الشيخ عبدالحكيم عبداللطيف.. ملك القراءات
عبدالحكيم عبداللطيف
صوته لا تخطئه أذن، فعندما يعلن المذيع بصوته المميز: «اقرأوا القرآن»، سوف تستدعيه ذاكرتك على الفور، فقد اعتاد على مدار عقود أن يشرح لمستمعى إذاعة القرآن الكريم من القاهرة كيف يقرأون كتاب الله بالقراءات المختلفة، فهذه قراءة حفص أو شعبة عن عاصم، وتلك لورش أو قالون عن نافع، وأخرى للدورى وسادسة للسوسى عن أبى عمرو.. وسابعة لخلف العاشر.. إنه شيخ عموم المقارئ المصرية العلامة عبدالحكيم عبداللطيف.
فى 17 سبتمبر 1936 الموافق لغرة رجب وأمام مسجد المحمدى بالدمرداش فى وسط القاهرة ولد الشيخ عبدالحكيم لأب وفد من قرية الطويرات التابعة لمركز قنا جنوب مصر، وبدأ تاجراً فى الأخشاب ومقاولاً، كما امتلك محلات بقالة.
قبل أن يتجاوز الخامسة من عمره، أرسله أبوه إلى مكتب تحفيظ مسجد المحمدى، فأتم حفظ القرآن الكريم قبل أن يبلغ 13 عاماً، على يد شيخه إمام عبده حلاوة، الذى تلقى القرآن عن الشيخ حسن الجريسى عن أبيه عن الشيخ المتولى، برواية حفص.
قرأ الشيخ عبدالحكيم على تلميذ شيخه الشيخ على مصطفى عرفة عدة ختمات إعادة، وعلى غيره من مشايخ المسجد، كما التحق بالمعهد الأزهرى الابتدائى، ورغم انتظامه فى الدراسة أصر والده على أن ينتقل إلى معهد القراءات بالأزهر عام 1950، الذى لم يكن مسموحاً بالتدريس فيه إلا لمن قرأ القرآن بالقراءات العشر، وناظمة الزهر فى العد، والعقيلة فى الرسم، وحصل على العالمية فى القراءات.
أنهى الشيخ عبدالحكيم المرحلة الأولى، وهى إجازة التجويد برواية حفص، فانتقل إلى المرحلة الثانية، وهى مرحلة عالية القراءات، وتتضمن دراسة الشاطبية والدرة، وغير ذلك من التفسير والرسم والفواصل والنحو والصرف والفقه.
عين الشيخ مدرس ابتدائى بالأزهر فى الإسكندرية، ، فانقطع عن شيخه مصطفى منصور الباجورى الذى كان يقرأ بين يديه فى مسجد المحمدى بجميع القراءات، وعندما عاد ليحصل منه على إجازة خطية فوجئ بوفاته، فانتقل لإكمال القراءات على يد الشيخ حسن الزيات، كما قرأ غالبية السور على الشيخ إبراهيم شحاتة السمنودى، وأجازه إجازة مكتوبة بالكتب الثلاثة «الشاطبية» و«الدرة» و«الطيبة»، كما قرأ على الشيخين محمد إسماعيل الهمدانى، وعامر السيد عثمان ثلاثة أجزاء لورش بالجامع الأزهر، و3 أجزاء على الشيخ خليل الباسوسى.
انتقل الشيخ إلى التدريس بمعهد القراءات بالقاهرة، وتتلمذ على يديه كثيرون من المصريين والأجانب، ثم عمل مفتشاً بالمعاهد الأزهرية حتى أحيل للتقاعد سنة 1997، ثم عين شيخاً لعدة مقارئ منها مقرأة مساجد الشعرانى والسيدة نفيسة، والسيدة سكينة، ومقرأة الأزهر، وتولى وكالة لجنة تصحيح المصاحف بالأزهر، واحتفظ بمشيخة عموم المقارئ المصرية حتى وفاته فى 9 سبتمبر 2016.
وخلال مشواره الرائع فى خدمة القرآن وعلومه، أكمل الشيخ عبدالحكيم كتاب الكوكب الدرى للشيخ قمحاوى، وشرح منظومة قراءة الكسائى للشيخ الضباع، وسماها: حديقة الرائى، كما سجل ختمتين لحفص إحداهما بقصر المنفصل وختمة لشعبة، وبدأ فى ختمة مصورة لأبى جعفر وصل فيها إلى «فحملته فانتبذت» فى سورة مريم، بالإضافة إلى مئات الحلقات من برنامجه الأشهر «اقرأوا القرآن».