منارة «سرس الليان لتعليم الكبار».. عودة للحياة بعد عقود من التراجع
المركز اكتسب شهرة واسعة على المستوى العربى والدولى
صرح كبير اكتسب شهرة واسعة على المستويين العربى والدولى فى مجال محو الأمية وتعليم الكبار، ويعد قبلة للدارسين والباحثين والمتدربين على مدار عقود من كافة الجنسيات فى آسيا وأفريقيا، إنه المركز الإقليمى لتعليم الكبار بمدينة سرس الليان، بالاختصار المتعارف عليه «أسفك»، الذى كان يطلق عليه فى السابق «المركز الدولى للتربية الأساسية فى العالم العربى» ومنه جاء الاختصار «أسفك».
مر هذ المركز منذ إنشائه بفترات صعود خاصة فى الخمسينات والستينات، وبعد أن كان يتبع هيئة اليونيسكو ويحظى بتصنيف الفئة الأولى فيها حتى أوائل الثمانينات، صار يتبع وزارة التربية والتعليم حتى عام 2014، عاد بعدها مجدداً إلى اليونيسكو بموجب اتفاقية أبرمتها الحكومة المصرية، ولكن هذه المرة أصبح تصنيفه من الفئة الثانية، وتركز حالياً جهود القائمين عليه على استعادة المركز لمكانته وتصنيفة دولياً وعالمياً وعودته إلى الفئة الأولى بهذه المنظمة العالمية التابعة للأمم المتحدة ليحظى بتمويل ودعم من منظمة اليونيسكو ليعود إلى سابق عهده من جديد بعد عقود من التراجع، مستغلاً الإمكانيات الضخمة والسمعة الطيبة الواسعة التى نالها فى الماضى على المستويين العربى والدولى.
«الخولى»: المركز صاحب دور تاريخى فى التعليم ومحو الأمية ومكافحة الفقر والمرض عربياً ودولياً.. و«مرسى»: وضعنا خطة لتطويره حتى يستعيد دوره الحضارى والتنويرى
ففى فبراير الماضى احتفلت مدينة سرس الليان بتتويج المركز وعودته إلى الفئة الثانية فى هيئة اليونيسكو، خلال المؤتمر الخامس لمراكز الفئة الثانية التابعة لليونيسكو الذى وافق مجلس الوزراء على استضافة مصر لاجتماعاته.
زارت «الوطن» المركز الذى يقع بمدخل مدينة سرس الليان، حيث يقبع بمدخله التمثال الشهير الذى يرمز لـ«الجهل والفقر والمرض» ليلخص رسالته الذى أنشئ من أجلها فى فى مواجهة أهم مشكلات دول العالم النامية وتحقيق التنمية المستدامة، يتمتع المركز بإمكانيات ضخمة تفوق جامعتى المنوفية والسادات مجتمعتين، بداية من المكتبة التى تحتوى على نحو 22 ألف مجلد باللغة العربية واللغات الأخرى المعتمدة من الأمم المتحدة ونحو 400 دورية وعدة آلاف من المطبوعات الصادرة عن اليونيسكو، حيث تعد أكبر مكتبة متخصصة فى الشرق الأوسط فى مجال محو الأمية وتعليم الكبار، بالإضافة إلى فندق ملحق يتسع لنحو 650 فرداً يعمل فقط لاستقبال الوفود والدارسين والباحثين من مختلف دول العالم، بالإضافة إلى مطبعة مجهزة لخدمة مطبوعات المركز والدورات التدريبية وقاعة ضخمة للمحاضرات ومدرج تعليمى يتسع لنحو 800 متدرب، بالإضافة إلى وحدة تكنولوجيا التعليم ومعامل للغات وأخرى للحاسب الآلى، بالإضافة إلى مساحات شاسعة من الحدائق وملاعب كرة القدم والسلة والكرة الطائرة، وأخيراً أسطول سيارات لنقل المتدربين والمحاضرين من وإلى المركز.
