين الخيول الأصيلة من الخارج»، ورأى أن المهرجانات الخاصة بالخيول التى تقام بالمحافظات وتنقسم إلى «جمال وأدب» تعد إيجابية لاستعراض المربين الخيول الخاصة بهم وعرض ما تمتاز به المحافظة إلا أن تقارب مواعيد انعقادها يكون أمراً مرهقاً ومكلفاً بالنسبة للمربين ويؤدى إلى قلة المشاركة، مشيراً إلى أن تكلفة اشتراك الحصان 1500 جنيه وأجرة العارض تتراوح من 3 آلاف لـ5 آلاف جنيه، بخلاف تكلفة الانتقال والإقامة بأرض المهرجان. ولفت إلى أنه تم إقامة مهرجان للخيول بالشرقية بداية شهر سبتمبر الماضى وإقامة مهرجان آخر فى محافظة الدقهلية نهاية سبتمبر أيضاً.
وأوضح أن مهرجانات الخيول بالشرقية كان يتم تنظيمها منذ عام 1991 وكانت فكرة المهندس محمد الصيفى، مستشار السياحة بالمحافظة آنذاك، وكان يحرص على دعوة أمراء وسفراء ومسئولين كبار من مختلف الدول العربية بهدف تنشيط السياحة ثم توقفت المهرجانات فى عام 2011 و2012 و2013 بعد ثورة يناير لدواعٍ أمنية ثم تم إقامة مهرجان عام 2014 ولكنه كان دون المستوى وتوقف مرة أخرى ولم تتم إقامته فى 2015 لدواعٍ أمنية ثم تم استئنافها مرة أخرى فى عام 2016 و2017. وطالب بأن تتولى إدارة واحدة تنظيم المهرجانات ويمكن أن تكون هذه الإدارة من محطة الزهراء وذلك لضمان التنظيم بشكل أفضل ومشاركة أكبر من جانب المربين.
وقال محمود على، صاحب مزرعة للخيول: «لم يتبقّ لدىّ سوى 3 خيول من أصل 50، حيث قمت ببيعها للحد من الخسائر التى أتعرض لها، فكنت أعتمد عليها كصناعة مربحة خاصة أن الدول الأوروبية والعربية يعتمدون على الخيل المصرية لتحسين سلالات الخيول لديهم وبعد أن اقتنوا أعداداً كبيرة منها واحتفظوا بسوائلها المنوية والأجنة بالإضافة إلى فترة الحظر تراجع الطلب على الخيول المصرية بل أصحبت أمريكا وأوروبا تنافسان السوق المصرية اعتماداً على ما حصلوا عليه من خيول مصرية وانحصر البيع والشراء فى السوق المحلية ما أدى لانخفاض الأسعار بشكل كبير خاصة بعد ارتفاع الأسعار، واصفاً ما يحدث بأنه «خراب بيوت» وأن مصر تكبدت خسائر بالمليارات، مشيراً إلى أن هذه التجارة فى طريقها إلى الانقراض فى حال عدم الاهتمام بها مرة أخرى، خاصة أنها مصدر مهم للدخل من خلال المسابقات المحلية والدولية كما تعد من أهم عناصر التراث المصرى. وطالب بفتح باب التصدير وفق إجراءات ميسرة وتشكيل لجنة محايدة لدراسة الموضوع بما يسمح بإعادة الاستثمار مرة أخرى.