«دير جبل الطير».. «قرية» تنتظر التطوير و«كنيسة» فى مرحلة الترميم
دير جبل الطير
هرباً من الرومان اختبأت العائلة المقدسة فى مغارة صغيرة، وأقامت بها 3 أيام عقب رحلتها من المعادى، وعبرت نهر النيل وصولاً لتلك المغارة، ثم بدأت القديسة والملكة هيلانا فى نحت كنيسة العذراء سنة 328 ميلادية لتصبح عبارة عن «قطعة صخرية منحوتة فى الجبل»، ومنذ ذلك التوقيت أصبحت منطقة «دير جبل الطير» بمركز سمالوط التابع لمحافظة المنيا وبداخلها كنيسة العذراء المنحوتة فى الجبل، مقصداً لآلاف الزوار المسيحيين والمسلمين الذين يصل عددهم إلى مليونى زائر سنوياً، وتنتظر القرية استقبال المزيد عقب تصنيف منظمة اليونيسكو لـ«دير جبل الطير» بأنه ثانى أبرز محطة بعد «دير المحرق» فى رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، وإدراجه ضمن رحلة الحج الدينية العالمية، وبذلك وُضعت المنطقة ضمن الخريطة العالمية.
«الكنيسة عبارة عن كتلة صخرية مفرغة فى الجبل، تتكون من 4 حوائط متواصلة ومترابطة مع بعضها البعض، وتتكون من 12 عموداً، ويميزها المغارة، بالإضافة إلى أنها معمودية فى نفس العمود. ومنذ القرن الرابع الميلادى بدأ الحجاج يأتون إلى الكنيسة ويتبركون بها.. ولدينا هنا أعظم ملحمة حب بين المسلمين والمسيحيين حقيقة وليست كلاماً فقط»، قالها القس ثاوفيلس القمص متى كامل «راعى كنيسة العذراء» بـ«دير جبل الطير». وعن سبب تسمية المكان بذلك الاسم يوضح «ثاوفيلس» أن هناك العديد من المؤرخين كتبوا عن ذلك المكان، أولهم الشيخ أحمد تقى الدين المعروف بالمقريزى، والذى أوضح أسباب تسمية المكان بجبل الطير بأنه كان هناك طائر يُشبه أبوالقردان، وكان يُهاجر ويتجمع بكثرة على الجبل وأن الكنيسة فى الأساس هى قطعة صخرية منحوتة فى الجبل فتم تسمية القرية بأكملها «دير جبل الطير».
راعى «العذراء»: للقرية أسماء أخرى منها «البكارة» و«جبل الكف» وتضم 2000 أسرة مسيحية
أما الاسم الثانى للمكان، كما شرحه «راعى كنيسة العذراء»، فهو «جبل الكف» والذى تحدّث عنه وأوضح أن سبب تلك التسمية هو البابا ثاوفيلس البطريرك رقم 23 من خلال رؤية قابل فيها السيدة العذراء وحكت له أنهم أثناء عبورهم نهر النيل كانت هناك ساحرة شريرة تقطع الطريق على جميع المراكب النيلية، وأن السيد المسيح كان يعبر بصورة أذهلت تلك الساحرة، وللتغلب عليهم قامت الساحرة بإلقاء صخرة ضخمة تجاههم من أجل إغراقهم بنهر النيل، والسيد المسيح بدأ بتحريك يده ورفعها تجاه الصخرة الضخمة وانطبعت آثار كفه على تلك الصخرة، وبالفعل منع الصخرة من الارتطام بهم ووصلوا سالمين إلى المغارة، ومنذ ذلك الوقت انتهت أسطورة تلك الساحرة.
«راعى الكنيسة» يشرح الاسم الأخير قائلاً إنه اتضح من خلال «الخطط التوفيقية» التى كتبها المؤرخ «على باشا مبارك»، والتى أكد من خلالها أنه يوجد دير على سفح الجبل ومن يريد أن يصعد إليه يجب أن يركب «البكرة»، وكانت فى ذلك التوقيت هى وسيلة الصعود والنزول إلى الكنيسة لذلك سُميت المنطقة بـ«البكارة».
