«السمنية» و«المانجأونة» حلوى البورسعيدية.. سرها فى المقادير
«عبداللطيف» يخبز «المانجأونة»
لكل بلد أكلة تميزه، ولمحافظة بورسعيد خصوصية فى مأكولاتها، خاصة التى يدخل الدقيق والسمن أو الزيت فى مكوناتها، فبمقادير معينة يمكن أن تأكل «السمنية»، وإذا غيرت المقادير وأضفت إليها قليلاً من «اللبن والفانيليا والخميرة» فيمكنك أن تأكل «المانجأونة».
بقميص أبيض زاهى اللون وطاقية قطنية أخفت ملامح الشيب الذى غطى شعره، يقف الحاج محمد سالم، وشهرته «أبوياسر»، أمام عربة صغيرة فضية اللون يقطع حلوى «السمنية» قطعاً صغيرة على هيئة مكعبات، ثم يلقيها على سطح معدنى تشتعل النار أسفله، ويضيف قليلاً من السمن حتى يمتزج بمكعبات الحلوى، ليرفعها من على النار ويضعها فى ورقة بيضاء «قرطاس» قبل أن يسلمها لزبونه مقابل جنيهات قليلة.
«أبوياسر»: أكلة الزمن الجميل ورثتها عن أجدادى «السقايين».. و«عبداللطيف»: تؤكل ساخنة ومش أى حد يقدر يظبطها
يقول «أبوياسر»: «السمنية أكلة مش هتلاقيها غير فى بورسعيد، إحنا هنا بنسميها أكلة من الزمن الجميل، بقالى 40 سنة بشتغلها، اتعلمتها من جدى الكبير أحمد السقا، السقايين أهل والداتى هما أشهر ناس بيصنعوا السمنية ومعهم سر الصنعة».
ويضيف الرجل السبعينى: «السمنية عبارة عن دقيق فاخر وسكر، ولكن سرها يكمن فى المعايير، مش أى حد يعرف يظبطها، عندى معمل بحضّر فيه السمنية وبصبها فى صاجات كبيرة وبدخّلها فى فرن ساخن حتى تستوى على صهد الفرن، وليس النار المباشرة، ثم أتركها وأقطعها بالليل إلى قطع صغيرة وأقوم بتسخينها فى السمن الساخن وتقديمها للزبائن»، لافتاً إلى أن السمنية تُعتبر من الأكلات المغذية التى يعتبرها البورسعيدية فطار أو غدا يصمد معهم لوقت طويل، مقابل جنيهين.
بثقة مغلفة بحزن يتابع: «مفيش حد بقى يشتغلها غيرى أنا وواحد قريبى من عائلة السقايين، ولادى الاتنين ياسر وأسامة يعرفوا يصنعوها كويس، لكن للأسف رافضين يشتغلوها بمبدأ لن أعيش فى جلباب أبى، الوحيد الذى كان يحب تصنيعها والدى عمرو، ولكن توفاه الله».
لا يتذكر الرجل السبعينى أنه رأى «السمنية» فى محافظة أخرى خارج بورسعيد، ويرجح أن هذه الأكلة وافدة من تركيا على أغلب الظن، ولكنه لا يمتلك تأكيداً على ذلك: «بورسعيد كانت مفتوحة من زمان بسبب الميناء، كل الجاليات الأجنبية كانت موجودة، ممكن تكون جات لنا من الخارج، كل ما أعرفه أننى وجدت جدى يصنعها وأنه نقل لى سر صنعتها».
المكونات من السمن والزيت والدقيق أهم ما يميز أكلات المحافظة
على الجانب الآخر من حلوى السمنية، نجد «المانجأونة» أيضاً تحتل خصوصية عند أهالى بورسعيد، وهى تتكون من نفس مكونات «السمنية»، ولكن مع إضافة السكر واللبن والخميرة، وبمقادير معينة يعرفها «محمد عبداللطيف»، صاحب أحد المخابز الشعبية الشهيرة فى بورسعيد، يمكنك أن تأكل المانجأونة، هى أكلة تشبه «البريوش» أو «الشريك» المشهور فى القاهرة.
«مانجأونة» عبداللطيف لها شعبية خاصة، حتى أصحاب محال الحلويات والمخبوزات الشهيرة فى بورسعيد الذين يصنعون المانجأونة فى محالهم، يفضلون أكل «المانجأونة» من يد «عبداللطيف»: «أصحاب المحلات الكبيرة بييجوا ياكلوها من إيدى، وبياخدوا منها لبيوتهم».
وعن السر الذى يميز منتجه، يقول «عبداللطيف»: «أهم حاجة المكونات ونوعها، يعنى المانجأونة تحتاج إلى نوع زيت نضيف، والخميرة لازم تكون طبيعية، وبالنسبة للبن يتم استخدام اللبن الجاموسى وليس اللبن العادى، ولا يتم إضافة أى مكسبات طعم، ويتم تغطيتها بالبيض، ولكن بنسب معينة حتى لا تأخذ من زفارة البيض».
فترة طويلة عمل بها «عبداللطيف» فى العراق، كان يصنع خلالها «المانجأونة»، ولكن بطريقة اختلفت عن الطريقة المصرية: «هناك كانوا بيحبوا الأكل المسكر، كنا بعد ما نعمل المانجأونة نغطيها بطبقة من العسل».
نصيحة أخرى يطلقها «عبداللطيف» لزبائنه، وهى أن المانجأونة لا تؤكل إلا وهى ساخنة، لذلك يقوم بتسخينها قبل بيعها لزبائنه بالكيلو، الذى يصل سعره إلى 30 جنيهاً.
أبوياسر