نهاية التنظيم: القيادات فى السجون قبل الحكم.. وممنوعون من العمل السياسى بعده
تلقى تنظيم الإخوان ضربة جديدة تهدد وجوده فى المجتمع المصرى بعد صدور حكم القضاء بحله وحظر جميع أنشطته وأنشطة وتحركات أعضائه، وجاء حكم محكمة الأمور المستعجلة، ليمثل صدمة جديدة للإخوان الذين يعيشون حالة من الذهول والخوف من انتهاء وجود تنظيمهم وانهياره بعد 85 عاماً من نشأته، خصوصاً أن معظم قادته من الصف الأول والثانى وحتى الصف الثالث مطاردون أو فى السجون الآن، وتجرى محاكمتهم بتهم ارتكاب أعمال عنف وتهديد الأمن القومى للبلاد.
ومن أبرز قادة الإخوان الذين فى السجون الآن أو المطارَدين، محمد بديع مرشد التنظيم، ونائباه خيرت الشاطر ورشاد بيومى، ومحمد سعد الكتاتنى رئيس حزب الحرية والعدالة، ومحمد البلتاجى، وصلاح سلطان، فى حين ما زال عصام العريان نائب رئيس «الحرية والعدالة» هارباً. وأثار الحكم بحل تنظيم الإخوان تساؤلات عن مصير أعضاء التنظيم ومستقبلهم السياسى ومدى قدرتهم على الحركة وممارسة الأنشطة السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، وهل يمكنهم الترشح فى الانتخابات المقبلة أم لا، هذه الأسئلة وأمور أخرى نتناولها فى السطور التالية.
قال الدكتور شوقى السيد أستاذ القانون: بموجب الحكم أصبح تنظيم الإخوان ليس له وجود قانونى، وأصبح جميع أنشطته غير مشروعة ومخالفة للقانون، خصوصاً أن المحكمة أصدرت حكماً بإزالة هذا التنظيم من الوجود لخطره على المجتمع.[FirstQuote]
وأضاف «السيد» أن أعضاء التنظيم ليس من حقهم، بموجب الحكم الذى صدر، خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة. وأشار إلى أن الحكم يعطى الدولة والسلطات منع أى أنشطة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية للإخوان، ومنع إقامة المؤتمرات الجماهيرية والندوات، ويمنع أعضاء التنظيم من التظاهر فى الشوارع والميادين، ويجرّم رفعهم أى شعارات أو شارات تدل على تنظيم الإخوان الذى أصبح مجرماً قانوناً.
وقال منتصر الزيات رئيس اللجنة القانونية للدفاع عن سجناء الرأى: إن الحكم بحل الإخوان حكم سياسى ومنعدم، وسيجرى الطعن عليه واستئنافه، ولا ينبغى إقحام الأمور السياسية فى القضاء.
وأضاف أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر سبق أن حاول أن يستأصل «الإخوان» وكانوا فى الخمسينات والستينات حديثى الوجود، وتعرّض التنظيم لحملات سياسية وإعلامية مماثلة لما يحدث حالياً، وشنّت الأوساط السياسية والإعلامية وعدد من المفكرين وقتها حملات تطالب بتطهير مصر من الإخوان، وهو ما يشير إلى أن التاريخ يعيد نفسه الآن.[SecondImage]
وتابع: «حملة شيطنة الإخوان وذبحهم فى عهد الرئيس عبدالناصر انتهت، ومات عبدالناصر، فى حين عاد تنظيم الإخوان أكثر قوة». وأشار إلى أن التنظيم تعرّض للضرب والمطاردة فى عهد «مبارك»، إلا أنها صمدت، بل تزايد نفوذها داخل المجتمع، وهو ما يؤكد أن إنهاءها ومحوها من الوجود أمر صعب جداً، خصوصاً أنه متجذر فى المجتمع المصرى بدليل أنه فى عز المطاردة الأمنية والاعتقالات فى عهد «مبارك» حصل التنظيم على 88 مقعداً فى البرلمان.
وأكد «الزيات» أن قيادات التنظيم من الصف الأول والثانى وحتى الصف الثالث على الرغم من أنهم مطاردون من الأمن وعدد كبير منهم موجود فى السجون، فإن هذا لن يجعل التنظيم يختفى ويتلاشى من الوجود، مشيراً إلى أن تلك القيادات مارست العمل السياسى طوال العهود الماضية وهى محظورة، وأنها لن تتلاشى بحكم محكمة، خصوصاً أن الجميع يعلم أن قيادات الإخوان يجيدون العمل أثناء الحظر والمطاردة والاعتقال أكثر من قدرتهم على العمل بنجاح فى الأوقات التى فيها يكون من حق التنظيم أن يتحرك بحرية.
وأضاف أن حكم المحكمة لن يكون حائلاً أو مانعاً أمام أعضاء التنظيم فى الترشح ودخول البرلمان والمؤسسات النيابية فى الدولة، رغم أن الحكم القضائى والمطاردات الأمنية سيجعل التنظيم يعيش حالة من الشلل.
