صناعة الزجاج.. حياة من نار فى ورش «سرس الليان»
مراحل عديدة يمر بها تصنيع الزجاج داخل المصنع
سخونة الماكينات ظهرت على وجوه من يديرونها، وحركة العمال بطولة عندما تتم دون حذر أو خوف من ألسنة اللهب التى أحاطت بهم فى كل مكان، ودليل على تمرسهم فى العمل منذ أعوام داخل هذه الورشة الكبيرة لصناعة الزجاج اليدوى فى مركز سرس الليان، فيها انقسم العمال إلى مجموعات متعددة، كل مجموعة لها عملها المحدد الذى تقوم به فى تركيز تام، تبدأ من أمام فرن التسييح يستقبلون منه المادة السائلة المراد تشكيلها، فيتناقلونها فى مراحل متتابعة حتى تخرج فى شكلها النهائى فتكون جاهزة للتسويق.
وتعتمد مصانع الزجاج اليدوى على مخلفات مصانع المياه الغازية ومصانع الزجاج الآلى، فضلاً عن إعادة تدوير الخردة (الزجاج المتهالك)، وهو نظام متبع فى مصانع «سرس الليان»، منذ بدأت فيها صناعة الزجاج اليدوى فى الستينات من القرن الماضى، كما يقول عادل مدكور، صاحب مصنع زهران للزجاج، الذى يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1994، وكان متخصصاً حينها فى صناعة زجاجات الشيشة فقط، وهو ما طور فيه «مدكور» بعدما قام باستئجاره منذ 10 أعوام مضت، فأدخل إلى جانب الشيشة صناعات مختلفة من الزجاج، فضلاً عن التطوير فى صناعة زجاج الشيشة نفسه، فأنتج منها ما هو مطلى بالذهب من عيار 18، وهو إنتاج من نوع خاص، حسب قوله، مضيفاً: «بتروح لأماكن معينة بره مصر لأن الطلب عليها هنا قليل عشان غالية، الكرتونة فيها 12 واحدة بتتباع بـ400 جنيه فى جملتها».
«مدكور»: مراحل التصنيع تبدأ من فرن «التسييح والتشكيل» وتنتهى بـ«التحميص والتعبئة»
وتبدأ مرحلة تصنيع الزجاج، حسب «مدكور»، من فرن التسييح، فيه توضع مخلفات الزجاج حتى يصل إلى درجة الحرارة المناسبة فيتحول الزجاج داخله إلى سائل، يلتقطه العامل من الفتحة المخصصة لخروجه على ماسورة حديدية مفرغة من الداخل لتبدأ عملية تشكيله، فيمسك العامل بتلك الماسورة، ويغمسها فى فتحة الفرن فتخرج وعليها كمية صغيرة من السائل وقد اتخذت شكلاً دائرياً، وهو ما يسمى بـ«البلّينة»، وهذه تكون المسئولة بعد ذلك عن تثبيت الزجاج على الماسورة، حيث تدخل تلك الماسورة مرة أخرى لتسحب كمية أكبر من السائل، ويقف بها العامل فى الجهة المقابلة للفرن ويبدأ فى تحريك الماسورة والنفخ فيها لمساواة الزجاج عليها قبل أن يضعها فى الفورمة المخصصة لها، فتخرج منها وقد اتخذت شكلها، وتوضع بعد ذلك على طاولة صغيرة أمام عامل آخر يدق عليها بخشبة صغيرة ليفصل «البلّينة» عن جسم زجاجة الشيشة، قبل أن يتناولها أحدهم بمقبض حديدى طويل ويذهب بها إلى فرن آخر صغير فى وسط الورشة لعمل رقبة الشيشة، التى تكون جاهزة بعد ذلك للمرحلة الأخيرة داخل فرن التحميص، توضع فيه بضع دقائق داخل صندوق حديدى كبير موضوع على سير متحرك يأخذها إلى نهاية الفرن حتى يتم رفعها وتعبئتها.
نظام العمل داخل مصنع «مدكور»، وفق قوله، يكون من خلال 3 ورديات، كل وردية فيها يتم إنتاج نوع معين من الزجاج، فلا يمكنه المزج بين منتج وآخر فى وردية واحدة، ويتسع فرن التسييح لعدد كبير من مخلفات الزجاج تصل إلى 8 أطنان، إلا أنه يستهلك فى الوردية الواحدة نحو 2 طن من الزجاج، منتجاً أشكالاً مختلفة بجانب زجاجات الشيشة، فيصنع المزاهر والأكواب، إلى جانب بعض الأشكال الأخرى من الزجاج، ونظراً لما ينتجه «مدكور» من كميات كبيرة لجأ مؤخراً، إلى طريقة مبتكرة توفر له الكثير يومياً، يشرحها قائلاً: «كل مرحلة من الشغل ليها فرن معين، سواء التسييح أو التحميص، وكان فرن التسييح ليه مدخنة، لغينا المدخنة خالص، وحولنا النار اللى بتطلع منه وعملنا منها فرن تحميص فى ضهره، ولغينا فرن التحميص التانى، وده وفر معانا فى اليوم 5 آلاف جنيه كنا بندفعها سولار، وبقينا من ناحية فلترنا عادم الفرن ومن ناحية تانية استفدنا منه فى حاجة تانية، ودى طريقة كنت اشتغلت بيها بره مصر عشان كده طبقتها».
أحد عمال المصنع