«الطحاوية».. قصة أول عائلة جلبت الخيل إلى الشرقية
تاريخ قبيلة الطحاوية مع الخيول
نشأوا على حب الخيل، حتى أصبحت بمثابة الصديق بالنسبة لهم، ومصدر العز والكرامة، ولا تخلو تجمعاتهم من الحديث عنها والتباهى بها، وارتبط اسمهم بوجود الخيل فى محافظة الشرقية بشكل خاص، حتى أصبح شعارها الرسمى «الحصان»، إنهم قبيلة الطحاوية، التى نزحت إلى مصر مع حركة الفتوحات الإسلامية.
فى منزل يغلب عليه طابع الحداثة الممزوج بالبساطة توجد أمامه خيمة بدوية مفروشة أرضيتها بالكليم، عادة ما يلتقى فيها أبناء القبيلة فى قرية سعود التابعة لمركز الحسينية، التقينا «الطحاوى سعود»، أحد أبناء القبيلة، الذى بادر قائلاً: «تاريخ الطحاوية طويل مع الخيل وحتى الأجانب ألفوا كتباً عن القبيلة وتربيتها للخيول وفى مصر لم نجد أى اهتمام بهذا التراث، باستثناء المسئولين عن مكتبة الإسكندرية الذين تواصلوا معنا وتم إمدادهم بوثائق ومخطوطات تاريخية منها «الفرمانات الخديوية والملكية والوثائق التى يرجع تاريخها إلى القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين وتتعلق بتاريخ الطحاوية والخيول فى مصر».
واصطحبنا الرجل «الخمسينى» إلى المنزل وهَمّ بفتح البوابة الرئيسية التى تؤدى إلى صالة تزينت جدرانها بشهادات توثق نسب الخيل وأخرى للتكريم. وأشار إلى إحدى الصور بها شخص وشهادة توثيق قائلاً: هذا الشيخ عبدالله سعود الطحاوى، وهذه شهادة نسب الحصان «دهمان» الذى أحضره من حمص عام 1322 هجرية - 1904 ميلادية وكان لهذا الحصان أثره الإيجابى البالغ على خيول الطحاوية طوال القرن العشرين ومات عام 1924، أى بقى فى المربط ينتج نحو عشرين عاماً. وهو جد لـ3 فرسات حصل عليها أحمد حمزة باشا المعروفة على مستوى العالم باسم الطحاويات «خيول مسجلة».
نزحت إلى مصر خلال الفتوحات الإسلامية.. واشتهرت بتربية وتوثيق أنساب الخيول الأصيلة
وروى قصة العائلة مع الخيول قائلاً: «قبيلة الطحاوية تميزت بتربية الخيول العربية الأصيلة مع الاهتمام بأنسابها»، مشيراً إلى أن أصل القبيلة يعود إلى قبيلة الهنادى من بنى سُليم التى نزحت إلى مصر مع خيولهم خلال الفتوحات الإسلامية. وتابع: أفراد القبيلة حضروا إلى مصر منذ أكثر من 300 سنة وكان برفقتهم الخيول الخاصة بهم واستقروا فى الشرقية ويعيش معظمهم بمركز الحسينية وبلبيس وأبوحماد وكفر صقر والصالحية، مشيراً إلى أن شبه الجزيرة العربية كانت الأحوال بها غير مستقرة حيث قل المطر واختفى الزرع ما دفعهم للاستقرار فى مناطق زراعية واهتموا بالزراعة إلى جانب تربية الخيل.
وأردف: تولى محمد على حكم مصر واستعان بالطحاوية وفرسانهم فى الحروب والغزوات كما بدأت أسرة محمد على وبعض الأثرياء يهتمون بالخيل واقتنائها وأدى ذلك لزيادة الشغف والإصرار لدى الطحاوية على امتلاك أفضل أنواع الخيول ليحظوا بالفوز حال انعقاد أى مسابقات، مشيراً إلى أنه كانت تعقد مسابقات للخيل تهتم بها الطبقة الثرية وكان ذلك يعود على المربى بالربح حيث كان يمكنه بيع الخيل لأحد الهواة الجدد الذى يريد أن ينافس فى المسابقات المقبلة، لافتاً إلى أنهم فازوا فى العديد من المسابقات وكان من أهمها السباق الذى أقيم للخيول فى نهاية عهد الخديوى إسماعيل.
وأشار إلى أنه عندما غامر محمد على باشا فى بلاد العرب ساهم عرب الشرقية فى هذه الحملة بنصيب أكثر من غيرهم إذ قدموا له الخيل ودربوا له الجند وكانت كل قبيلة ترسل عدداً من رجالها الأشداء تحت إمرة رئيس منهم كان يطلق عليه «الصارى» وكان بمثابة قائد لهم وكان محمد على باشا يجزل لهم العطاء لما كان يلمس فيهم من شجاعة وإخلاص وتضحية حيث ساعدوه فى حرب السودان واليونان والشام ولا زال أحفاد عرب الشرقية يذكرون ما سمعوه من أجدادهم أنهم حجوا بيت الله الحرام وفتحوا عكا فى الشام ومن هؤلاء الأجداد عامر ويونس وكريم ومجلى من الطحاوية.
وأضاف أن منظمة الخيول العربية العالمية «WAHO» مسجل بها 3 خيول من الطحاوية حيث استطاع أحمد باشا حمزة وكان وزيراً ومالك مزرعة لتربية الخيول العربية شراء 3 مهرات هن الصقلاوية الجدرانية والشويمة السباحية (فلة) والكحيلة الخلاوية (فتنة) من أبناء بركات: بركات ابن الدهماء الشهوانية وأبوه دهمان الكبير الذى اشتراه الشيخ عبدالله بن سعود من شيوخ قبيلة عنزة فى نجد. وأى خيل يعود لهم يعتبر معترفاً به دولياً، لافتاً إلى أن الحصان بركات حظى بشهرة عالمية فى أوروبا وغيرها.
وأشار إلى أن الشيخ عبدالله سعود يعد من أوائل أفراد العائلة الذين اهتموا بالخيل وكانت تربطه علاقات جيدة بمشايخ وقبائل الجزيرة العربية واستطاع أن يجلب أفضل أنواع الخيل وأوصاهم بالحفاظ عليها وتوفى عام 1944، وعبدالحميد عليوة الذى اقتنى «كحيلة الكروش وكحيلة الجعثانية»، ولفت إلى أن الأسرة لم تتمكن من تسجيل كل الخيول وأنهم يبذلون حالياً جهوداً كبيرة للتسجيل فى «WAHO»، حيث ما زالوا يحافظون على أصول خيولهم لارتباطهم بها من جهة وحماية للتراث من جهة أخرى.
وأوضح أن الحصان العربى بصفة عامة يتميز بالذكاء والجمال غير المتوافر لأى سلالة أخرى للخيل فى العالم كما يتميز بالقوة والتحمل لدرجة أن العرب غزوا به البلاد الأوروبية أما الحصان المصرى فهو أنقى السلالات العربية الموجودة فى العالم وحافظ عليه المصريون لعدة قرون ويأتى بعده الحصان البولندى ثم الروسى ثم الفرنسى يليه الإسبانى وهذه الدول الخمس هى التى أنشأت منظمة WAHO عام 1968 وبها سجلات الخيول بأسماء الأب والأم والجد والجدة، لافتاً إلى أن مصر هى الدولة الوحيدة فى المنظمة المعترف بها.