رحيل سمراء النيل الحزن يخيم على الوسط الفنى
مديحة يسرى
بعد 97 عاماً شكلت رحلة طويلة من العطاء الفنى والإنسانى، رحلت عن عالمنا الفنانة الكبيرة مديحة يسرى، حيث لم تستطع مواجهة ضربات المرض الموجّهة إلى جسدها المنهك، وحرص كل أصدقائها وتلاميذها من الفنانين على وداعها بشكل يليق بالدور الذى لعبته فى حياة كل منهم، سواء كمرشدة أو داعمة لهم وهم فى بداية مشوارهم الفنى، أو كصديقة جمعت بينهم ذكريات ومواقف تبقى فى الذاكرة.
قضت «سمراء النيل» الفترة الأخيرة من حياتها فى حالة عدم استقرار بالنسبة للجانب الصحى، حيث دخلت فى غيبوبة متقطعة استلزم معها وجودها فى العناية المركزة، حيث كانت مهدّدة بالطرد من المستشفى، لتراكم ديون نفقات علاجها، بعد أن طالبتها الإدارة أكثر من مرة بالدفع أو مغادرة المستشفى، مما جعلها فى موقف صعب للغاية، ليُصدر بعد ذلك رئيس الوزراء شريف إسماعيل، ووزير الدفاع صدقى صبحى، قراراً بنقلها إلى مستشفى المعادى العسكرى لتعالج على نفقة الدولة.
«العلايلى»: شعرت بأننى أمام «جبل تمثيل» عندما عملت معها.. «صبرى»: هانم السينما المصرية.. «شيرين»: لم تبخل على أى ممثل بالنصيحة «شاهين»: شديدة الاحترام لفنها وكنت آخر من زارها.. «زكى»: كانت توصينى باحترام جمهورى.. «دانيال»: تألمت فى آخر أيامها بسبب وفاة نجلها
حالة من الحزن سادت بين أبناء الوسط الفنى منذ أمس، بعد وفاة الفنانة القديرة مديحة يسرى، لا سيما كل من عاصروها وعملوا معها من أبناء جيلها من فنانين ومخرجين وكبار الكتاب.
الفنان عزت العلايلى نعى زميلته الراحلة، قائلاً: «كانت فنانة عظيمة وامرأة فاضلة، وصاحبة فضل على الكثير، ودائمة السؤال على زملائها، ولديها أرشيف فنى كبير، بالإضافة إلى أنها أنتجت عدة أعمال مهمة وأثرت فى السينما المصرية بالعديد من المواقف، وأبرز ما تمتعت به هو أنها كانت فنانة صادقة».
وأكمل: عملنا معاً فى فيلم «الصبر فى الملاحات» للمخرج أحمد يحيى عام 1985، حيث كانت تحرص على الحضور فى مواعيدها وتراجع دورها أكثر من مرة قبل الدخول فى التصوير، فتشعر إذا وقفت أمامها أنك أمام «جبل تمثيل».
وقال الفنان سمير صبرى: «فقدنا هانم السينما المصرية، وصاحبة قصة كفاح طويلة لأكثر من 70 سنة من الفن الراقى، فكانت امرأة قوية الإرادة وشخصية سخية فى إنتاج أفلامها، كما أنها قدمت كل الأدوار، حتى إنها قدمت دور الأم لعبدالحليم حافظ فى فيلم «الخطايا» وهى صغيرة فى السن».
وأضاف: «عملت معها فى فيلم (الحب المحرم)، واستضفتها فى عدة لقاءات تليفزيونية، فكانت دائماً أقوى من الصدمات، وظهر ذلك عند رحيل زوجيها أحمد سالم ومحمد فوزى، وتأميم شركة صوت القاهرة التى كان يمتلكها «فوزى»، وكانت تشارك فيها، وحتى رحيل ابنها عمرو فوزى، بطل الكاراتيه، الذى مات فى حادث سيارة».
ونعى الفنان سامح الصريطى الفنانة الراحلة، قائلاً: «وجهها كان منيراً فى آخر مرة زرتها فيها، وقد عاتبتنى بسبب انشغالى عنها، فقد كنت منهمكاً فى تصوير الأعمال الرمضانية، حيث اشتكت لى من كثرة التنقل بين المستشفيات، لكن الرئيس السيسى حقق لها أمنيتها فى نقلها إلى مستشفى القوات المسلحة».
وأبدت الفنانة شيرين غضبها الشديد من نقابة الممثلين، لعدم إخبارها بنبأ وفاة الراحلة، وهو ما نتج عنه غيابها عن حضور الجنازة، قائلة: «كان يجب على النقابة أن تخبرنا من خلال رسائل الموبايل». واستطردت: «حزنت كثيراً لوفاة سمراء النيل لأنها كانت فنانة عظيمة تعلمت منها الكثير، وكنت حريصة على متابعة أعمالها».
بعد رحلة 70 سنة مع الفن والإبداع
وتابعت: «عملت معها فى فيلم «إنهم يسرقون عمرى»، ثم تقابلنا مرة أخرى فى فيلم «الإرهابى»، حيث كانت تقوم بدور والدتى، وخلال هذين العملين تعلمت منها الكثير فهى محبة لعملها ولا تبخل بالنصيحة على الممثل». وبحسب شيرين: «تقابلنا فى الحياة كثيراً وكنت أتابع أخبارها بواسطة جليستها فى دار المنى، وكان أملها أن تنتقل إلى مستشفى القوات المسلحة فى المعادى، وربنا أعطاها صبراً جميلاً وقوة تحمل إلى آخر لحظة فى عمرها، فقد كانت فنانة قوية وعظيمة، وتوفيت فى أيام مباركة».
وقالت الفنانة إلهام شاهين: «مديحة يسرى إنسانة محترمة وفنانة كبيرة، وجيلنا بأكمله يعتبر أولادها، فهى التى كانت تقول لنا «أنا ماما»، حتى الجيل الأكبر منى سناً كان يقول لها «ماما مديحة».
وتابعت «شاهين» لـ«الوطن»: «كنت آخر من زارها فى المستشفى، وكان ذلك منذ يومين، واشتكت لى من كثرة التنقل بين المستشفيات لمدة عامين، وأخبرتنى بأنها ستنتقل إلى العناية المركزة».
وأعربت الفنانة ماجدة زكى عن حزنها قائلة: «كانت فنانة عظيمة وإنسانة راقية، وشديدة الاحترام لفنها، وجميعنا تعلم منها معنى الالتزام، وقد رحلت فى أيام مباركة».
وتابعت: «كنت على اتصال بها، بعد تصوير فيلم (الإرهابى)، وكانت أماً لنا جميعاً، وكانت تحب الفن لذاته وليس للمادة، فهى مدرسة لا تعوض، وكانت توصينى باحترام فنى وجمهورى، وألا أقدم أدواراً أكون غير راضية عنها».
وقال الأب بطرس دانيال إن «أكثر شىء كانت تتميز به الراحلة هو إنسانيتها ومواقفها الداعمة للفنانين، فكانت دائماً تسأل عن كل الناس وابتسامتها لم تفارقها أبداً رغم شعورها بالألم».
وتابع: «أهم ما كان يشغل بالها فى أيامها الأخيرة تذكرها الدائم لوفاة ابنها عمر، فقد كان هذا الأمر من أكثر الأشياء المؤلمة فى حياتها وضاعف من مرضها، وقد قضت آخر عامين من عمرها فى المستشفى».