رحاب لؤى تكتب: الحدود الأخلاقية
رحاب لؤى
لا تبدو أوضاع الصحافة سعيدة جداً بالنسبة للعاملين فى المجال، أو المتابعين له، مسألة ليست سراً أو أمراً نخجل من إخفائه، حتى القراء أنفسهم لا يخفون ضيقهم وسخطهم تجاه بعض الموضوعات المنشورة، معتبرين أنه لا محل لها، أو أهمية وسط موضوعات أكثر أهمية، سباق محموم تقطعه أغلب المطبوعات، إلكترونية كانت أو ورقية كى تحظى بمزيد من نسب القراءة والمشاركة فى محاولة للبقاء على قيد الحياة وسط سوق نشر لا يعرف الرحمة ولا يعترف بحق القارئ فى المعرفة، قدر ما يعترف بـ«الربح» المبنى على «الترافيك» وأعداد التوزيع الخرافية أو رضا المعلنين عن الصحيفة ومحتواها.
«مفرمة»، هكذا يتحول الأمر فى مواقع العمل الصحفى، «الكم» أهم من «الكيف» و«البهارات» أهم من «الطبخة» ذاتها، المبادرات المسموح بها هى تلك التى تصب فى صالح الانتشار السريع، بصرف النظر عن المحتوى، حتى لو تعلق الأمر بالحديث عن أجزاء الجسد، المهم أن يكون الموضوع مقروءاً و«بياع».
هنا فى «الوطن» ثمة حدود واضحة بالنسبة للكثير من الأمور غير الأخلاقية، حسناً، أود أن أتشارك سراً لا يعلمه الكثيرون بشأن تلك الرقابة الداخلية الصارمة من العاملين تجاه المحتوى المنشور، يعبر هذا المحتوى أو ذاك بالخطأ حول أمور تتعلق بحدودنا الأخلاقية الحمراء، فيسارع المحررون للتعليق «ينفع كدا، الموضوع دا عدى إزاى؟» ليأتى الرد حاسماً من رئيس التحرير «لا ماينفعش.. يحذف فوراً».
حالة من الاحترام الحقيقى بالفعل لا القول تمارسها «الوطن»، لم تتوقف عند حد استبعاد المحتوى المسف إذا ما عبر بأى شكل للنشر، بدا أنها تمتد أكثر وأكثر فى صورة ولع لدى مسئولى تحرير الجريدة، لرفع كفاءة العاملين، ومن ثم كفاءة وجودة المادة المنشورة، خطوات على طريق مزيد من الاحترام والتقدير لقارئ يستحق خدمة صحفية جيدة، من هنا انطلق عدد ضخم من الدورات التدريبية للصحفيين، بالاشتراك مع مؤسسات التدريب المتخصصة على رأسها النادى الدنماركى للصحافة، التابع للمعهد الدنماركى المصرى، كذلك مؤسسات مثل «كايروميديا سكول» و«فيجين»، «ميديا توبيا»، «اتحاد إعلاميات مصر»، «المركز المصرى للتدريب ومنتدى المحررين المصريين»، فضلاً عن تبرع عدد من الزملاء داخل الجريدة نفسها لتدريب زملائهم.
روح بدا أنها تؤتى أكلها، حيث حصدت «الوطن» نصيب الأسد من الجوائز فى مجال الصحافة بإجمالى 18 جائزة تقريباً على مدار عام واحد، حصدت أنا، كاتبة المقال، على اثنتين منها فى شهر واحد، أولاهما جائزة مؤسسة أخبار اليوم، مصطفى وعلى أمين، فى القصة الإنسانية، وثانيتهما جائزة معهد جوته فى الكتابة العلمية، حصدت من قبلهما جائزة التفوق الصحفى قبل أربع سنوات فى فرع صحافة المرأة.
حالة من التشجيع على التدريب لمستها، ليس من خلال ترشيحى لدورات تدريبية، ولكن فى الموافقة على التحاقى بدورات خارج الجريدة، رغم تعارضها مع العمل، ومع ظروف قسم «الفيتشر» الذى أعمل به، لكن الأولويات بدت واضحة فوراً، حيث تم تقديم مصلحة التدريب ومصلحتى العملية على ما سواها، مسألة عنت لى الكثير كما أثق أنها تعنى الكثير لكل صحفى يجد لديه عقب كل تدريب أمراً جديداً وأدوات أفضل تساعده على كتابة المزيد من القصص والموضوعات الجيدة.