إبراهيم العجمى يكتب: أسوان كما أتمناها
إبراهيم العجمى
أحلم كما يحلم أغلب أبناء جيلى من شباب محافظة أسوان بالمستقبل الذى يليق بتلك الساحرة التى وهب لها الله من مختلف الخيرات، ففيها الطبيعة الخلابة الفريدة من نوعها حيث يشق نهر النيل مساره بين الصخور البركانية منذ آلاف السنين وعلى الضفاف كثبان الرمال الذهبية المتموجة يفصلها عن النيل شريط أخضر من خيرات الله يعلوه أغصان النخيل المتشابكة تحمل رطباً، والأهم هو طيبة أهل أسوان التى جعلتهم لكرم الضيافة والبشاشة والترحيب بمختلف الزائرين فى فصل الشتاء الدافئ خير عنوان. ومع ذلك تعانى أسوان مثل أغلب محافظات الصعيد من التهميش وقلة نصيبها فى موارد التنمية، وظهرت ملامح هذه المعاناة بشكل واضح مع تضرر قطاع السياحة فى فترة غياب الأمن، فالمحافظة التى تعتمد على الأنشطة الخدمية شهدت «وقف الحال» وما زالت تداعياته مستمرة حتى يومنا هذا بالرغم من إعلان الحكومة أكثر من مرة الاهتمام وإعطاء الأولوية لتنمية الصعيد، بجانب زيارات الرئيس المتكررة وإعلان أسوان عاصمة للثقافة والاقتصاد الأفريقى، ولكن هنا تكمن مشاكل محافظة أسوان، التى يمكن أن نختصرها فى ثلاث نقاط وهى: غياب الرؤية، سوء التخطيط، وفشل إدارة الأزمات.
1- غياب الرؤية، وتتمثل فى عدم وجود رؤيةٍ واضحة المعالم مربوطة بجدولٍ زمنى محدد يمكن من خلالها معرفة المستقبل الاستثمارى والتنموى فى المحافظة، وبسبب غياب الرؤية المستقبلية تضيع كثير من فرص الاستثمار والتنمية، بجانب إتاحة المجال للعشوائية والارتجال وإهدار الموارد، على سبيل المثال يصرف على كورنيش النيل بأسوان الكثير مع قدوم كل محافظ جديد برؤيةٍ جديدةٍ مختلفة لتجميل المدينة، فى حين أن هناك احتياجات عاجلة ومناطق أولى بكثير من الكورنيش بالاهتمام وتلك الموارد المهدرة.
2- سوء التخطيط، آفة محافظة أسوان قلة خبرة من يملكون اتخاذ القرار فيها وعدم الاستعانة بأهل الخبرة والعلم والتخصص، وهو ما يؤدى فى النهاية للقرارات الخاطئة غير المدروسة، على سبيل المثال قرار إلغاء ركنة السيارات على كورنيش النيل ثم التراجع عنه بعد أسبوع واحدٍ فقط، فشل تطبيق منظومة «جمع القمامة من المنازل» والتعامل مع ملف النظافة بشكل عام، و«حملة جميلة يا بلدى» وغيرها، ويظل العامل المشترك فى فشل تطبيق أغلب تلك القرارات والأفكار هو سوء التخطيط.
3- فشل إدارة الأزمات، حفظ الله أسوان من الكوارث والأزمات الطبيعية مثل التى تحدث فى أغلب المحافظات، ومنذ أزمة سيول أسوان فى عام 2010 وتم عمل اللازم من تطهيرٍ لمخرات السيول وخلافه، ولكن يتبقى التعامل مع الأزمات اليومية التى فى حاجةٍ ماسة لعمل «دولاب إدارة الأزمات» يكون جاهزاً للخروج عند الحاجة وعدم الاكتفاء بالتعامل مع الأزمات بسياسة رد الفعل غير المضمونة العواقب، ويمكن فيها لا قدر الله أن تخرج الأمور عن السيطرة وتتحول الأزمة إلى كارثة.
الخلاصة هى أن أسوان تفتقر لمحافظ يكون رجل دولة على مستوى طموحات الإدارة السياسية للبلاد، يستطيع تحويل الخطط والقرارات والأفكار لواقعٍ ملموس يشعر به المواطن الأسوانى فى حياته اليومية، وهذا لن يتم دون مساعدة واستشارة القيادات الطبيعية والشعبية من أهل أسوان الذين هم أدرى بشعابها، حتى نصل فى النهاية لأسوان التى نتمناها.
باحث فى الشأن الأفريقى
بمعهد الأبحاث والدراسات الأفريقية جامعة أسوان