قائد قوات الدفاع الجوى فى عيدها الـ48: إنشاء حائط الصواريخ كان البداية الحقيقية لاسترداد الكرامة وتحقيق انتصارات أكتوبر
الفريق على فهمي، قائد قوات الدفاع الجوي
أكد الفريق على فهمى، قائد قوات الدفاع الجوى، أن صفحات تاريخ العسكرية المصرية تذخر بالعديد من البطولات والأمجاد التى تجسد البذل والعطاء والتضحية والفداء وتدعو إلى العزة والفخر؛ حيث كان يوم الثلاثين من يونيو 1970 الإعلان الحقيقى عن اكتمال بناء حائط الصواريخ بسواعد رجال وأبطال الدفاع الجوى المصرى، وبدء تساقط طائرات العدو الجوى، مُعلنة بتر ذراعه الطولى، ويعتبر هذا التاريخ نقطة تحول فى مسيرة الصراع العربى - الإسرائيلى.
الفريق على فهمى: دمرنا 12 طائرة «فانتوم» وأجبرنا إسرائيل على اتخاذ قرار وقف إطلاق النار
وأضاف «فهمى» فى حوار لـ«الوطن» بمناسبة العيد الـ48 لقوات الدفاع الجوى، أن قوات الدفاع الجوى فور صدور قرار إنشائها قامت بالتخطيط والتدريب للتصدى للعدو الجوى، وبذل رجالها الأوفياء جهودهم، وحشدوا كل الطاقات، وسابقوا الزمن لبناء المواقع والتحصينات لاستكمال إنشاء حائط الصواريخ تحت ضغط الضربات والهجمات الجوية المعادية المستمرة، وتحقّقت ملحمة العطاء، وخلال الأسبوع الأخير من شهر يونيو عام 1970، انطلقت صواريخ الدفاع الجوى المصرية لتفاجئ أحدث الطائرات الإسرائيلية فى ذلك الحين من طراز (الفانتوم وسكاى هوك)، التى تهاوت على جبهة القتال المصرية، وأخذت إسرائيل تتباكى، وهى ترى انهيار تفوقها الجوى فوق القناة، واتّخذت قوات الدفاع الجوى من هذا التاريخ، ذكرى وعيداً يُحتفل به كل عام، فهو يعتبر البداية الحقيقية لنصر أكتوبر المجيد.. وإلى نص الحوار..
تم اختيار 30 يونيو ليكون عيداً لقوات الدفاع الجوى رغم صدور قرار إنشاء القوات فى فبراير 1968، فلماذا تم اختيار هذا اليوم تحديداً؟
- صدر القرار الجمهورى رقم (199) فى الأول من فبراير 1968 بإنشاء قوات الدفاع الجوى، لتمثل القوة الرابعة فى قواتنا المسلحة الباسلة، وتحت ضغط هجمات العدو الجوية المتواصلة بأحدث الطائرات (فانتوم، سكاى هوك) ذات الإمكانيات العالية، مقارنة بوسائل الدفاع الجوى المتاحة فى ذلك الوقت، تم إنشاء حائط الصواريخ، ومن خلال التدريب الواقعى، فى ظروف المعارك الحقيقية خلال حرب الاستنزاف، تمكنت قوات الدفاع الجوى خلال الأسبوع الأول من شهر يوليو عام 1970 من إسقاط الكثير من الطائرات من طراز (فانتوم، سكاى هوك)، وأسر العديد من الطيارين الإسرائيليين، وكانت هذه هى المرة الأولى التى تسقط فيها طائرة «فانتوم»، وأطلق عليه أسبوع تساقط «الفانتوم»، وتوالت انتصارات رجال الدفاع الجوى، ويعتبر يوم الثلاثين من يونيو عام 1970 البداية الحقيقية لاسترداد الكرامة بإقامة حائط الصواريخ الذى منع طائرات العدو من الاقتراب من الجبهة فاتّخذت قوات الدفاع الجوى هذا اليوم عيداً لها.
