من أرشيف السياسة| المسحراتية يشتكون من وزارة الشؤون: "نقابة أو إتاوة"
مسحراتي
في الماضي، كان يتناوب سكان كل شارع أو حارة مهمة "المسحراتي" قبل أن تُعرف كمهنة تمارس كل شهر، فكان على كل منهم إيقاظ بعض جيرانه في إحدى الليالي، حتى إذا انتهى الشهر كانوا جميعا قد أدوا واجبهم نحو أنفسهم ونحو جيرانهم.
وعلى مر الزمن، رأى بعضهم أن يتطوعوا بأداء هذا الواجب في كل حي عن سكانه، فأخذوا على عاتقهم أن يحفظوا أسماء السكان في الحي كله ثم أعدوا "طبلة" أو "بازة"، كما يسمونها ومضوا يدقون عليها، وهم ينادون أمام كل منزل بأسماء سكانه، بل بلغ الحرص بمعظمهم أنهم لم يكونوا يغادرون مكانهم أمام كل منزل إلا بعد أن يرد عليهم أحد سكانه، مؤكدًا أن الجميع استيقظوا، وهكذا أصبح عمل "المسحراتي" مع الزمن وظيفة تؤدي بانتظام طيلة شهر كامل من كل عام فبدا يستحق أجرًا عن هذه الوظيفة.
ذلك السرد الذي ورد في مجلة "الاثنين والدنيا" عدد مايو 1953، السابق لشرح الأزمة التي نشبت بين "المسحراتية" ووزارة الشؤون الاجتماعية، حيث كوّن المسحراتية نقابة لشعورهم بوجوب وجود كيان يعترف بهم، وطالبوا وزارة الشؤون الاجتماعية بتسجيلهم أسوة بسائر النقابات إلا أن الوزارة رأت أن هذه النقابة لا ينطبق عليها نظام النقابات لأن أعضاءها لا يزاولون نشاطهم إلا في شهر واحد من كل عام، وأن العمل الذي يقوم به أعضاؤها ليس رسالة يحتاج إليها المجتمع، وما يقدمه الناس لكل منهم ويعطوهم أجرًا ليس إلا إكرامًا، ثم إن الموافقة على تسجيل هذه النقابة قد يشجع المتسولين وأمثالهم على التقدم بطلب تسجيل نقابات لهم، ومن أجل هذه الأسباب كلها رفضت الوزارة في إصرار قبول تسجيل نقابة "المسحراتية".
السيد أحمد، نقيب المسحراتية حينها، والذي لم يعجبه القرار، لرؤيته أن المسحراتي يقوم بخدمات جليلة فمن حقه على الدولة أن ترعاه ويشكو من إعطاء المسحراتية خبزًا وكعكًا لأنه يؤدي عملًا طوال شهر كامل فيجب أن يؤجر عليه بالنقود، وتساءل النقيب المنتظر: "لماذا لا تفرض إتاوة على كل أسرة قدرها عشرة قروش، تدفعها للمسحراتي بعد رمضان"، كما تساءل: "ولماذا لا ينظر الناس إلى المسحراتي نظرتهم إلى كل عامل يتقاضى من عمله أجرًا، ولماذا لا تسمح لنا وزارة الشؤون الاجتماعية بتكوين نقابة تدافع عن حقوقنا؟".