"الثورة" في عيون المناضل الكفيف: طريق الحرية من المتحف إلى الميدان
ناجي
"تحدوا التحدي" عبارة شهيرة للرئيس عبدالفتاح السيسي، دائمًا ما يصف بها الشعب المصري في أحاديثه، متفاخرًا ببطولات المواطن المصري، الذي أزال حكم الإخوان بعد ثورة 30 يونيو، وتحدى الإرهاب، وصبر وتحمل فاتورة الإصلاحات الاقتصادية، ولكن هؤلاء لم يتحدوا تلك المصاعب فقط، بل تحدوا واقعهم، وعبروا مطب الإعاقة، وكسبوا الرهان وكتبوا قصة نجاح ومستقبل جديد، وكذلك لم تمنعهم ظروفهم الخاصة من أن يكونوا ندا لغيرهم في العمل والثورة والمشاركة الحدث.
أحمد ناجي، ثلاثيني كفيف، كان واحدا من هؤلاء المشاركين في ثورة 30 يونيو، فلم تمنعه إعاقته البصرية من النزول وسط جميع طوائف الشعب في الميدان، لإنهاء حكم جماعة الإخوان الإرهابية بعدما تولوا دفة إدارة حكم البلاد لمدة عام كامل، عانى فيه المصريون من مشكلات سياسية ذاقوا فيها الإقصاء والتهميش، وعانوا خلالها من عثرات اقتصادية عديدة، وصلت فيها معدلات الفقر إلى 25.5%، وارتفع عدد العاطلين عن العمل إلى 1.1 مليون شاب في سن العمل، وتراجعت معدلات النمو الاقتصادي إلى 2.1%، بحسب دراسة أعدها مركز القاهرة للدراسات السياسية والاقتصادية.
كل تلك الأسباب دعت ناجي إلى المشاركة في ثورة 30 يونيو، إلا أنه كان هناك سببًا آخر، جعله يحشد كل ما أوتي من قوة للنزول للإطاحة بحكم الإخوان، وهو محاولة جماعة الإخوان الإرهابية استبدال الهوية المصرية بـ"الإخوانية"، فتحول المعارض المخالف لتوجهاتهم في الحكم من كونه معارض سياسي إلى "كافر"، فـ"أنا معارض لحكمهم ولكنهم جاءوا بالصندوق واحترمت ذلك، إلا أنهم نجحوا في غسل عقول مؤيديهم، فتحولت في نظر بعض أصدقائي وأقاربي وزملائي في العمل، المؤيدين لجماعة الإخوان إلى كافر عدو"، يقول: "تعاملوا بمبدأ إما معنا أو علينا".
موظف المتحف المصري لم يمنعه فقدان البصر من المشاركة: "الفاشية الدينية السبب"
المشاركة في حملة "تمرد"، كانت بداية ناجي في مناهضة حكم الإخوان مع حملة التوقيع على استمارات سحب الثقة من المعزول محمد مرسي، في ذكرى توليه الحكم، ومحاسبة جماعة الإخوان، حيث شارك في جمع التوقيعات على الاستمارة بين زملائه في العمل وأصدقائه وأقاربه وجيرانه، وأصر على النزول وسط الملايين، وفي يوم 30 يونيو، تحرك الشاب الكفيف، بعد أن أنهى ساعات عمله في المتحف المصري، واتجه صوب ميدان التحرير للمشاركة في التظاهرات التي تطالب برحيل محمد مرسي، وجماعة الإخوان الإرهابية.
اليوم المشهود، يصفه ناجي من البداية، ومن مدخل ميدان الثورة، حيث "التفتيش أولا"، خوفا من اختراق صفوف المتظاهرين من قبل الجماعات الإرهابية، وفي وسط الميدان، قابل أصدقائه من متحدي الإعاقة، الذين كان لهم ركنهم الخاص في وسط الميدان، يرفعون اللافتات، ويعلون بالهتافات، يقول: "كنا نشارك أنا وزملائي من المعاقين الهتافات، مطمئنين بحماية الجيش المصري لنا، ونناديه بالخلاص من هذه الجماعة وعزل مرسي، وعلى قلب واحد، كنا ننادي بالرحيل لمرسي وإخوانه".
"اصحى يا مرسى وصحي النوم 30- 6 آخر يوم"، هكذا يصف ناجي المشهد بأذنيه، التي زلزتها هتافات الملايين عند دخوله ميدان التحرير، الهتاف كان يدوي كل أرجاء الميدان، وطائرات الجيش المصري تحلق فوق رؤسنا في سماء التحرير وكانت تلقي علينا الأعلام، وكانت مشاركة عدد كبير من ذوي الإعاقة في ذلك اليوم المشهود تشجع الجميع، فحثوا الجميع على الهتاف بكل حماس ضد الفاشية الدينية.
يكمل ناجي شهادته عن اليوم الموعود، متحدثا عن محاولات الإخوان بأعمالهم المتطرفة، إشعال العنف في الميدان، قائلا: "طالبنا الجيش بالعودة إلى منازلنا لحمايتنا، حتى يستطيعون التفرقة بيننا وبين المتطرفين"، ليعود في مساء اليوم إلى منزله، وهو يجر قدميه، لا يريد أن يترك الميدان حتى يرحل الإخوان، وظل طيلة 3 أيام لا يفارق صوت المذياع أذنيه، حتى سمع بيان عزل مرسي، واحتفل بنجاح الثورة.
مرت 5 سنوات، ولا زال ناجي يحرص على الاحتفال بذكرى ثورة 30 يونيو، التي توافق هذا العام، احتفاله بـ"عام ذوي الإعاقة"، فهو الآن يرى الشعب المصري في عهد السيسي أكثر تماسكا، يؤكد: "نجح في إعادة توحيد الصف المصري، وهو أول رئيس يهتم بالمعاقين فقام بتخصيص عام 2018 لنا، ويعمل على تحسين أحوالنا ويستمع إلى مطالبنا أتمني أن يوفقه الله في مسيرته".