حدِّثنا عن الظروف التى تم فيها إنشاء «حائط الصواريخ».. وكيف استطاع أن يكون ركيزة أساسية لصد هجمات العدو؟
- حائط الصواريخ هو تجميع قتالى متنوع من الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات فى أنساق متتالية داخل مواقع ودشم محصّنة قادرة على صد وتدمير الطائرات المعادية، فى إطار توفير الدفاع الجوى عن التجميع الرئيسى للتشكيلات البرية والأهداف الحيوية والقواعد الجوية والمطارات غرب القناة مع القدرة على تحقيق امتداد لمناطق التدمير لمسافة لا تقل عن (15) كم شرق القناة، هذه المواقع تم إنشاؤها وتحصينها، تمهيداً لإدخال الصواريخ المضادة للطائرات بها، وقد تم بناء هذا الحائط فى ظروف بالغة الصعوبة، حيث كان الصراع بين الذراع الطولى لإسرائيل المتمثلة فى قواتها الجوية، وبين رجال القوات المسلحة المصرية، بالتعاون مع شركات الإنشاءات المدنية، فى ظل توفير دفاع جوى عن هذه المواقع بالمدفعية المضادة للطائرات، وذلك لمنع إنشاء هذه التحصينات، ورغم التضحيات العظيمة التى تحمّلها رجال المدفعية المضادة للطائرات، كان العدو ينجح فى معظم الأحيان فى إصابة أو هدم ما تم تشييده، فقام رجال الدفاع الجوى بالدراسة والتخطيط والعمل المستمر وإنجاز هذه المهمة، وكان الاتفاق على أن يتم بناء حائط الصواريخ باتباع أحد الخيارين، الأول: القفز بكتائب حائط الصواريخ دفعة واحدة للأمام، واحتلال مواقع ميدانية متقدّمة دون تحصينات وقبول الخسائر المتوقعة لحين إتمام إنشاء التحصينات، والخيار الثانى: هو الوصول بكتائب حائط الصواريخ إلى منطقة القناة على وثبات، أطلق عليها (أسلوب الزحف البطىء)، وذلك بأن يتم إنشاء تحصينات كل نطاق واحتلاله تحت حماية النطاق الخلفى له، وهكذا.. وهو ما استقر الرأى عليه، وفعلاً تم إنشاء مواقع النطاق الأول شرق القاهرة وتم احتلالها دون أى رد فعل من العدو، وتم التخطيط لاحتلال ثلاثة نطاقات جديدة تمتد من منتصف المسافة بين غرب القناة والقاهرة، وتم تنفيذ هذه الأعمال بنجاح تام فى تناسق كامل وبدقة عالية، وكانت ملحمة وعطاء لهؤلاء الرجال فى الصبر والتصميم والتحدّى، وعلى أثر ذلك لم يجرؤ العدو الجوى على الاقتراب من قناة السويس، فكانت البداية الحقيقية للفتح والإعداد والتجهيز لخوض حرب التحرير بحرية كاملة ودون تدخل العدو الجوى.
