رئيس حكومة «الجزيرة»: لن نكون جزءاً من لعبة واشنطن وموسكو والقتال هنا أشبه بـ«حرب عالمية ثالثة» وسيستمر لأكثر من 10 سنوات
عبدالكريم ساروخان رئيس المجلس التنفيذى -رئيس حكومة- لإقليم الجزيرة
قسمت منطقة شمال سوريا، التى أحكمت قوات سوريا الديمقراطية سيطرتها العسكرية عليها، من الناحية الإدارية، إلى ثلاثة أقاليم؛ هى إقليم الفرات فى الوسط، وعفرين فى الغرب، والجزيرة فى الشرق والشمال الشرقى، وهو أكبر الأقاليم الثلاثة، وترعى حكومات تلك الأقاليم المناطق والمجتمعات التى تعج بالكثير من المكونات السورية، من عرب وكرد وسريان وأشوريين وتركمان، بينما تحاصر هذه الإدارة الكثير من التحديات ما بين حروب مع التنظيمات الإرهابية والتدخلات الإقليمية والدولية داخل سوريا.
يكشف عبدالكريم ساروخان، رئيس المجلس التنفيذى -رئيس حكومة- لإقليم الجزيرة، ما تعانيه المنطقة من تحديات وكيفية إدارة الحكم فى ظل وجود نقاط تماس مع الجيش السورى وجبهات حرب مع تنظيم داعش الإرهابى، وتدخلات دولية متسببة فى حرب تدور رحاها حالياً، وتوقع «ساروخان»، فى حوار لـ«الوطن»، أن تدوم تلك الحرب لأكثر من 10 سنوات، واصفاً إياها بـ«الحرب العالمية الثالثة»، بسبب قيام الأمريكيين والروس بدعم أطراف أخرى تحقق مصالحهم، مؤكداً أنهم لن يكونوا جزءاً من اللعبة بين الأمريكيين والروس، نافياً أى رغبة فى الاستقلال.
هل هناك رئيس مشترك للحكومة هنا فى مقاطعة الجزيرة؟
- النظام السائد هنا فى «روج أفا»، شمال سوريا، نظام الرئاسة المشتركة ولكن المجلس التنفيذى لا توجد به رئاسة مشتركة، ولكن قريباً ستكون هناك رئاسة مشتركة، وأنا حالياً أشغل منصب رئيس المجلس التنفيذى.
عبدالكريم ساروخان: الدعم الأمريكى لنا عسكرى فقط ويقتصر على محاربة الإرهاب ولا يوجد مخطط لمواجهة النظام
شاهدنا حواجز أمنية وكمائن تابعة للجيش السورى، فهل هناك تنسيق معهم؟
- نعم توجد بعض الحواجز للنظام فقط هى بالمربع الأمنى بمدينة «قامشلى» وفى «الحسكة»، شمالى شرق سوريا، ولكن هذا لم يتم بتنسيق وتفاهمات مع النظام حول وجود هذه الحواجز من عدمها، إنما واقع الحال فرض هذا الشىء كوننا كإدارة ذاتية و«أسايش»، قوات أمن داخلى، نسيطر على كامل الإقليم، وجميع المناطق محاصرة وتحت حمايتنا وسيطرتنا، والمربع الأمنى يقع ضمن هذه الحدود، ولم يكن له تأثير كوننا نحن المسيطرين حولهم، ونحيطهم، فقط هو موجود لحماية المربع الأمنى الخاص بهم، ولن يتدخلوا فى شئون الناس ولا بأعمال الغير ولا يوقفون سيارات، ليس عندهم أى تأثير، ووجودهم شكلى فقط، ونحن أيضاً لا نقترب منهم، بعض المرات تحدث مناوشات ولكن يتم حلها فى وقتها، ولا نحتاج لتنسيق مع النظام، كون النظام فعلياً ليس فى يده أى شىء فى مناطق شمال سوريا أو بمناطق الجزيرة لا عنده إمكانيات ولا قوة عسكرية ولا مواد ولا توجد مستلزمات خدمية حتى ننسق معهم.
وهل المطار الموجود بقامشلى لديه رحلات إلى كل دول العالم أم للتنقل من وإلى العاصمة دمشق؟
- المطار تهبط وتقلع منه طائرات على مدار الأربع والعشرين ساعة، وتتوافد الطائرات من العاصمة دمشق ومن دول أخرى، فهو مطار داخلى ودولى، وخلال الحرب، كانت كل حركة التنقلات عبر هذا المطار، فكان يشكل ضغطاً كبيراً على المواطنين لأننا نعيش حالة حصار من الجوانب الأربعة، والمنفذ الوحيد هو عبر هذا المطار، خاصة لتلبية حاجات المرضى والمعاقين.
