في بيوت الله| مسجد "السلطان الحنفي".. تاريخ عريق وماء "لا ينقطع"
مسجد السلطان الحنفي
تسير ببطء مجبرًا ولست مخيرًا.. ترغمك قدماك حينما تطأ أرض السيدة زينب على التروي والتمهل كي تتشبع روحك من الروحانيات التي تملأ المكان، شارع الحنفي بحي السيدة زينب تتَابعت المساجد الأثرية واحدًا تلو الآخر، يحمل المكان عبق التاريخ كما يحمل أضرحة وأجساد أولياء وأئمة، بجانب شخصيات عدة ساهمت بشكل فعال في التاريخ المصري القديم، فمنهم سلسال من أحفاد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ومنهم من كان إمامًا أو وليًا صالحًا من أولياء الله الصالحين ليسطر التاريخ في كلمات سيرته العطرة الذكية ويصبح له جزء واقعي يخلد به اسمه وسيرته فيكون له مسجد وضريح تتعاقب وتتوالى الأجيال عليه ليكون هذا المكان خير شاهد على خير سلف صالح لهؤلاء الرجال والسيدات. مسجد الإمام الحنفي رضي الله عنه من أبرز المساجد الموجودة بالحي، فهو شمس الدين الحنفي ولد سنة "755 هـ، وتوفي سنة 847 هـ" عاش 72 عامًا ودُفن بحي السيدة زينب بالقاهرة بشارع الحنفي هو من نسل سيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه ولذا فهو يحسب من أهل البيت إذ يجتمع نسل سيدنا أبوبكر الصديق مع نسل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الجد السادس لأبي بكر الصديق، لُقب بـ"الحنفي" لسيره على هدي الإمام أبي حنيفة النعمان ولُقب بـ"السلطان" لأن الله جعل له من فضله ونفوذه ما جعل له رأيًا نافذًا لدى السلاطين، حيث كان يستخدم هذا الخير في قضاء حوائج ضعاف القوم. من حجرته المنمقة بالمسجد والتي حوت كتبًا فقهية ومجلدات دينية، وحوائط زينت بألوان صاخبة وإن غالبها الزمن لينطفئ جمالها بعض الشيء، الحجرة باتت أيضًا منطلقًا لتمر إفطار الصائمين، تحدث إمام المسجد عمرو محمد عبدالحميد قائلاً: "المسجد من العصر العثماني وعمره يفوق الـ200"، الرجل الذي شارف على الأربعين ربيعًا لم تتملكه ملامح الأزهريين، فلا يرتدي العمامة الأزهرية أو الزي الرسمي للأزهر إنما اكتفى بجلبابه الأبيض ولم يدع للحية فرصة الانطلاق لتزين هيئته كالبقية من أبناء أزهريته، فنظارته الطبية وشعره الأسود متوسط الطول الذي مشط للخلف ووجهه الأبيض الدائري هي أبرز معالمه مع ما قد سبق، يتابع قائلاً إن المسجد أعيد بناؤه في الدولة العثمانية فهو موجود منذ أكثر من هذا، وينتمي المسجد للإمام محمد شمس الدين الحنفي نسبة للرجل الذي يعد من آل البيت. الرجل يتابع قائلاً: "في المسجد بئر لا تنضب عمرها أكثر من 600 عام ويزورها الكثير من الناس من داخل وخارج مصر ويعتقد البعض بأن هذا الماء مبارك فهذا المكان لا تنقطع عنه الماء ولا تنضب أبدًا، ذكر عن هذا الإمام أنه كان يسير على الماء وكان يدعو للبعض فيستجاب له وكانت هذه الأشياء من كرامات الإمام". يتابع الأزهري حديثه قائلاً: "يقام بالمسجد صلاة التراويح على طريقة الأحناف ويصنع الناس للصائمين الإفطار وللمسجد نشاط معروف فهو يعد خامس مسجد من الناحية الأثرية أو المعمارية لتميزه بالمعمار الرائع فمساحة المسجد التي تصل لـ900 متر تعج بالمصلين من أماكن عدة ضمنهم مصلين من خارج مصر، أما مائدة الإفطار فالقائمة عليها لجنة الزكاة الخاصة بالمسجد ويحضر للمسجد علماء من وزارة الأوقاف لإلقاء الخطب في ليالي رمضان. يختتم إمام المسجد حديثه قائلاً: "المسجد في رمضان ملئ بالروحانيات والنفحات والخيرات فالكل على قدم وساق لتحصيل أعلى درجات الإيمان".