مع وضع إيران المضطرب.. هل ستتحمل "البلد المعاقب" مزيدا من العزلة؟
ترامب
سيناريوهات عدة تفرض نفسها على الوضع في طهران بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي المبرم في 2015، أولها تأثر الوضع الاقتصادي حتما بالعقوبات التي ستفرض نفسها على الأحداث، والتي سيبدأ تنفيذها فورا دون انتظار، وثاني تلك السيناريوهات هو رضوخ السلطات الإيرانية للضغوط الدولية والشعبية للقبول بتعديل الاتفاق النووي وإنتاج آخر يرضي الجانب الأمريكي وحلفائه.
وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير السيد أمين شلبي، إن العقوبات الاقتصادية التي ستفرضها الولايات المتحدة على إيران وسيبدأ تطبيقها فورا سيكون لها أثر سلبي سريع على الوضع الداخلي في طهران، في ذات الوقت الذي تشهد فيه البلد "الشيعي" احتجاجات شعبية خلال الشهور الماضية بسبب الظروف الصعبة التي تمر بها.
وأوضح السفير أمين شلبي لـ"الوطن"، إن الرئيس الإيراني حسن روحاني اعترف بنفسه بأن العقوبات ستؤثر على الوضع العام في إيران لمدة شهرين فقط، وسوف تفعل الدولة ما في وسعها لتخطي تلك العقبات اعتمادا على التحالف الروسي الصيني والاتحاد الأوروبي أيضا.
وأشار مساعد وزير الخارجية الأسبق، إلى أن زيادة الضغوط الاقتصادية قد تؤدي إلى نتائج سلبية على الوضع السياسي داخل إيران في وقت قريب في ظل تصاعد الاحتاجات الشعبية.
فيما رأى مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير كمال عبدالمتعال، أن الاتحاد الأوروبي قد يلجأ لإيجاد صيغة جديدة حول الاتفاق النووي وإقناع إيران بالتفاوض حوله، خوفا من رحيل عشرات الشركات الأوروبية التي سارعت بالذهاب إلى طهران عقب الاتفاق النووي في عام 2015.
وقال عبدالمتعال لـ"الوطن"، إن الولايات المتحدة ستفرض ضغوطا على الاتحاد الأوروبي، ما يجبر الشركات الاقتصادية على الانسحاب من إيران سريعا، ما يجعل طهران في موقف صعب وليس أمامها سوى التفاوض حول صيغة الاتفاق النووي وبنوده.
وتستعرض "الوطن" بداية فرض العقوبات الأمريكية على إيران، التي بدأت في 1996، حين أصدر الكونجرس الأمريكي قانون العقوبات عليها إلى جانب ليبيا، وتضمن القانون فرض الولايات المتحدة عقوبتين من أصل سبع على جميع الشركات الأجنبية التي تستثمر بأكثر من 20 مليون دولار في مجال تنمية موارد النفط في إيران.
كما حرمت طهران من المساعدة في بنك التصدير والاسيتراد، ومن ترخيص التصدير لصادرات الشركات المعاقبة، وحظر على قروض أو ائتمانات المؤسسات المالية الأمريكية لأكثر من 10 ملاين دولار لفترة 12 شهرا، وحظر تصنيف تلك الشركات كتاجر أساسي لصكوك الدين الحكومي الأمريكي.
وفي 31 يوليو 2006، طالب مجلس الأمن إيران بوقف جميع الأنشطة المتعلقة بإعادة المعالجة والتنشيط النووي، استناداً إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لكن لم يُفرض عقوبات، وصدر في 23 ديسمبر 2006 منع الإمداد بالمواد والتكنولوجيا النووية وتجميد أصول الشركات والأفراد الرئيسيين المرتبطين بالبرنامج النووي الإيراني.
وفرض في 24 مارس 2007، حظر على الأسلحة وتوسيع تجميد الأصول الإيرانية، ووسع تجميد الأصول ودعي الدول لمراقبة أنشطة البنوك في 3 مارس 2008، توسيع، مع تفتيش السفن والطائرات، ومراقبة حركة الأفراد المرتبطين بالبرنامج النووي في طهران، وفي 9 يونيو 2010 منعت إيران من المشاركة في الأنشطة المتعلقة بالصواريخ البالستية، وتشديد الحظر المفروض على الأسلحة، وحظر على سفر الأفراد المشاركين في البرنامج، وتجميد التمويل والأصول الخاصة بالحرس الثوري الإيراني وخطوط الشحن، وتوصية الدول بتفتيش سفن الشحن التابعة لطهران، ومنع تقديم الخدمات لسفن إيرانية تشارك في أنشطة محظورة، ومنع تقديم الخدمات المالية المستخدمة في النشاطات النووية الحساسة، والمراقبة عن كثب للأفراد والكيانات الإيرانية عند التعامل معهم، وحظر فتح البنوك الإيرانية في أراضيهم ومنع البنوك الإيرانية من الدخول في علاقة مع بنوكهم، إذ يمكن أن تكون مشاركة في البرنامج النووي الإيراني، إضافة إلى منع المؤسسات المالية من العمل في أراضيهم من خلال مكاتب وحسابات مفتوحة في إيران.
في يوليو 2012، أصدرت الإدارة الأمريكية قرارها بتطبيق دفعة جديدة من العقوبات على إيران متهمة إياها بالمضي في تنفيذ برنامج نووي عسكري وتصدير الإرهاب، إذ تنطبق العقوبات الجديدة على منظمات عسكرية إيرانية ومصارف وأفراد، كما تم تجميد كل حسابات هذه الجهات بالولايات المتحدة ومنع المواطنين الأميركيين من أي تعامل معها.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن سوء إدارة الحكومة الإيرانية للاقتصاد والعقوبات الدولية على إيران بسبب برنامجها النووي، تسبب في ارتفاع كبير في معدل التضخم في البلاد، مضيفة أن بدء تنفيذ العقوبات الأمريكية الجديدة في يوليو 2012، ضد إيران استهدف في الأساس خفض صادرات النفط ما يزيد سوء وضع الاقتصاد الإيراني.
ونتيجة لتلك العقوبات، فقد الريال الإيراني نصف قيمته مقابل العملات الأخرى، كما ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية بصورة كبيرة، ويقول اقتصاديون إن أسعار السلع ارتفعت بأكثر من المستوى المعلن رسميا وهو 25%، بينما ارتفع سعر الخبز 16 ضعفا منذ رفع الدعم الحكومي عنه في عام 2010.