«تنادى» تحيا على ذكرى زوجها: «عشت معاه أكتر من أبويا وأمى»
صناعة البوص سبيل «تنادى» لكسب رزقها
بعباءة وخمار مطرز، ووجه بشوش، جلست «تنادى عبده الجيزة»، على كرسى خشبى، أمام بيتها المكون من طابقين، هى بالطابق الأول، وابنها الأصغر مع أسرته فى الطابق الثانى، فى قرية الغوابين بمنطقة فارسكور، وبجوارها مجموعة من الحصير، المصنوع من البوص، متراص فوق بعضه البعض، حيث أصبح بيعه هو مهنتها، بعد وفاة زوجها منذ 4 سنوات، إذ كانت هى مهنته هو الآخر، والتى قالت: «دى شغلانة جوزى، وهفضل أشتغلها لحد ما أموت»، حيث إن حبها الكبير لزوجها جعلها تواصل مهنته التى عاش عليها طيلة حياته.
شردت «تنادى» لبضع ثوان، وأغرورقت عيناها، وبدأت تتحدث بنبرة يشوبها الحنين، قائلة: «أنا عشت مع جوزى أكتر ما عشت مع أبويا وأمى، وشفت معاه أيام حلوة كتير، ولازم أفضل فاكراه، ومخلدة شغلانته لحد ما أحصله».
لم تكن «تنادى» على علم بهذه المهنة من قبل، إذ كانت تعيش مع والديها فى مدينة جمصة، كما تقول، وبعد زواجها انتقلت مع زوجها للعيش معه فى هذه القرية: «أنا أصلاً من جمصة، ولما جيت عشت مع جوزى، اشتغلت معاه من وأنا عروسة، كان شغال فى البوص، لحد ما ربنا افتكره، بس كان بيصنعه هو بنفسه، ما كانش بيشتريه جاهز».
«مش عارفه والله عندى كام سنة، ما بعدش.. أنا عايشة بقالى كتير».. قالتها «تنادى» بابتسامة عريضة، ملأت ملامح وجهها النحيف، عند سؤالها عن سنها، فهى بالفعل لا تدرى إلى أين وصل عمرها، فهى تعيش وتعمل حتى تذهب إلى زوجها فى دار الحق، على حد قولها.
«عندى ابنى مدرس والثانى شغال فى المركز، وطلبوا منى أكتر من مرة أقعد فى البيت لكن ما كنتش بأرضى أسيب شغلانة جوزى، وهفضل شغالة لحد ما أموت»، لم يستطع أولاد «تنادى» إقناعها بترك العمل والجلوس بالمنزل، فإخلاصها لزوجها كان أكبر بكثير من إرضائها لأولادها.
وعن طبيعة عملها، أشارت «تنادى» إلى شرائها «السدد» المصنوعة من الغاب، من أحد التجار بقرية الروضة المجاورة لقرية فارسكور، ثم تقوم ببيعها للزبائن، ولا يتعدى مكسبها الخمسة جنيهات فى الواحدة: «المكسب مش كبير.. بس أهو قرش أصرف بيه على نفسى.. أحسن ما استنى حد يصرف عليا، اللى بشتغل بيه فى يومى باكل بيه، والحمد لله ربنا بيرزقنى من عنده، عشان ما أمدش إيدى لحد». نفساً طويلاً أخذته «تنادى» فى نهاية حديثها، ثم قالت: «ربنا يقدرنى ويطول عمرى كمان وكمان عشان أفضل عايشة واشتغل شغلانة جوزى».
تنادى