كيف نجح الدفاع الجوى المصرى فى تحطيم أسطورة الذراع الطولى لإسرائيل فى حرب أكتوبر 1973؟
- الحديث عن حرب أكتوبر 73 لا ينتهى، وإذا أردنا أن نسرد ونسجل الأحداث كلها، فسوف يتطلب ذلك العديد من الكتب، حتى تحوى جميع الأحداث، وسوف نكتفى بذكر نبذة عن دور قوات الدفاع الجوى فى هذه الحرب، ولكى نبرز أهمية هذا الدور، فإنه يجب أولاً معرفة موقف القوات الجوية الإسرائيلية وما وصلت إليه من كفاءة قتالية عالية وتسليح حديث متطور، حيث قامت إسرائيل بتسليح هذه القوات بأحدث ما وصلت إليه الترسانة الجوية فى ذلك الوقت بشراء طائرات «ميراج» من فرنسا وتعاقدت مع الولايات المتحدة على شراء الطائرات «الفانتوم وسكاى هوك»، حتى وصل عدد الطائرات قبل عام 1973 إلى (600) طائرة (أنواع مختلفة)، حيث توفر الوقت والإمكانيات للقوات الجوية الإسرائيلية للإعداد والتجهيز عقب حرب عام 56 وتحقيق انتصار زائف فى عام 1967، والإمداد بأعداد كبيرة من الطائرات الحديثة خلال حرب الاستنزاف، فإن قوات الدفاع الجوى كان عليها التصدى لهذه الطائرات، حيث قام رجال الدفاع الجوى بتحقيق ملحمة فى الصمود والتحدى والبطولة والفداء، وقاموا باستكمال إنشاء حائط الصواريخ عام 1970، تحت ضغط هجمات العدو الجوية المستمرة وخلال خمسة أشهر من أبريل إلى أغسطس عام 1970 استطاعت كتائب الصواريخ المضادة للطائرات إسقاط وتدمير أكثر من (12) طائرة (فانتوم وسكاى هوك وميراج)، مما أجبر إسرائيل على قبول (مبادرة روجرز) لوقف إطلاق النار اعتباراً من صباح 8 أغسطس 1970، وبدأ رجال الدفاع الجوى فى الإعداد والتجهيز لحرب التحرير واستعادة الأرض والكرامة، وتم وصول عدد من وحدات الصواريخ الحديثة «سام - 3» (البتشورا) وانضمامها إلى منظومات الدفاع الجوى بنهاية عام 1970.
استخدام الأنواع المختلفة من الأسلحة بأساليب وطرق غير نمطية يضمن لنا نجاح المهمات المكلفين بها.. وتطوير العنصر البشرى من أهم الركائز التى تهتم بها قوات الدفاع الجوى لتدعيم وتطوير الكفاءة القتالية.. ونحرص على تنويع مصادر السلاح من الترسانة العالمية وفقاً لأحدث التكنولوجيا
فى ظل التهديدات التى تتعرّض لها دول المنطقة وعدم الاستقرار السياسى كيف تحافظ قوات الدفاع الجوى على استعدادها القتالى العالى؟
- فى البداية، أود أن أوضح أمراً مهماً جداً، نحن كرجال عسكريين نعمل طبقاً لخطط وبرامج محدّدة وأهداف واضحة، إلا أننا فى الوقت ذاته نهتم بكل ما يجرى حولنا من أحداث ومتغيرات فى المنطقة، والتهديدات التى تتعرّض لها جميع مسارات السلام الآن وما تثيره من قلق بشأن المستقبل ككل ليست بعيدة عن أذهاننا، لكن يظل دائماً وأبداً للقوات المسلحة أهدافها وبرامجها وأسلوبها فى المحافظة على كفاءتها سلماً وحرباً، وعندما نتحدث عن الاستعداد القتالى لقوات الدفاع الجوى، فإننا نتحدث عن الهدف الدائم والمستمر لهذه القوات، بحيث تكون قادرة ليلاً ونهاراً، سلماً وحرباً، وتحت مختلف الظروف على تنفيذ مهامها بنجاح.
هناك تعاون عسكرى مصرى مع العديد من الدول الصديقة العربية والأجنبية، مما يعتبر إحدى الركائز المهمة للتطوير.. فما آفاق التعاون فى مجال الدفاع الجوى؟
- تحرص قوات الدفاع الجوى على التواصل مع التكنولوجيا الحديثة واستخداماتها فى المجال العسكرى من خلال تنويع مصادر السلاح وتطوير المعدات والأسلحة بالاستفادة من التعاون العسكرى بمجالاته المختلفة، طبقاً لأسس علمية يتم اتباعها فى القوات المسلحة وتطوير وتحديث ما لدينا من أسلحة ومعدات، بالإضافة إلى محاولة الحصول على أفضل الأسلحة فى الترسانة العالمية حتى نحقق الهدف الذى ننشده.
