«قومسيون» المحلة.. طوابير داخل مبنى متهالك ولا وجود للأطباء
زحام داخل مكتب «القومسيون» الطبى
داخل مبنى متهالك من طابقين وسط مدينة المحلة الكبرى، وعلى بعد خطوات من نادى «بلدية المحلة»، مئات المواطنين ينتظرون فى طوابير طويلة لقضاء مصالحهم داخل مكاتب «القومسيون» الطبى، غالبيتهم من العمال أو السائقين، الذين يرغبون فى استخراج شهادات صحية، أو إجراء تحليل الكشف عن المخدرات، لإصدار رخص قيادة مهنية تعينهم على مواجهة أعباء الحياة، تزداد معاناتهم فى شهر رمضان، ليس بسبب الصيام وارتفاع درجات الحرارة فحسب، وإنما أيضاً بسبب غياب الأطباء ونقص أفراد أطقم التمريض، الذين يتخذون من شهر الصيام فرصة للتزويغ والانصراف من العمل قبل المواعيد الرسمية.
مواطنون: ننتظر بالساعات لاستخراج شهادات الفحص.. ومحافظ الغربية يوجه بردع المتقاعسين
أمام طوابير طويلة تبدأ فى الثامنة من صباح كل يوم، وتستمر حتى نهاية العمل فى الثانية ظهراً، انشغل عدد من الموظفين وفنيات التمريض فى الحديث عن الطعام وأفضل الأطباق على موائد الإفطار والسحور، بينما لجأت أخريات للحصول على إذن للانصراف مبكراً، حتى يتسنى لهن إعداد الطعام لأسرهن، دون اعتبار لمعاناة المواطنين، الذين ينتظرون بالساعات، لقضاء مصلحتهم، التى عادةً لا تستغرق سوى دقائق معدودة فى الأيام العادية غير رمضان.
«الحمد لله على كل شىء، إحنا بنيجى يومين فى الأسبوع، وبنسعى فى إجراء فحوصات الكشف عن المخدرات، ولكننا بنعانى من أزمة حقيقية بسبب تعطل العمل داخل عيادات القومسيون لأكثر من 3 ساعات فى كل مرة، إما بسبب نقص فنيات التمريض، أو تأخر الأطباء، لارتباطاتهم الخارجية وتعاقداتهم مع عيادات ومستشفيات التأمين الصحى ومديرية الصحة»، بهذه الكلمات بدأ «محمد علوى»، 45 سنة، سائق، حديثه لـ«الوطن»، بينما كان يجلس وحيداً أمام أحد أبواب الطابق الأرضى للمبنى، وقال إنه توجه، وبرفقته الأوراق المطلوبة، لاستكمال الحصول على شهادة الكشف عن المخدرات، وتقديمها إلى الجهات المختصة بإدارة مباحث المرور، مشيراً إلى أنه عانى كثيراً من سوء معاملة فنيات التمريض، اللاتى يتركن المواطنين على الشبابيك، ويتوجهن للجلوس فى غرف مجهزة بالمراوح، هرباً من الحر، بحجة عدم حضور الطبيب.
«محمود الأسمر»، شاب فى العقد الثالث من عمره، وقف أمام إحدى نوافذ غرفة آيلة للسقوط، يردد: «حسبى الله ونعم الوكيل»، متهماً الموظفين والأطباء بعدم الشعور بمعاناة المواطنين الذين جاءوا لقضاء مصالحهم وهم صائمون، وأضاف: «كل اللى يهمهم أنهم يظبطوا مواعيد الانصراف والحضور، ومش مهم نخلص أوراقنا»، وتابع أن السائقين يواجهون مشقة كبيرة فى إنهاء أوراقهم، والحصول على شهادات الكشف عن المخدرات، التى قد تستغرق 3 أيام، مما تسبب فى تزاحم المترددين داخل مبنى «القومسيون» المتهالك، الأمر الذى يهدد بكارثة انهياره على رؤوس الموجودين به.
شكاوى من المواطنين ضد القائمين على الخدمة بسبب سوء المعاملة
وكشفت مصادر داخل «القومسيون» عن وجود عجز فى المستلزمات الطبية، من العبوات والمواد المستخدمة فى تجهيز عبوات التحاليل، وهو ما يتسبب فى تعطل مصالح المواطنين، بسبب نقص الكميات الموردة من مديرية الصحة بطنطا، وهو ما يؤدى إلى ارتباك العمل بصورة مستمرة، خاصةً خلال شهر رمضان.
كما أكدت مصادر بمديرية الصحة أن لجان التقييم، التى أعدها مدير شئون العاملين بالمديرية، لاحظت ورود شكاوى من المواطنين والسائقين ضد القائمين على الخدمة داخل مبنى القومسيون الطبى، تتمثل فى سوء معاملتهم، والإساءة إليهم، فضلاً عن اللامبالاة من جانب الطاقم الطبى، وانصراف العاملين فى أوقات كثيرة، قبل انقضاء مواعيد العمل الرسمية.
ومن جانبه، أصدر محافظ الغربية، اللواء أحمد ضيف صقر، توجيهات عاجلة إلى السكرتير العام، اللواء طلعت منصور، بتشكيل لجنة من مديرية الصحة، تحت إشراف وكيل الوزارة، الدكتور محمد شرشر، للإشراف والرقابة على مبنى «القومسيون» الطبى بمدينة المحلة، وردع المتقاعسين والمخالفين للوائح العمل، حفاظاً على صالح المواطنين والمرضى ومستحقى الخدمات الحكومية.
كما شدد المحافظ على اتخاذ كل الإجراءات القانونية والإدارية، ضد أى حالات إهمال أو تراخٍ فى العمل من جهة الأطباء وفنيات التمريض، أو المسئولين المعنيين بجهات العيادات الملحقة بـ«القومسيون»، ضماناً للقضاء على ظاهرة التزويغ وعدم الانضباط الوظيفى، بناءً على إجراء تقييم شهرى حول الموظفين القائمين على العمل داخل قطاعات الخدمية المشار إليها.
كما أوضح رئيس مجلس مركز ومدينة المحلة الكبرى، أحمد عبدالسميع، أنه وجه بتشكيل لجنة من الرقابة والمتابعة لمباشرة سير العمل داخل عيادات «القومسيون» الطبى، ومحاسبة المتقاعسين عن خدمة المواطنين، من الأطباء وفنيات التمريض، كما شدد على ضرورة تشكيل لجنة هندسية لمعاينة المبنى، الذى أصابته التصدعات والشروخ، سعياً إلى ترميمه وصيانته، بالتنسيق مع مديرية الصحة، حفاظاً على أرواح المواطنين والعاملين بالمبنى.
طوابير خارج المبنى