«محمود».. من «البرمجة» إلى تشييع الأجانب: مكسبى ألف دولار فى الجثة
محمود الخولى
بعد 17 عاماً قضاها فى التعليم، قرّر أن يُنحى شهاداته فى البرمجة جانباً، ويختار الطريق الأقصر لتحقيق المكسب، لم يهتم بنظرة المجتمع التشاؤمية للحانوتى، ولم تؤرّقه صدمة والدته فور علمها بمهنته، ومبرّره فى ذلك: «المهنة تطورت، والحانوتى مابقاش لابس جلابية وطاقية وبيقول وحدوووه».
محمود الخولى، 33 عاماً، تخرج فى كلية الهندسة جامعة عين شمس، لم يمنعه ذلك أن يكون صاحب مكتب حانوتى فى منطقة شبرا، ويفتتح أول موقع إلكترونى لمن يرغب فى دفن موتاه من الأجانب الموجودين فى مصر. لم يندم للحظة على السنوات التى قضاها فى الدراسة، لأنه حاول أن يستفيد منها فى المجال الذى اختاره بجرأة: «المهنة دى بتعمل ربح كويس جداً، ومن غير مجهود ذهنى كبير زى الهندسة»، مؤكداً أن صديقه الذى يعمل فى مجال سيارات دفن الموتى هو الذى لفت نظره إلى هذه المهنة.
«الدفن فن وهندسة»
«BE AGENCY»، هو الموقع الذى يدير من خلاله «محمود» عمله فى تشييع الأجانب: «ربطت البرمجة بشغل الحانوتية، وحرصت على أن يكون الموقع بالألوان وفيه كذا لغة، وبعيد تماماً عن الكآبة والتشاؤم». 1000 دولار هو المكسب الذى يُحقّقه عند دفن حالة واحدة من الأجانب الموجودين فى مصر: «بننقل الجثامين من أسوان والغردقة وشرم الشيخ، وبندفنها حسب الطقوس الخاصة بكل جنسية بشكل قانونى بعد استخراج تصاريح من وزارة الصحة والداخلية».
من بين طقوس الدفن المختلفة، أكثر ما أثار حفيظة «محمود» خلال السنوات الثلاث، التى قضاها فى المهنة، هى حرق الصينيين موتاهم: «الغريب أنهم قبل ما بيحرقوا الجثة بيلبسوها لبس جديد من أول الشراب والملابس الداخلية لحد لبس الخروج». ثقافات مختلفة تعرف «محمود» عليها عندما التحق بالعمل فى هذا المجال: «عرفت طقوس دفن الملحدين وأصحاب الديانات السماوية المختلفة، الموضوع أكبر من مجرد إنى باغسّل وأكفن أو أحط صليب على الصندوق».
مهنة «محمود» لم تصدم خطيبته، إنما شاركته العمل: «خطيبتى مهندسة برمجة، وبتساعدنى لأن الشغل بيتطلب منى أسافر كتير، فبتدير هى الشغل، والحمد لله الربح كويس والرزق بتاع ربنا»، الأمر الذى يختلف بالنسبة لوالدته، التى أصيبت بصدمة شديدة فور علمها بمجال عمله: «اتصدمت فى البداية وده طبيعى، خصوصاً أن مستوايا الاجتماعى والمادى كان جيد كمهندس وعندى شقتى، لكنها اتعودت بعد مرور فترة وأخدت على الوضع».