خبير دولي: إخفاء إثيوبيا للمعلومات يستوجب صياغة افتراضات ملء سد النهضة
سد النهضة
قال الدكتور خالد أبوزيد، المدير الإقليمى للموارد المائية بمركز البيئة والتنمية للإقليم العربى وأوروبا (سيدارى)، إن الدراسة التي وضعها المركز للآثار المترتبة على الملء الأول لبحيرة سد النهضة، ومعدلات تخزين المياه فيها خلف السد، وطريقة تشغيله، وضعت 6 توصيات للتخفيف من مأزق السد، على رأسها سرعة الانتهاء من الدراسات الفنية المشتركة بين الثلاث دول للاتفاق على الآثار المحتملة له، ومن ثم الاتفاق على قواعد الملء الأول والتشغيل السنوى لتقليل حجم الآثار السلبية على مصر والسودان، كما أوصت بضرورة الاتفاق على حجم الملء الأول قبل الحديث عن سنوات الملء، وربطه بقواعد التشغيل وعدم الفصل بينهما.
وأضاف فى تصريحات خاصة لـ"الوطن"، أنه أوصي فيها بدراسة جدوى وقف الإنشاء بهذا السد عند منسوب أقل من الحجم التصميمى لأقصى تخزين بالسد والمعروف بـ74 مليار متر مكعب، والتشغيل على متوسط مناسيب منخفض لتقليل الآثار السلبية على مصر والسودان فى المصب، وأن الدراسة أوصت كذلك بضرورة إبرام اتفاق تفصيلى بين مصر والسودان وإثيوبيا حول قواعد الملء الأول والتشغيل السنوى والآلية المقترحة للتنسيق فى إدارة السدود بالدول الثلاث، وأهمية تضمين الاتفاق التفصيلى التزاماً من إثيوبيا بعدم استخدام مياه بحيرة سد النهضة فى أغراض استهلاكية، والتأكيد على ما جاء فى اتفاق إعلان المبادئ وفى تصريحات رؤساء الحكومات الإثيوبية المتعاقبة من أن إنشاء السد غرضه توليد الطاقة، وذلك لضمان الأمن المائى لدول المصب.
وتابع، أن الدراسة أوصت بتقييم سبل التعويض للآثار السلبية المؤثرة على حصص مصر والسودان من المياه وعلى النقص فى الكهرباء المولدة من السد العالى، إعمالاً بما نص عليه اتفاق إعلان المبادئ من مناقشة مسألة التعويض، مشيراً إلى أن الدراسة أوصت بالاتفاق على أن يكون حجم الملء الأول هو أقل مخزون ببحيرة سد النهضة أعلى التوربينات الرئيسية مباشرة، وهو نحو 15 مليار م3، وعلى أهمية أن ينخفض مخزون السد إلى حجم الملء الأول كل سنة فى نهاية العام المائى بعد تفريغ الإيراد السنوى للنيل الأزرق، لتقليل التأثير التراكمى لفواقد البخر والتسرب ولاستيعاب فيضان العام التالى بالخزان.
وذكر أن المفاوضات تحتاج إلى تجاوب جميع الأطراف، وأن تعنُّت طرف واحد قد يؤدى إلى فشل المفاوضات، موضحاً أن الخلاف نشأ فى اجتماع الدول الثلاث بالمكتب الاستشارى نتيجة اعتراض إثيوبيا على التقرير الاستهلالى الذى قدمه المكتب، والذى يستعرض فيه المكتب منهجية إجراء الدراسات والافتراضات التى ستُبنى عليها الدراسات، وأن أحد أوجه اعتراضات إثيوبيا كان على تعريف الوضع المرجعى، والذي حدده المكتب بالوضع قبل إنشاء سد النهضة، والاستخدامات الحالية والمتفق عليها بين مصر والسودان.
ولكن اقترحت إثيوبيا أن تتم دراسة سيناريوهات مختلفة للوضع المرجعى، بعضها يشمل وجود سد النهضة ذاته، ما يتنافى مع القواعد المتعارف عليها فى إجراء دراسات تقييم الآثار المترتبة على إنشاء السدود، ويفرغ الدراسات من مضمونها ومن الهدف منها، وبالفعل، الوضع المرجعى واحد، وليس له سيناريوهات مختلفة ولا يجب أن يختلف عليه اثنان، بحسب أبوزيد.
وأشار إلى أن هناك عدة أمور أخرى ستحتاج لمداولات فى التفاوض للوصول إلى اتفاق حول قواعد الملء الأول والتشغيل السنوى، مثل الاتفاق على حجم الملء الأول، والاتفاق على سيناريوهات طرق التشغيل المختلفة التى ستتم دراستها، والاتفاق على تعريف نوع وحجم الضرر ذى الشأن المذكور فى اتفاق المبادئ، وحجم التعويض المقبول عن هذا الضرر، وما إذا كان التعريف المتفق عليه للضرر ذى الشأن هو النقص فى كوب الماء للشرب، أم فى كيلووات الكهرباء من السد العالى، أم فى المتر المكعب من مياه الرى، أم فى فدان الزراعة فى الوادى والدلتا، أم فى الوظيفة المعتمدة على المياه فى الصناعة، أم فى نقص الغذاء الذى تعتمد عليه الأسرة فى الريف، أم فى نقص الناتج القومى لدول المصب، أم فى زيادة ملوحة التربة الزراعية بالدلتا، أم فى الملاحة النيلية والسياحة المعتمدة على تدفقات النيل، أم كل تلك الأضرار مجتمعة.
وأكد المدير الإقليمى للموارد المائية بمركز البيئة والتنمية للإقليم العربى وأوروبا (سيدارى)، أن المفاوضات الحقيقية هى المفاوضات حول قواعد الملء والتشغيل وتعريف الضرر والتعويض عن الضرر وآلية التنسيق فى إدارة السدود فى الدول الثلاث، وهذا لم يبدأ بعد، وقد يستغرق وقتاً طويلاً أطول من وقت الدراسات نفسها التى يقوم بها المكتب الاستشارى لتقييم الآثار الناجمة عن السد، والتفاوض حول هذه الأمور لا بد أن يبدأ من الآن بالتوازى مع إجراء الدراسات التى ستعتمد عليها القرارات والاتفاقات النهائية حول قواعد الملأ والتشغيل والتعويض إذا ثبت الضرر، ومن هنا تظهر أهمية الانتهاء من الدراسات التى ستمثل المرجع الرئيسى للاتفاق على قواعد الملء والتشغيل السنوى وغيره من الأمور الهامة، وهو ما يستدعى أن تكون هناك شفافية من الجانب الإثيوبى فى الإعلان عن خططه المقترحة للملء والتشغيل حتى يسهل أيضاً إجراء الدراسات. وفى ظل غياب تلك الخطط والمعلومات فسيتعيّن على من يقوم بالدراسات افتراض سيناريوهات لتلك الخطط المتعلقة بالملء والتشغيل.