«أم يوسف».. مسحراتى عين شمس
أم يوسف
بقطعة خرطوم صغيرة تمسكها بيدها اليسرى تطرق بعنف على طبلة كبيرة معلقة فى رقبتها بحبل حتى لا تسقط منها، وتردد بصوت أنثوى جهورى فى شوارع عزبة عاطف بعين شمس «اصحوا يا نايمين، السحور» إنها حنان عبدالحميد البسيط تخفى خلف صوتها الجهورى وجلبابها الفضفاض وخمارها الرمادى قصة إنسانية كبيرة. «بصحى سكان المنطقة من 5 سنين، وبتعاكس دايماً من الشباب رغم إنى بلبس محتشم»، هكذا قالت الشابة العشرينية المقيمة مع والدتها بقرية «المريج» بشبين القناطر، حيث ورثت مهنة المسحراتى عن أجدادها رغم ما تتعرض له من إهانة بعض الجيران لها ولأولادها بسبب عملها كمسحراتى، مضيفة: «كنت بنزل مع أبويا وأنا عندى 6 سنين أصحى الناس ولما تعب بطلت أنزل فى بلدى عشان الناس بتهينى وبيشتموا عيالى ويعايروهم بشغلتى، لكن بره بلدى بيراضونى»، مشيرة إلى أنها بدأت النزول وحدها فى الشوارع لإيقاظ الناس وهى فى العاشرة.
90 دقيقة هو زمن الرحلة من منزلها بـ«المريج» إلى منطقة عملها فى عين شمس، حيث تستقل 3 وسائل مواصلات تكلفها 15 جنيهاً، لتصل بعد منتصف الليل بناءً على طلب سكان المنطقة، وقالت: «لما نزلت مرة بدرى ورحت أصحى الناس على 11 بليل لقيتهم بيقولولى إحنا كلنا صاحيين انتى جاية بدرى ليه، ولا جاية تهزرى مع العيال»، وتتنقل حنان، المعروفة بـ«أم يوسف» نسبة لأكبر أطفالها، بين الأزقة لمدة لا تقل عن 3 ساعات متواصلة، ما يحرمها من السحور مع أطفالها الثلاثة، وعن هذا الوضع تقول: «مش بعرف أتسحر مع عيالى لأنى بفضل موجودة فى الشارع لحد الفجر، وباضطر أشترى سندوتشين فول أتسحر بيهم وخلاص»، توقفت لحظة لالتقاط عملات فضية ألقاها لها أحد الأطفال من شرفة منزله، ثم أكملت حديثها: «بعد ما باخلص بروح موقف مسطرد وأستنى على الرصيف لحد النهار ما يشقشق والموقف يشتغل وأركب على 6 الصبح».
«حنان» شرحت عشقها لعملها كمسحراتى رغم كونها مهنة للرجال فقط قائلة: «اتعودت أصحى الناس مع إن اللف فى الشوارع مرهق بس أعمل إيه كله عشان أصرف على عيالى بعد ما اتطلقت وبيطلعلى فى اليوم من 10 إلى 30 جنيه، لكن فى الأيام العادية بشتغل أى حاجة زى غسل السجاجيد ومسح السلالم»، مشيرة إلى أنها تحتفظ بأدواتها، الطبلة والخرطوم، التى اشترتها من الحسين بعد طلاقها منذ 3 سنوات فى جلباب فوق دولابها طوال العام.