ما عناصر بناء منظومة الدفاع الجوى المصرى التى تعد من أعقد منظومات الدفاع الجوى فى العالم؟
- تتكون منظومة الدفاع الجوى من عدة عناصر استطلاع وإنذار وعناصر إيجابية تمكن القادة من اتخاذ الإجراءات التى تهدف إلى حرمان العدو من تنفيذ مهامه أو تدميره بوسائل دفاع جوى تنتشر فى جميع ربوع الدولة فى مواقع ثابتة، وبعضها يكون متحركاً طبقاً لطبيعة الأهداف الحيوية والتجميعات المطلوب توفير الدفاع الجوى عنها، ويتطلب تنفيذ مهام الدفاع الجوى اشتراك أنظمة متنوعة لتكوين منظومة متكاملة تشتمل على أجهزة الرادار مختلفة المدايات تقوم بأعمال الكشف والإنذار، بالإضافة إلى عناصر المراقبة الجوية وعناصر إيجابية من صواريخ متنوعة والمدفعية والصواريخ المحمولة على الكتف والمقاتلات وعناصر الحرب الإلكترونية، كما يتم السيطرة على منظومة الدفاع الجوى، بواسطة نظام متكامل للقيادة والسيطرة من خلال مراكز قيادة وسيطرة على مختلف المستويات، فى تعاون وثيق مع القوات الجوية والحرب الإلكترونية، بهدف الضغط المستمر على العدو الجوى، وإفشال هدفه فى تحقيق مهامه وتكبيده أكبر نسبة خسائر ممكنة.
كيف يتم تأهيل طلاب كلية الدفاع الجوى لمواكبة التطور الهائل فى تكنولوجيا التسليح؟
- تعتبر كلية الدفاع الجوى من أحدث المعاهد العسكرية على مستوى الشرق الأوسط، ولا يقتصر دورها على تخريج ضباط الدفاع الجوى المصريين فقط، بل يمتد هذا الدور ليشمل تأهيل طلبة من الدول العربية والأفريقية الصديقة، ونظراً لما يمثله دور كلية الدفاع الجوى المؤثر على قوات الدفاع الجوى التى تتعامل دائماً مع أسلحة ومعدات ذات تقنية عالية وأسعار باهظة فإننا نعمل على تطوير الكلية من خلال تطوير العملية التدريبية، وذلك بالمراجعة المستمرة للمناهج الدراسية بالكلية وتطويعها، طبقاً لاحتياجات ومطالب وحدات الدفاع الجوى والخبرات المكتسبة من الأعوام السابقة، بالإضافة إلى انتقاء هيئة التدريس من أكفأ الضباط والأساتذة المدنيين فى المجالات المختلفة، وتطوير العنصر البشرى من أهم الركائز التى تهتم بها قوات الدفاع الجوى، لتدعيم وتطوير الكفاءة القتالية.
نهتم بكل ما يجرى حولنا من أحداث ومتغيّرات تُهدد مسارات السلام فى المنطقة والقوات المسلحة لها أهداف وبرامج تحقق الاستعداد والكفاءة القتالية سلماً وحرباً
تعدد مصادر الحصول على المعلومات أدى إلى عدم وجود أسرار عن أنظمة التسليح فى معظم دول العالم.. فما الحل من وجهة نظركم للحفاظ على سرية أنظمة التسليح بقوات الدفاع الجوى؟
- شىء طبيعى فى عصرنا الحالى أنه لم يعد هناك قيود فى الحصول على المعلومات، حيث تعددت وسائل الحصول عليها سواء بالأقمار الصناعية أو أنظمة الاستطلاع الإلكترونية المختلفة وشبكات المعلومات الدولية، بالإضافة إلى وجود الأنظمة الحديثة القادرة على التحليل الفورى للمعلومة، وتوافر وسائل نقلها باستخدام تقنيات عالية، مما يجعل المعلومة متاحة أمام من يريدها، ويجعل جميع الأنظمة كتاباً مفتوحاً أمام العدو قبل الصديق، لكن هناك شيئاً مهماً، وهو ما يعنينا فى هذا الأمر، وهو فكرة استخدام الأنواع المختلفة من الأسلحة والمعدات، مما يحقق لها تنفيذ المهام بأساليب وطرق غير نمطية فى معظم الأحيان، بما يضمن لها التنفيذ الكامل فى إطار خداع ومفاجأة الجانب الآخر.