أزمة «القضاء العسكرى» تتصاعد فى «التأسيسية»
تصاعدت الأزمة داخل الجمعية التأسيسية للدستور، بعد تجدد طلب ممثل القضاء العسكرى واللواء ممدوح شاهين ممثل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بنقل القضاء العسكرى إلى باب السلطة القضائية بدلاً من باب القوات المسلحة، الأمر الذى رفضه عدد من أعضاء لجنة نظام الحكم داخل التأسيسية، وأكد رئيس اللجنة أنه متمسك بموقفه الرافض لهذا الطلب، فيما اختلف قانونيون عليه؛ وشدد بعضهم على أن القضاء العسكرى يخضع للمؤسسة العسكرية وإدراجه ضمن السلطة القضائية خطر على حقوق وحريات المواطنين المدنيين.
قال اللواء عادل المرسى، رئيس هيئة القضاء العسكرى، لـ«الوطن»: «كل الدساتير التى سبقت دستور 71، تضع القضاء العسكرى ضمن السلطة القضائية، وما نريده هو إعادة الأمر لما كان عليه»، وأشار إلى أن مواد الإعلان الدستورى المكمل تنص على جواز الاعتراض على مواد فى الدستور الجديد من جانب المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حال مخالفة المواد للأعراف والثوابت الدستورية أو مبادئ ثورة يناير، وإحالة الأمر للمحكمة الدستورية العليا، وأضاف: «ليس مطروحاً أن يلجأ ممثل الهيئة فى الجمعية التأسيسية إلى المشير، باعتباره رئيس المجلس العسكرى».
فى المقابل، رفض الدكتور جمال جبريل، رئيس لجنة نظام الحكم بـ«التأسيسية»، نقل القضاء العسكرى إلى باب السلطة القضائية، وقال إن القضاء العسكرى خاص بالعسكريين وقضايا القوات المسلحة، وليس قضاءً مستقلاً بالمفهوم الدستورى، ويكفى أن يكون الحكم العسكرى الصادر عن القاضى يستلزم تصديق قائد الكتيبة أو الوحدة، وأضاف: «لا أجد تبريراً للأمر، ونحن لم نصوت عليه داخل اللجنة بعد، ولكنى بشكل شخصى أرفضه».
وعن تصاعد الأزمة أو الوصول لتفاهم بين الطرفين، قال جبريل: «نحن نصر على رفض هذا الطلب، وهم يبدون أنهم مصرون عليه أيضاً، فمن الممكن أن يلجأوا لآلية إحالة الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه، من خلال المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حيث يعطيه الإعلان الدستورى المكمل الحق فى ذلك».
من ناحية أخرى، رأى الدكتور أيمن نور، عضو الجمعية التأسيسية، أن أى جهة قضائية تنظر فى وقائع وخصومات وتصدر أحكاماً نهائية، لا بد أن تكون ضمن السلطة القضائية للدولة، ولكن شريطة أن تتسم بالاستقلال، وعن مدى استقلالية القضاء العسكرى، قال نور: «القضاء العسكرى لم يكن مستقلاً حتى تعديلات 2007 التى أعطته ملامح قضائية كبيرة»، مبدياً موافقته على طلب نقل القضاء العسكرى لباب السلطة القضائية.
وقال الدكتور نور فرحات، أستاذ القانون الدستورى، إن لجوء ممثل القضاء العسكرى إلى المشير باعتباره رئيس المجلس العسكرى - إحدى الجهات حسب الإعلان الدستورى التى من حقها الاعتراض على مواد فى الدستور الجديد - أمر مستبعد.
وأضاف فرحات: «النص الوارد فى الإعلان الدستورى المكمل، هو إجازة حق الاعتراض لرئيس المجلس العسكرى أو 20% من أعضاء التأسيسية أو رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس القضاء الأعلى، شرط أن يكون الاعتراض على نصوص تخالف ما اتفق عليه فى الدساتير أو تخالف مبادئ ثورة 25 يناير»، وأشار إلى أنه من الصعب أن يلجأ القضاء العسكرى إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإحالة الأمر للمحكمة الدستورية التى فى يدها الكلمة الأخيرة.
وقال فرحات: «حسب المعايير الدولية فى البلدان الديمقراطية، فإن القضاء العسكرى لا يعتبر فرعاً من فروع السلطة القضائية، لأن الحديث به من السياسة أكثر من صحيح القانون»، وأضاف أن القضاء العسكرى قضاء مهنى تأديبى يقتصر على مسائل تنظيمية لأفراد القوات المسلحة أو جرائم تقع على منشآتها العسكرية دون أن تمتد لتشمل المنازعات التى تقع على أرض الوطن، وأوضح: «القضاء العسكرى غير مستقل وليس له ضمانات فى الحيدة والاستقلال، وفى كل دول العالم ينظر للقاضى العسكرى بأنه لا يندرج تحت مفهوم القضاء العادى»، وحذر فرحات من خطورة نقل القضاء العسكرى للقضاء العادى «لما يمثله من خطر على حقوق وحريات المواطنين».
فى المقابل، اختلف الدكتور بهاء أبوشقة، أستاذ القانون الدستورى، وقال إنه وفق المادة 60 من الإعلان الدستورى المكمل المعمول به والخاصة بجواز الاعتراض على نص معين فى مواد الدستور الجديد، فمن حق الجهات المنصوص عليها فى «المكمل» أن تستعمل حقها وتعترض، قائلاً: «الاعتراض صحيح ما دام يستند إلى نص دستورى»، مؤيداً فى سياق متصل نقل القضاء العسكرى إلى باب السلطة القضائية باعتباره إحدى الجهات القضائية.