شيماء البردينى تكتب: هنا تشكلت شخصيتى
شيماء البردينى
- مر اليوم، لم نطفئ شمعة، ولم نحتفل، فالأحداث لم تمر بعد، ما زالت تتسارع فى الذاكرة، إنها 2191 يوماً وليلة، يكتب فى كواليسها روايات ومطولات، خاصة أنها تزامنت مع فترة سياسية «بتاعة كله»، تشبه إلى حد كبير أحوال الطقس هذه الأيام «من سخن لساقع لأمطار لعواصف.. ميكس رهيب لا يحدث إلا فى مصر».
- أيام قليلة وتقترب الذكرى الأولى لثورة يناير، استعدادات فى كل اتجاه، ومخاوف من تكرار أحداث الثورة فى ذكراها، وطن أكبر يشتاق لرائحة الاستقرار على وضع ولو لشهر واحد، ووطن آخر أصغر يأخذ خطواته نحو التشكيل، وكيان اكتمل فى رحمى وآن أوان خروجه للحياة، هكذا كان حلمى يسير فى مسارات ثلاثة؛ حلم التجربة الأولى كأم، والتجربة الثانية فى إصدار صحفى جديد، وتجربة العمل فى مناخ سياسى مضطرب.
- 18 يناير 2012.. وضعت طفلى، وبعدها بأسبوع، خرجت لتغطية ذكرى الثورة لصحيفتى التى تربيت وتعلمت فيها، نهرونى وقتها على التضحية بصحتى وصغيرى والخروج بجرحى للعمل، لم أعلم أن هذه التغطية كانت آخر عهدى بصحيفتى الغراء، وأننى بعدها سأنطلق نحو تحقيق حلم المشاركة فى تأسيس صحيفة جديدة، بعين أكثر نضجاً، وعقل أكثر وعياً من شغف البدايات.
- مع التأسيس تنازعت المشاعر، أم تترك صغيرها الذى لم يكمل شهره الأول وتخرج لتجرى لقاءات عمل وتشكل فريقاً وتحضر اجتماعات تأسيس ووضع للأطر الأساسية للصحيفة.. إذا كنت على الجانب الأيمن من الصورة ستراها هكذا «أم جاحدة ومفترية سابت ضناها»، وإذا ما جلست على الجانب الأيسر من الصورة ستراها «صحفية شاطرة ومجتهدة وعندها حلم»، أما إذا توسطت المشهد مثلى، فلن تجد تقييماً أو مبرراً لما فعلت سوى «اقرأوا الفاتحة لأمى وأبى رحمهما الله».
- يمر اليوم علىّ صعباً، فيه أتذكر الجميع، كل من مر هنا وترك أثراً، إيجابياً كان أو سلبياً.. أعاود شكرهم جميعاً، لقد أضفتم لى الكثير، هنا تشكلت شخصيتى وأصبحت أكثر وضوحاً والتزاماً بمهنة تفقد الكثير تحت وطأة الضغط السياسى، هنا تعلمت أن البناء وحده ليس إنجازاً.. كنا نبنى «الوطن»، فى حين أن الوطن الأم ينهار، إذاً ما قيمة أن تبنى حجرتك فى منزل آيل للسقوط؟ هكذا آمنت وأغلب الزملاء أن جزءاً أكبر من بنائنا مرتبط بالبناء الأم، بالوطن الأكبر مصر، وبالمهنة التى كادت أن تتغير معالمها وتقاليدها.. هنا أتعلم لكى أحافظ على اللقب الذى سعيت له وحلمت به طيلة سنوات عمرى، أن أكون صحفية وكفى.
- قائمة الشكر تتسع، تكاد تلتهم الصحيفة إذا ما قررت أن أترجمها لأسماء، وهناك من تعجز الكلمات عن شكرهم، لهم فى القلب مساحة وتأثير يعلمونه جيداً.. ويوماً ما سأقف على عتبة مذكرات، أمنح فيها للبعض جزءاً من قدرهم لدى.. وإلى أن يحدث، شكراً لقراء «الوطن».