وقال «الزيات» إن «الإخوان» بمثابة تنظيم عنكبوتى منتشر ومتغلغل فى المجتمع المصرى منذ تأسيسه قبل 85 عاماً، وتحظى بتعاطف من شرائح لا يستهان بها فى المجتمع، وما زلنا نتابع المظاهرات اليومية والفعاليات التى يقومون بها رغم الحصار الأمنى، مختتماً كلامه بقوله: «الوقت فى مصلحة الإخوان، ويكسبون تعاطفاً شعبياً وأرضاً جديدة كل يوم، خصوصاً أن الحكومة الحالية فشلت فى تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للناس».
من جانبه، قال مختار نوح المحامى والقيادى السابق بـ«الإخوان»: إن التنظيم انتهى من الوجود، ليس بسبب الحكم القضائى الذى صدر ضدهم فقط، بل بسبب فقدانهم الحصانة الشعبية، وابتعاد الناس عنهم وتزايد الشريحة المجتمعية المعادية لهم. وأضاف أنه ليس صحيحاً أن الصف الأول والثانى من التنظيم معتقلون ومطاردون، بدليل أن جميع المكاتب الإدارية فى القاهرة والمحافظات ما زالت موجودة وتمارس أنشطتها جهاراً نهاراً وتدير العمل التنظيمى بصفة يومية.
وأشار إلى أن الإخوان يروّجون أنهم مطاردون ومعتقلون للحصول على تعاطف الشعب.
ورأى ناصر أمين مدير المركز العربى لاستقلال القضاء، الحكم الصادر ضد تنظيم الإخوان أنه يعنى أن أى أنشطة للتنظيم الآن أنشطة غير قانونية، وأصبحت الدولة ملزَمة بقوة القانون بالتصدى لأى نشاط إخوانى وأى تحرّكات لأعضاء التنظيم سواء سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، وسيجرى مساءلتهم عليها قانونياً.
وقال ثروت الخرباوى المحامى والقيادى السابق بـ«الإخوان»: إن الحكم الذى صدر من المحكمة أنهى أى وجود للجماعة، مشيراً إلى أن قادة الإخوان سيلجأون إلى نظرية المؤامرة لتبرير فشلهم وتسبُّبهم فى محو التنظيم من الوجود، وسيردّدون كلاماً من عينة أن الله يمتحن التنظيم بالأحداث الحالية.
وأضاف «الخرباوى» أن الحكم يقضى بحظر جميع أنشطة التنظيم ومنعه من العمل الجماهيرى والسياسى والاجتماعى، وأن هذا الحكم سيظل سارياً حتى تفصل محكمة الجنايات فى التهم الموجّهة لقادة التنظيم الذين يحاكَمون حالياً، وإذا أدانتهم محكمة الجنايات سيصبح الحكم مستمراً ونهائياً، أما إذا حصلوا على البراءة من التهم المنسوبة إليهم، فسيصبح حكم الحظر لاغياً ومنتهياً.
وأكد «الخرباوى» أن المظاهرات والأنشطة السياسية الاحتجاجية فى الشوارع والميادين أصبحت مجرّمة، ومحظوراً على الإخوان ممارستها وفقاً لهذا الحكم. وذهب «الخرباوى» فى تفسيره للحكم بأنه يسرى أيضاً على حزب الحرية والعدالة، بوصفه الذراع السياسية للجماعة، وأنه أصبح الآن حزباً محظوراً.
ورفض الدكتور يسرى العزباوى الباحث فى مركز «الأهرام» للدراسات السياسية والاستراتيجية، ما ذهب إليه «الخرباوى» بخصوص حزب الحرية والعدالة. وقال إن الحكم لا ينطبق على الحزب. وشدد «العزباوى» على أنه ليس من مصلحة مصر حل تنظيم الإخوان وحظره، مشيراً إلى أنه إذا جرى حل التنظيم وحظره سيعود الإخوان للعمل تحت الأرض.[ThirdImage]
وقال عمرو هاشم ربيع الباحث بمركز «الأهرام» للدراسات السياسية والاستراتيجية: إن الحكم الصادر ضد الإخوان سيؤثر على مناخ المصالحة الوطنية بالسلب، وسيكون سيفاً مسلطاً على رقاب أعضاء التنظيم حتى لو دخلوا فى مفاوضات للمصالحة.
وأشار «ربيع» إلى أن التنظيم يعيش حالياً انهياراً كبيراً بسبب الممارسات الخاطئة التى ارتكبها أثناء وجوده فى السلطة، وحذّر من أن الحكم الصادر ضد الإخوان يمكن أن يؤدى إلى عودتهم تحت الأرض والعمل سراً. وقال إن هذا الحكم سيؤثر على التنظيم فى الانتخابات المقبلة، وسيصب فى مصلحة السلفيين على حساب الإخوان.
من جانبه، أكد إبراهيم منير القيادى فى التنظيم والمقيم فى لندن، أنه لن يستطيع أى نظام يتولى حكم مصر أن يُنهى وجود الإخوان فى المجتمع. وأشار إلى أن جميع الأحكام التى صدرت بحل التنظيم كانت تأتى فى ظل الحكم العسكرى. وشدد على أن التنظيم سيطعن على الحكم الصادر بحله.