حصلت «الوطن» على نسخة من الخطة التنفيذية الطموح للمشروعات المقترحة لعامى 2017 /2018 وشملت عدداً من الأهداف، منها بناء القدرات العاملة فى مجال محو الأمية وتعليم الكبار فى المنطقة العربية، من خلال توفير فرص التدريب للكوادر، وكذلك تزويدهم بالمعلومات والمهارات والاتجاهات الحديثة فى مجال محو الأمية، بالإضافة إلى مشروع إنتاج حقيبة تدريبية للمدربين وفق أهداف التنمية المستدامة، واستهدف المشروع بناء خرائط مناهج محو الأمية لإعداد مواد تعليمية ومصادر تعلم متنوعة لتواكب البيئات المختلفة، بالإضافة إلى دعم تحقيق جودة برامج محو الأمية وتعليم الكبار والتعلم مدى الحياة محلياً، وشملت الخطة مقترح دورة تدريبية لدعم قدرات المدربين العاملين فى مجال محو الأمية لذوى الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى مشروع عقد مؤتمر سنوى يستضيفه المركز فى شهر سبتمبر من كل عام بالتزامن مع اليوم العالمى لمحو الأمية ويشمل الدول العربية والمنظمات الدولية العاملة فى مجال تعليم الكبار، لاستعراض المستجدات العلمية والميدانية فى مجال محو الأمية على كافة المستويات، وعرض التجارب الرائدة فى هذا المجال محلياً وإقليمياً ودولياً، ويهدف أيضاً لإعادة المركز كقوة ناعمة ثقافية على المستوى الإقليمى ومناقشة مستقبليات تعليم الكبار على كافة المستويات، وشملت الخطة التنفيذية أيضاً إصدار مجلة دورية ربع سنوية لتكون متخصصة فى الأبحاث والدراسات فى مجال تعليم الكبار والتنمية المستدامة.
واكد الدكتور سعيد محمود مرسى، مدير المركز الإقليمى لتعليم الكبار «أسفك»، أن عمل المركز مر بخمس مراحل تاريخية، وهى «التربية الأساسية - مرحلة تنمية المجتمع - مرحلة التعليم الوظيفى للكبار - مرحلة محو الأمية وتعليم الكبار وأخيراً المرحلة القرائية من أجل الحياة، التى بدأت فى عام 2012»، وأضاف مدير المركز أن هناك عدداً من الأهداف الاستراتيجية التى يعمل عليها المركز، منها توفير فرص التنمية المستدامة للعاملين فى مجال محو الأمية وتعليم الكبار وكذلك تطوير خريطة مناهج محو الأمية وفق متطلبات التعلم مدى الحياة وإنشاء مرصد وشبكة معلومات فى مجال تعليم الكبار لتبادل الخبرات بين الجهات المعنية والمساعدة فى مأسسة التعليم غير النظامى فى مصر، مشيراً إلى أن المركز مقام على مساحة 7 أفدنة مستغلة استغلالاً كاملاً، حيث يوجد به مبنى إدارى وفندق ضخم يسع نحو 650 فرداً، مضيفاً أنه تم وضع خطة تطويره ليستعيد دوره الحضارى والتنويرى فى مجال محاربة الأمية والجهل والفقر.
ومن جانبه قال الدكتور معوض الخولى، رئيس جامعة المنوفية: «أنا من أبناء مدينة سرس الليان وأعرف جيداً الدور التاريخى الذى قام به المركز على مدار عقود فى مجال تعليم الكبار ومحو الأمية ومناهضة الفقر والجهل والمرض وستسهم الجهود المقبلة بشكل كبير فى إعادة إحياء المركز واستعادة دوره باعتباره منارة ومركز إشعاع ثقافى كبيراً عربياً ودولياً»، وأضاف الخولى: شاركت ممثلاً عن الجامعات المصرية فى اجتماعات وضع الاستراتيجية المقترحة للمركز وخططه، حيث وضعت المنظمة العالمية عدة اشتراطات لإعادته إلى الفئة الأولى مجدداً، بداية من تشكيل مركز استشارى يضم وزراء تعليم من مختلف الدول العربية.