«إيمان».. جزّارة «ع الموضة»: «لا فى إيدى ساطور ولا تحت منى عجل»
لم ترتدِ جلباباً أسود وتقف على باب محل الجزارة ممسكة بساطور، ولم تغطِ صدرها وذراعيها بقطع ذهبية تلمع فى ضوء الشمس، هى جزارة بالفعل لكنها لا تشبه بطلات الأفلام السينمائية اللاتى يجلسن فى قارعة المحل يدخن الشيشة وينفخن دخانها الأسود من فتحتى الأنف. فى أحد محال الجزارة فى شارع شبرا، وجدتها، امرأة عادية ترتدى ملابس أنيقة وتضع القليل من مساحيق التجميل، وتستمع أثناء عملها إلى أغانى فيروز، هى إيمان وديع، الجزارة التى غيرت المفاهيم المعروفة عن المرأة التى تعمل فى هذا المجال، تمسك «إيمان» بقطعة كبيرة دون أن تخشى على ملابسها الأنيقة من الاتساخ وهى تقول: «مش لازم أبقى معلمة وألبس جلبية سودا عشان أدور الشغل». «إيمان» الحاصلة على بكالوريوس تجارة لم تجد بداً من العمل فى مهنة الجزارة فى المحل الذى تملكه عائلتها، فهى لا تستسلم للعادات والتقاليد التى تحتم على المرأة العمل فى مهن معينة، وترى أن المرأة تستطيع العمل فى أشد المهن الرجولية تعقيداً وفى نفس الوقت تحافظ على أنوثتها: «المرأة المصرية تستطيع أن تثبت نفسها فى أى مكان، بس تنسى المجتمع وتعقيداته». لم تتربَ «إيمان» على هذه الأفكار المستنيرة، وفى يوم ما كانت ترفض فكرة نزول المرأة للعمل، لكن دخولها فى سوق العمل غير من أفكارها ومعتقداتها وجعلها أكثر إيماناً بدور المرأة فى المجتمع، وطوال الـ13 عاماً التى تحملت فيها مسئولية المحل تعلمت الكثير واكتسبت خبرة كبيرة: «أنا بأدير المحل بطريقتى ولى أسلوب مميز فى التعامل مع زباينى أهم حاجة فيه الوجه المبتسم والحديث الرقيق، مش عشان أنا باشتغل جزارة يبقى صوتى عالى ولبسى كله مليان دم». لم يشغلها العمل عن أبنائها، فهى أصرت على أن يستكمل أبناؤها تعليمهم الجامعى حتى لا يضطروا إلى العمل معها ويكون لكل منهم حريته فى اختيار المهنة التى يحبها، ورغم الأحداث التى شهدتها مصر خلال الفترة الماضية واحتراق بعض الكنائس على أيدى الجماعات الإسلامية لم تتأثر علاقة إيمان بجيرانها المسلمين: «بالعكس علاقتنا أصبحت أقوى، فالاضطرابات والأعمال الطائفية الأخيرة خلتنا قربنا أوى من بعض».