«الكتب المهداة» من التبخير إلى التسجيل: اقرأوا «محاسن» موتاكم
جانب من كتب المشاهير
«وصية شخصية» أو «إهداء من الأسرة»، هما الطريقان لوصول مقتنيات الشخصيات البارزة إلى مكتبة الإسكندرية، ففى الأولى يبلغ صاحب الإهداء إدارة المكتبة باعتزامه إهداءها مكتبته الخاصة، مثلما حدث فى العديد من الحالات، منها السلطان قابوس بن سعيد، سلطان عمان، والأمير هنريك، أمير الدنمارك، والدكتور أحمد زويل، والدكتور فاروق الباز، والدكتور محمد سعيد فارسى، رئيس بلدية جدة.
أما الطريق الثانى لوصول المقتنيات إلى مكتبة الإسكندرية، فهو الإهداء من الأسرة، فحدث فى العديد من الحالات، مثل مكتبة الأديب الدكتور محمد حسين هيكل، والفقيه القانونى الدكتور عبدالرزاق باشا السنهورى، والدكتور رفعت السعيد، وفى أحيان أخرى تتواصل إدارة المكتبة مع أسر الراحلين للحصول على مكتباتهم، مثلما هو الحال مع أسرة الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل.
آلاف الكتب مهداة من أسر «السنهورى وعبدالحكيم وعبدالكريم».. والتفاوض مستمر مع أسرة هيكل
تقول مديرة إدارة المجموعات والخدمات الخاصة، إن «الإهداءات الخاصة تؤكد إيمان أصحابها برسالة مكتبة الإسكندرية، كونها مركزاً للتميز فى إنتاج ونشر المعرفة، وملتقى للحوار والتفاهم بين الشعوب والحضارات، لهذا فإن المكتبة كان عليها أن تكون عند حسن ظن أصحاب هذه الإهداءات، وتوجب رسم سياسة عامة للإهداءات يلتزم بها طرفا الاتفاق، سواء الأسرة أو إدارة المكتبة، للحفاظ على هذه الثقة». وتضيف أن «الإهداءات واحد من أهم العناصر التى تعتمد عليها مكتبات العالم فى التزود بالكتب، فهى من الروافد الأساسية والمهمة لدى المكتبات، حتى تكون مجموعاتها المعرفية والثقافية والفنية»، ثم شرحت مراحل تسلم الإهداءات، قائلة: «تبدأ العملية بالموافقة على سياسة الإهداء، وبعدها تبدأ مرحلة معالجة الكتب عن طريق التبخير، لضمان خلوّها من أى إصابات فطرية أو وجود حشرات بها، نظراً لتخزين بعضها لسنين طويلة». وأشارت إلى أنه «بعد انتهاء عملية التبخير تأتى المرحلة الثالثة، وهى عملية التسجيل فى سجلات المكتبة، حيث تتولى الوحدة تسجيل جميع الكتب، وبعدها تأتى المرحلة الأخيرة، وهى تسليم الكتب لركن الكتب النادرة والمجموعات الخاصة، بهدف إتاحتها للجمهور ورواد المكتبة، للتعرف على الشخصية». فى صدر قسم المجموعات الخاصة، توجد صورة كبيرة للرئيس الراحل أنور السادات، بجوار مجموعته المهداة إلى مكتبة الإسكندرية من زوجته جيهان السادات فى عام 2013، وتضم 313 كتاباً و22 دورية، نصفها مكتوب باللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى العديد من الكتب المهداة له عن النهج الإسلامى. «السيد الرئيس المؤمن، يشرفنى أن أرفع إليك هذا الجهد المتواضع، راجياً من الله السداد والتوفيق فى خدمة مصر»، كان هذا نص إهداء الكاتب الصحفى جمال بدوى للرئيس الراحل على أحد مؤلفاته المعنون بـ«الفتنة الطائفية فى مصر»، كما ضمت مكتبته كتاباً للشاعر فاروق جويدة بعنوان «أموال مصر أين ضاعت؟»، وآخر بعنوان «شرخ فى جدار الجامعة العربية» للدكتور عبدالوهاب العشماوى.
واحتل الأدب جزءاً كبيراً فى مكتبة الرئيس، فضمت مكتبته كتب «لغة الشعر العربى الحديث»، و«الشعر العراقى الحديث»، و«تجارب فى الأدب والنقد»، كما تضمنت كتاباً عن شريكة حياته جيهان السادات، بعنوان «جيهان السادات رائدة المرأة العربية» للكاتب محمد عمر الشطبى، ووقّعت عليه زوجة الرئيس الراحل إهداء إلى الكاتب ودار النشر، واحتوى الكتاب على صور نادرة للرئيس مع زوجته، وأخرى متنوعة له فى المستشفيات، ومع أبطال حرب أكتوبر.
