خطة الرئيس لـ«بناء الإنسان»: غرس الأخلاق وإزالة الخرافات وتطبيق العدالة
الدكتورة هدى زكريا
«بناء الإنسان على رأس أولوياتنا»، عبارة قالها الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال إلقاء خطاب تنصيبه لدورة رئاسية جديدة أمام مجلس النواب أمس، إلا أن هذه العبارة قد سبقتها عدة مشاورات داخل المجلس الاستشارى الرئاسى الذى يضم عدداً من كبار المتخصصين فى مجالات مختلفة لبحث كيفية الارتقاء بشخصية المواطن المصرى خلال الفترة المقبلة، وترسيخ قيم الحضارة الحديثة والأخلاق داخل المجتمع، بما يساعد على تقدم البلاد ودفعها للأمام.
وقالت مصادر لـ«الوطن» إنه تمت مناقشة العديد من المحاور التى من شأنها أن تساهم فى تنفيذ هذا الوعد الرئاسى الذى أطلقه الرئيس مع نهاية فترة رئاسته الأولى وبدء الفترة الثانية بعد فوزه فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة بنسبة تخطت 97%، وجاء على رأس المناقشات داخل المجلس الاستشارى الرئاسى دور التعليم فى بناء شخصية المواطن وضرورة تغيير النظام التعليمى القائم واستحداث نظام جديد من شأنه تربية الأبناء على أخلاق رشيدة مثل الانتماء والانضباط والعمل الجماعى والمصداقية، وهو ما تمثَّل فى مشروع نظام التعليم الجديد الذى أطلقه الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، كما أكدت المناقشات دور المؤسسات الدينية، وعلى رأسها الأزهر والكنيسة، إلى جانب المثقفين، فى تنوير الخطاب الدينى وإزالة الخرافات من المجتمع، وضرورة غرس ثقافة العمل فى المجتمع من خلال المنابر الإعلامية والثقافية المختلفة، والإعلاء من سيادة القانون والمساواة بين الجميع وتحقيق العدالة الناجزة.
أعضاء «الاستشارى الرئاسى»: بحثنا عدة محاور لتطوير المجتمع.. و«السيسى» طالب بتضافر الجهود لتنفيذ الخطة
وكان الرئيس «السيسى» أصدر قراراً جمهورياً بتشكيل مجلس استشارى من كبار علماء وخبراء مصر، مع بداية فترة رئاسته الأولى فى سبتمبر 2014، وهو مجلس تطوعى يتبع رئيس الجمهورية، ويختص المجلس بتقديم المشورة العلمية والفنية لرئيس الجمهورية فى كل المجالات، كما يختص بدراسة ما يقدم إليه من اقتراحات أو أفكار جادة وتحديد مدى ملاءمتها للتنفيذ من وجهة النظر العلمية.
وقالت الدكتورة هدى زكريا، أستاذة علم الاجتماع، عضو المجلس الاستشارى الرئاسى، لـ«الوطن»، إنه لا يمكن القيام بنهضة حقيقية فى بلد ما دون بناء المواطن القادر على تحقيق هذه النهضة والحفاظ على مكتسباتها، وأضافت أن هناك ما يسمى بـ«أخلاق الحضارة»، وهى مجموعة المثل والقيم التى تواكب أى حركة حضارية ولا يمكن التقدم والنمو والتحرك للأمام بدونها، وتابعت: «العمل الجماعى واحد من أهم محاور هذه المنظومة، وللأسف نحن فى مصر نفتقد هذا المفهوم، ويغيب عن معظم مؤسساتنا التى نعمل فيها، حيث يغلب الطابع الفردى على الجماعية، وأيضاً المصداقية والانضباط واحترام الوقت والطموح والشعور بالمسئولية تجاه الأسرة والشارع والعمل الذى نقوم به»، وأشارت أستاذة علم الاجتماع إلى أن «المجلس الاستشارى الرئاسى ناقش كل هذه المحاور، والرئيس السيسى مهتم جداً بالعمل عليها من أجل تحسين العلاقات داخل المجتمع وتوفير فرص أكبر للتنمية والنهوض».
وأضافت عضو «الاستشارى الرئاسى» أن هناك بعض الخطوات بدأت بالفعل خلال فترة الرئاسة الأولى لـ«السيسى»، أبرزها إنشاء أكاديمية متخصصة لتأهيل الشباب، فضلاً عن البرنامج الرئاسى للشباب الذى يُعد جيلاً لديه المقومات المعرفية والثقافية والمهارات الكافية للقيادة من داخل الجهاز الإدارى والتنفيذى للدولة خلال السنوات المقبلة، واستدركت: «إلا أن الفترة الثانية للرئيس، وكما وعد فى خطاب تنصيبه، ستكون فيها خطوات أكبر وأكثر فاعلية ووضوحاً ومشاركة من جانب جميع المؤسسات لتحقيق هذا الغرض».
وقالت الدكتورة ميرفت أبوبكر، عضو المجلس الاستشارى الرئاسى، الخبيرة التربوية وأستاذة المناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة بنها، لـ«الوطن»، إن إعداد الفرد القادر على البناء والتنمية والمشاركة بفاعلية فى مجتمعه أمر فى غاية الأهمية، والرئيس السيسى يدرك ذلك جيداً، وأكد أنه يولى اهتماماً كبيراً لهذا الأمر خلال الفترة المقبلة من خلال مشروعات مختلفة، موضحة أن مشروع التعليم الجديد الذى أعلن عنه الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم، ومن المقرر بدء تطبيقه من العام المقبل، يسهم فى تحقيق ذلك، ويأخذ قضية إعداد جيل جديد يتمتع بثقافة وأخلاق رشيدة موضوع الاعتبار، واستدركت: «ناقشنا هذا المشروع فى المجلس بصورة كافية، وهم محور مهم فى خطة بناء الإنسان المصرى».
وأضافت «أبوبكر» أن المجلس الاستشارى قدم توصيات عديدة إلى الرئيس السيسى تسهم فى بناء الإنسان المصرى بالصورة التى نرجوها جميعاً، موضحة أن هناك مشكلات كثيرة تعرضت لها الشخصية المصرية، فضلاً عن محاولات لتشويه الهوية الوطنية على مدار سنوات وعقود طويلة.