الشيخ عبدالعزيز على فرج.. القوة والخشوع
الشيخ عبدالعزيز على فرج
قبل رحيل سعد زغلول، زعيم الأمة المصرية، بشهور معدودة، وفى 22 يناير عام 1927، كانت قرية ميت الوسطى فى مركز الباجور، بالمنوفية، على موعد مع ولادة طفل كفيف، لكن سيملأ الله بصيرته بالقرآن، ليصبح قارئاً عظيماً يتلو آيات الله آناء الليل وأطراف النهار، على مسامع ملايين الناس فى أرجاء الدنيا.. إنه عبدالعزيز على فرج أحد زعماء التلاوة.
لم يمنعه كف البصر من حفظ القرآن الكريم مبكراً ليتعلم القراءات على يد الشيخ أحمد الأشمونى، عالم القراءات الشهير فى ذلك الوقت بالمنوفية، ومع ظهور موهبة الطفل وعذوبة صوته وقوة حنجرته، انتقل عبدالعزيز على فرج إلى العيش فى منطقة حكر أبودومة بمنطقة شبرا بالقاهرة، وعندما بلغ سن الشباب كان يقرأ القرآن مجوداً بعدة قراءات فى المساجد والمناسبات الاجتماعية المختلفة.
أهلته موهبته وإجادته التلاوة للعمل فى الإذاعة المصرية، حيث تقدم مع نحو 170 قارئاً للاختبارات عام 1962 لينجح الشيخ عبدالعزيز وثلاثة قراء آخرين فقط فى امتحانات لجنة القبول الإذاعية. وقرأ الشيخ عبدالعزيز على فرج القرآن الكريم فى أول صلاة فجر تنقلها الإذاعة المصرية من مسجد الحسين بالقاهرة، قبل أن يقوم بتسجيل عدد كبير من السور والابتهالات بصوته.
أحب الشيخ عبدالعزيز على فرج، الناس، فقد كان اجتماعياً، محباً للعلم ولأعمال الخير، وظل سنوات طوالاً يلتقى يومياً الفقهاء والقراء والمبتهلين فى مقهى بشارع السلطان أبوالعلا فى القاهرة خلف مبنى الإذاعة والتليفزيون.
كان يعلن دائماً فى مجالسه الخاصة والعامة أن تلاوة القرآن الكريم يجب أن تكون بعيدة عن التربح وجمع الأموال، يقول: «القرآن الكريم ليس سبوبة للثراء والغنى وإنما هو كتاب هداية وتلاوة وإصلاح للبشرية ومرضاة الله تعالى فى الدنيا والآخرة».
أيضاً يرى الشيخ، صاحب الصوت المميز والأداء الخاشع، أن فعل المعروف يقى الناس من مصارع السوء فى الدنيا ويرفعهم إلى أعلى المنازل فى الآخرة.
كما كان يؤكد أن الغلو والتطرف وسفك دماء الناس ليس من الدين فى شىء، وإنما من فعل الشيطان، وأن دين الإسلام وكافة الشرائع السماوية جاءت بالتسامح والرحمة لكل الناس.
وفى ذروة تألقه، مات الشيخ عبدالعزيز على فرج بالقاهرة ودُفن فيها يوم 17 مارس 1977 ولم يتجاوز عمره 50 عاماً، وذلك بعد إصابته بمرض السكر.