سلطان عمان وأمير الدنمارك وفاروق الباز أشهر الموصين بإهداء كتبهم
وضمت المكتبة كذلك نصوص العديد من خطب الرئيس الراحل فى مناسبات مختلفة، منها خطابه فى افتتاح المؤتمر العربى الأفريقى الأول بتاريخ 7 مارس 1977، وخطابه أمام البرلمان الأوروبى فى لوكسمبرج، بتاريخ 10 فبراير 1981، وبالإضافة للكتب المتنوعة بين السياسة والأدب والشعر، تضم مكتبة الإسكندرية متحفاً خاصاً بالسادات يضم مقتنياته المهداة إليها.
وبالقرب من مكتبة السادات، توجد مكتبة الدكتور صوفى أبوطالب، رئيس مجلس الشعب الأسبق، والرئيس المؤقت للبلاد بعد حادث المنصة فى 6 أكتوبر 1981، وولد أبوطالب فى عام 1925، وتوفى فى عام 2008، وتسلمت مكتبة الإسكندرية كتبه فى نوفمبر 2017، وتتضمن عدداً من مؤلفاته مثل «أبحاث فى مبدأ سلطان الإرادة فى القانون الرومانى»، و«أحكام الالتزام»، و«دروس فى المجتمع العربى»، و«تاريخ النظم القانونية والاجتماعية»، و«اشتراكيتنا الديمقراطية.. إيديولوجية ثورة مايو 1971»، و«الوجيز فى القانون الدولى فى القانونين المصرى واللبنانى»، و«التكامل المصرى السودانى: فلسفة التكامل»، و«تاريخ القانون فى مصر»، بالإضافة لعدد من الكتب الخاصة بالفقيه القانونى عبدالرزاق السنهورى، منها «مصادر الحق فى الفقه الإسلامى».
واحدة من أبرز المكتبات المنتظر عرضها فى قسم «المجموعات الخاصة»، هى الكتب الخاصة بالعالم المصرى الراحل الدكتور أحمد زويل، التى أهدتها الأسرة لها، بناء على وصيته، ووصلت إلى المكتبة بالفعل، بعدما شحنتها الأسرة على نفقتها الخاصة من الولايات المتحدة، استعداداً لأن توضع فى الأرفف الخاصة بمكتبة الإسكندرية، كما يعمل موظفو وحدة التسجيل بكل جهد للانتهاء من تسجيل مكتبة القيادى اليسارى الدكتور رفعت السعيد، الرئيس السابق لحزب التجمع التقدمى الوحدوى، وتُعد مكتبته آخر ما تسلمته مكتبة الإسكندرية من إهداءات، وتضم ما يزيد على 2500 كتاب فى مختلف المجالات، بالإضافة لعدد من الكتب التراثية النادرة.
كانت مكتبة الأديب والسياسى الراحل محمد حسين هيكل أول مكتبة تُهدى إلى قسم «المجموعات الخاصة» فى عام 2000، وتضم 1440 كتاباً فى مختلف المجالات، بالإضافة لعدد من كتب التراث العربى القديمة، فحياة هيكل الممتدة من عام 1888 حتى رحيله فى عام 1956، ضمت العديد من الأنشطة السياسية والأدبية، فهو لم يكن أديباً فحسب، وإنما كان رئيساً لحزب الأحرار الدستوريين، وأحد أعضاء اللجنة الثلاثية المكلفة بوضع دستور 1923، أول وأشهر الدساتير المصرية. ويضم قسم «المجموعات الخاصة» ما يقرب من 3113 مطبوعاً و2693 دورية من مكتبة الكاتب الصحفى أحمد زكى عبدالحليم، أحد رواد الصحافة النسائية فى مصر والعالم العربى، الذى ولد فى محافظة الشرقية، وأنتج أول أعماله الأدبية بعنوان «أحمد شوقى شاعر الوطنية»، عندما كان عمره 17 سنة، وحصلت مكتبة الإسكندرية على المجموعة المهداة من ابنته الدكتورة هالة أحمد زكى فى مايو 2017.
وحرصت أسرة الدكتور محمد صبحى عبدالحكيم، نائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق، على إهداء كتبه إلى مكتبة الإسكندرية فى يناير الماضى، ويُعد عبدالحكيم أحد رواد علم «الجغرافيا البشرية»، كما كان أول رئيس لمجلس الشورى خلال الفترة من 1980 و1985، وتضم مجموعته عدداً من الخرائط النادرة، والعديد من الكتب الجغرافية والسياسية. وبالقرب من مكتبة الدكتور محمد صبحى عبدالحكيم، توجد مجموعة المفكر الإسلامى الراحل خليل عبدالكريم، التى أهدتها ابنته الدكتورة عائشة فى ديسمبر الماضى.
عود الفنان سيد درويش