الشيخ منصور الشامى الدمنهورى.. الإبداع دون زخرفة
الشيخ منصور الشامى الدمنهورى
إذا دخلت فى أجواء من جلال وجمال ووقار القرآن، وجلست خاشعاً مسلوباً من أول آية، فأنت إذاً تستمع إلى الشيخ الخاشع الوقور منصور الشامى الدمنهورى.
فى محافظة البحيرة ذاتها التى أنجبت الشيخ محمد عبده والشيخ محمود شلتوت وغيرهما من الأعلام، وفى أغسطس 1906 وفى مدينة دمنهور، ولد محمد منصور محمود الشامى، حفظ القرآن الكريم مبكراً فى سن العاشرة على يد الشيخ أحمد غزال، ثم انتقل للدراسة فى المعهد الأحمدى الأزهرى فى طنطا، ليدرس القراءات القرآنية ويتقنها، وعندما أتم الشيخ 25 عاماً انتقل إلى الإقامة والعمل بالإسكندرية، ليبدأ رحلة التألق والشهرة حتى شغل منصب نقيب رابطة القراء بالإسكندرية، ثم التحق بالإذاعة المصرية فى عام 1945، ليصبح من علاماتها، ليقرأ على الهواء مباشرة صباح كل أحد.
القارئ الدكتور فرج الله الشاذلى، وهو أيضاً من أبناء دمنهور، يقول فى برنامج أذاعته إذاعة القرآن الكريم خصيصاً عن الشيخ الشامى الدمنهورى، رداً على سؤال حول قصر نفسه: «الشىء العجيب فى أداء الشيخ الدمنهورى أنه يقرأ فقرات قصيرة لكنه مع ذلك لا يقف إلا عند مواطن الوقف الصحيح باطمئنان».
يتميز بصوت مستقيم، لا يحتاج إلى زخرفة، ومع ذلك يمكنه بسهولة أن يسلبك من نفسك، هكذا وصف القارئ والمبتهل الشيخ محمد الهلباوى صوت الشيخ منصور، ويقول: «صوته لم يكن يستخدم سوى القرار والجواب، لأنه لم يكن يحتاج إلى جواب الجواب ليصل إلى قلب المستمع قبل إذنه، بخلاف كثيرين من قراء عصره».
ويروى «الهلباوى» عن الشيخ عبدالباسط عبدالصمد أنه هو الصوت الأول الذى «يسلطنه»، موضحاً أن السبب فى غرام الشيخ عبدالباسط بالشيخ الدمنهورى يرجع إلى أنه «لا يعطيك كل ما عنده مرة واحدة، وفى كل مرة تجد عنده جديداً».
ويروى «الشاذلى» أنه ذهب ليقرأ القرآن فى مونتريال بكندا خلال ليالى رمضان أكثر من مرة للجاليات الإسلامية هناك، وأنه عند وداعه فاروق الحوفى، سفير مصر فى كندا، قال له السفير: «إن شاء الله أنت معنا العام المقبل، لكن لى طلب واحد أرجو أن تحققه لى وهو أن تحضر لى تسجيلاً بصوت الشيخ منصور الشامى الدمنهورى».
ويجمع معاصرو الشيخ الدمنهورى، حسب الشاذلى، أنه كان رجل سخاء وبر مع أهل مجتمعه.
وبعد أن ترك لنا عدة تسجيلات قرآنية جليلة داخل مصر وخارجها، وزار عدة دول عربية وإسلامية يتلو فيها آيات الله، وبعد أن رزقه الله بـ 13 ولداً وبنتاً أصبح منهم أساتذة جامعة وأطباء وضباطاً ومهندسين، رحل الشيخ منصور الشامى الدمنهورى عن دنيانا مبكراً قبل أن يتم عامه الثالث والخمسين فى 28 مارس 1959.