تدهور الأمن في العراق يحرم سكان الموصل فرحة الاحتفال بالعيد
يضع الخوف من الحوادث الأمنية المتزايدة في الموصل حاجزا بين سكان ثاني أكبر مدن العراق، وبين الاحتفال بعيد الأضحى، حيث يمتنع غالبية هؤلاء عن التوجه إلى الأماكن العامة ويتجنبون الزيارات التقليدية، متحصنين في منازلهم ومناطقهم.
وعيد الاضحى هذا العام ليس أفضل من سابقه في الموصل، التي تبعد 350 كيلومترا شمال بغداد، مركز محافظة نينوى، التي تسكنها غالبية سنية، والتي بات يستهدفها العنف العشوائي بشكل يومي متزايد مصيبا شتى أشكال الحياة فيها، من أماكن الترفيه إلى المدارس والأسواق وغيرها.
وأمام داره في حي الزهور في شرق الموصل، جلس الطفل علي بسام (8 أعوام) مرتديا ملابس العيد الجديدة، وفي جيبه مبلغ من المال حصل عليه من أقربائه لمناسبة حلول العيد، وهو يفكر في مدينة الألعاب التي يمنعه والده من زيارتها بسبب تدهور الأمن.
وقال علي "حرمنا هذا العيد من ارتياد ملاعب الأطفال والكازينوهات (مدن الألعاب) بسبب تخوف وقلق الأهل علينا علما أن عددا من أصدقائي أصروا على الذهاب إلى أماكن الترفيه رغم قلتها في مدينتنا".
من جهته، عبر تيسير عبد الوهاب (27 عاما) عن مخاوفه من وقوع تفجيرات خلال أيام العيد، مؤكدا أن عائلته تخلت في هذا العام عن الزيارات التقليدية السنوية التي كانت تقوم بها.
وقال "نفضل الاحتفال بالعيد مع العائلة في المنزل على الخروج والتعرض لأخطار التفجيرات في مناطق مدينة الموصل بل وحتى في أطرافها التي باتت مستهدفة هي الأخرى كما حدث اليوم".
وقتل 15 على الأقل وأصيب نحو 50 بجروح، صباح اليوم، في هجوم نفذه انتحاري يقود سيارة مفخخة في قرية تسكنها غالبية من الشبك شرق الموصل في شمال العراق، بحسب ما أفادت مصادر أمنية وطبية.
وقبيل حلول عيد الأضحى، تزايدت في الموصل حوادث التفجير بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والاعتداءات الانتحارية، إضافة إلى الاغتيالات وخصوصا تلك التي استهدفت مسؤولين محليين بينها مجموعات من المخاتير.
وفي السادس من أكتوبر هاجم انتحاريان مدرسة ابتدائية ومركزا للشرطة في قضاء تلعفر القريب من الموصل، ما أدى إلى مقتل 15 شخصا بينهم عشرة أطفال، وذلك بعد يوم من قتل صحفيين اثنين بدم بارد في وسط الموصل على أيدي مسلحين مجهولين.
ورغم انتشار القوات العراقية في أنحاء المدينة والمحافظة، في عمليات أمنية ترصد لها الحكومة المركزية إمكانيات مالية مرتفعة، تمكنت المجموعات المسلحة المتطرفة من بسط نفوذها في عدد من المناطق القريبة من الموصل.
وغالبا ما توزع في الموصل ومناطق أخرى في نينوى منشورات تحمل تواقيع هذه المجموعات، وبينها تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" المنتمي إلى تنظيم القاعدة، داعية الأهالي إلى سحب أبنائهم من الشرطة والجيش وضمهم إلى المجاميع المسلحة التي تقاتل القوات الحكومية.
وعلى مقربة من دار علي، كانت أم سمير (40 عاما) تتهيأ لاصطحاب عائلتها الصغيرة للاستمتاع بإحدى احتفالات العيد في مدينة للألعاب في الموصل، بينما انهمك أطفالها بارتداء ملابس العيد وتحضير مستلزمات الرحلة.
وتقول أم سمير "يجب على جميع المواطنين تحدي الظروف الأمنية، كل حسب موقعه، والخروج من المنازل وارتياد أماكن التسلية في العيد، بل ومشاركة القوات الأمنية في واجباتها من خلال الإخبار عن أية حالات مشبوهة قد تصادفهم".
وتضيف أن "الخوف والاستسلام للأمر الواقع هو ما أوقعنا في هذه المشكلات الأمنية التي نعاني منها وندفع ثمنها بشكل باهظ يوميا".
وتشهد مدن الألعاب في مدينة الموصل إقبالا ضعيفا من قبل العائلات من اليوم الأول للعيد، والتي عادة ما كانت تعج بالزوار.
ويقول أحد العاملين في مدينة ألعاب الموصل ويدعى حسن عزيز (30 عاما) إن "الإقبال ضعيف هذا الموسم بسبب أعمال العنف التي تشهدها الموصل وتخوف الأهالي من هجمات قد تستهدفهم في الأماكن العامة".
ويضيف أن قلة الزبائن سببها أيضا "غلق القوات الأمنية للعديد من الشوارع والتقاطعات، خاصة في منطقة الغابات السياحية التي تعد المتنفس الوحيد للمواطنين في الموصل، الأمر الذي خلق صعوبات أمامهم في الوصول إلى أماكن الترفيه".
وليست محافظة نينوى التي تسكنها غالبية سنية، وحدها التي تشهد تصاعدا في أعمال العنف، إذ إن العراق يعيش بشكل عام منذ شهر أبريل الماضي على وقع ارتفاع في أعمال القتل العشوائي، وبينها تلك التي تحمل طابعا طائفيا بين السنة والشيعة في بلاد عاشت نزاعا طائفيا داميا بين 2006 و2008.
وقد عادت إلى العراق أسماء تنظيمات مسلحة سنية وشيعية غابت عن مسامع العراقيين منذ الانسحاب الأمريكي نهاية العام 2011.
وقتل منذ بداية أكتوبر الحالي أكثر من 330 شخصا في العراق، وأكثر من خمسة آلاف شخص منذ بداية العام الحالي، بحسب مصادر رسمية.