«كنيسة العذراء مريم» ينقصها صخرة انطبع عليها كفّ السيد المسيح، كما يؤكد «ثاوفيلس» أنه منذ نحو 12 عاماً جاءت مجموعة من البريطانيين وبدأوا فى إجراء أبحاث على الحجر الجيرى للتأكد من مطابقة الحجر الجيرى بتلك الصخرة التى توجد لديهم بأحد المتاحف ببريطانيا، وهى عبارة عن 70 فى 50 سم ومنطبع عليها كف السيد المسيح، وناشد «راعى الكنيسة» وزيرَى الآثار والسياحة وكافة المسئولين إعادة تلك الصخرة مرة أخرى إلى الكنيسة، قائلاً: «ليس لدينا حتى صورة فوتوغرافية لها، وعلمت أنها محفوظة فى درجة حرارة معينة حتى لا تتأثر بعوامل الجو والرطوبة، ونحن أولى بذلك الحجر الصخرى».
وعن قرية «دير جبل الطير» بسمالوط يقول «ثاوفيلس» إن الأنبا «بفنوتيوس»، مطران سمالوط، يرعى المكان ويُشرف عليه فى الناحية الروحية والمعمارية والاجتماعية، ويسكن فى تلك القرية ما يقرب من ألفى أسرة مسيحية، وموجود فى المكان هنا 4 كنائس إلى جانب كنيسة العذراء، وهى كنيسة القديسة سالومى وكنيسة القديس يوسف البار، وكنيسة الهروب، وكنيسة العائلة المقدسة، بالإضافة إلى دير أبومغار.
ودخلت كنيسة العذراء مريم مرحلة الترميم فى شهر مايو 2017، وتحتاج إلى 3 سنوات من أجل إنهاء أعمال ترميمها، مثلما أوضح «راعى الكنيسة» وأنها مُغلقة أمام الزوار، والمغارة فقط هى المفتوحة فى الوقت الحالى، وشمل التطوير ترميم الأسقف والمنارات والحجاب والهيكل والأيقونات والأرضية، أما المنطقة بأكملها فبدأت بها عمليات التطوير عن طريق المحافظ ووزيرى الآثار والسياحة مع القوات المسلحة عن طريق مشروع تنظيف المنطقة المحيطة بالكنيسة مع وضع الحجر البازلت، والبدء فى إنشاء طريق يربط الطريق الصحراوى الشرقى بالمنطقة.
وعن احتياجات قرية «دير جبل الطير» يقول «ثاوفيلس»: «نحتاج إلى تمهيد الطرق بشكل يليق بمكانة الكنيسة، ومثلاً على الطريق الصحراوى الشرقى لا توجد أى لافتات تشير إلى منطقة دير جبل الطير، ونفس القصة لمن يأتى من طريق أسيوط لا توجد أى لافتات، ونطالب بوضع لافتات توضيحية فى كافة الطرق والاتجاهات من أجل المساعدة وتسهيل الوصول إلى منطقة دير جبل الطير».
قطع المياه والكهرباء أثناء الاحتفالات أكثر ما يؤرق «راعى الكنيسة»، مشيراً إلى أن هناك احتفالاً بذكرى مجىء العائلة المقدسة إلى أرض مصر فى الفترة من 10 إلى 17 مايو من كل عام، ويأتى إليها نحو 2 مليون زائر مسيحيين ومسلمين، ويتم فتح الكنيسة 24 ساعة وتخصيص بوابة للدخول وأخرى للخروج، وقال: «نطالب فى أيام الاحتفالات بعدم قطع المياه والكهرباء، لأن قطع المياه والكهرباء مشكلة نعانى منها فى كافة أيام العام، وتحتاج القرية إلى وجود وحدة صحية مجهزة بكافة الإسعافات الأولية وتوفير أطباء، ونعانى من غياب الاهتمام بالرعاية الصحية، ونحتاج إلى مكتب بريد»، موضحاً أنه لا توجد أزمة فى المعيشة والإقامة داخل منطقة «جبل الطير»، لأنه يوجد حالياً مبنيان، إلى جانب أن الأنبا «بفنوتيوس» يقوم حالياً ببناء مبنى ثالث إلى جوار الكنيسة على مساحة ألف ونصف ألف متر، وتُستخدم المبانى الثلاثة للإقامة أو السكن لزوار المنطقة.