نرفض الاستقلال عن سوريا لأنه سيخلق صراعات إقليمية.. ولن نتفاوض مع «بشار» إلا بضمانات دولية.. ولدينا قوة عسكرية قوامها 100 ألف جندى وقوات أمنية داخلية ومؤسسات خدمية ومالية.. ومصادر دخلنا من النفط والجمارك والضرائب
وماذا عن رواتب الموظفين داخل إقليم الجزيرة، خاصة أن هناك موظفين يتقاضون رواتبهم من الحكومة السورية؟
- لا يوجد موظفون يعملون لدى النظام داخل مقاطعة الجزيرة، وإنما هناك موظفون كانوا يخدمون فى سلك الدولة أو المؤسسات الخدمية التابعة لها، ويتقاضون رواتبهم من الحكومة السورية ولكنهم منقطعون عن العمل، وحالياً جميع المؤسسات الخدمية هى تابعة للإدارة الذاتية، ونحن من نمول هذه المؤسسات وندفع رواتب الموظفين الذين يعملون لدينا، أما الذين كانوا يعملون لدى النظام، فهم عاطلون عن العمل جالسون فى بيوتهم ويتقاضون رواتبهم.
ولماذا يتقاضون الرواتب دون عمل؟
- هى مسألة سياسية تابعة للنظام حتى يقول إنه لا يزال مسيطراً ويدفع الرواتب ويتحكم بكافة الأمور، لأن الحبل «السرى» المرتبط بين المجتمع وبين النظام عبر هؤلاء الموظفين، ولا تشكل عليه الرواتب حملاً ثقيلاً، ومن هذا المنطلق يقوم بدفعها لمن كانوا يعملون لديه على مدى 7 سنوات، ولا يوجد أى موظف يعمل لدى دوائر الدولة، لا فى البلديات ولا فى الأمور المالية أو الخدمية ولا فى أى مؤسسات، أبسط مثال، مؤسسة الكهرباء، لا يعملون فقط وجالسون فى بيوتهم يتقاضون رواتبهم، بينما نحن ندير المؤسسات كاملة بشأن الطاقة والغاز والنفط، وندفع رواتب هؤلاء الذين يعملون لدينا.
هل تتلقون دعماً أمريكياً للأقليم؟
- علاقتنا مع الأمريكيين هى عبر التحالف الدولى، وهى جزء من علاقة الولايات المتحدة مع قوات سوريا الديمقراطية المعروفة بـ«قسد»، ولا يوجد أى علاقات أو دعم سياسى أو مادى، ونسعى إلى أن نطور علاقاتنا مع كثيرين ومن بينهم الأمريكيون، لكن حتى هذه اللحظة لا يوجد أى دعم لنا فى الشمال السورى، فقط دعمهم مقتصر على القوات العسكرية لأنهم دائماً يرددون بأنهم على علاقة وشراكة وتحالف مع قوات سوريا الديمقراطية ضد الإرهاب وضد «داعش»، ولا يوجد أى مخطط آخر لا فى مواجهة النظام ولا لبناء نظام جديد فى هذه المناطق، قد تكون هناك محاولات لإقامة علاقات لكن ليس هناك أى دعم مادى أو معنوى.
نعيش حالة حصار وحتى الآن لم نحصل على اعتراف دولى.. وهناك حالة من الرضا عند غالبية الدول.. وينتظرون أن تتجه الأزمة إلى حلول التسوية
وماذا عن السيارات ماركة «هيونداى» التى قيل إنها جزء من الدعم الأمريكى لكم؟
- هى سيارات مدنية نقوم بشرائها من إقليم كردستان أو من العراق عبر تجار يأتون بها ويحصلون على ثمنها، وهى مسائل تجارية، إنما ليست كدعم وتقديم مساعدات من الأمريكيين، وإنما فقط السيارات التى تأتى من جانب الأمريكيين هى سيارات عسكرية، وأخرى مدنية تخضع للقوات العسكرية، أما السيارات التى تتحدث عنها فهى ليست دعماً لنا بل موجودة بالأسواق تباع وتشترى، وهناك تجار يأتون بها بأسعار باهظة ونشتريها جبراً.
ماذا عن مصادر الدخل لديكم، هل النفط فقط؟
- لدينا ضريبة الدخل فى هذا العام، وهى ضريبة تفرض حسب ما يتقاضاه الموظفون من رواتب، والنقطة الأخرى المعبر الحدودى بيننا وبين إقليم كردستان، والجمارك التى تفرض على البضائع والمؤسسات الخدمية والبلديات، والاعتماد بشكل عام على النفط الخام الذى نقوم بتكريره ونستفيد به داخلياً.
هل عدم اعتراف المجتمع الدولى بكم يؤثر سلبياً على دعم منظمات المجتمع المدنى والدولى لضحايا الحرب والنازحين؟
- طبعاً حتى هذه اللحظة لا يوجد اعتراف دولى بالإدارة الذاتية الديمقراطية، لكن هناك رضا عن هذه الإدارة، وهناك تقبل من جانب جميع الدول التى هى على علاقة مع الصراع السورى سواء أكانت دولاً أوروبية أو بعض الدول العربية، حتى الولايات المتحدة والجانب الروسى وأيضاً الكثيرون وهؤلاء ليس لديهم أى اعتراض أو ممانعة من الإدارة الذاتية الديمقراطية لكن فى نفس الوقت لا يوجد اعتراف بنا، وحسب رأيى فإنهم ينتظرون أن تتجه الأزمة السورية إلى حلول تسوية عندها سيكون هناك موقف واضح من جانب الكثيرين بخصوص إدارتنا التى تحكم شمال سوريا.
مشروعنا لا يتناقض مع الحل الشامل للأزمة لأننا لا نطلب الانفصال.. وإذا قادنا المستقبل نحو مواجهات مع «دمشق» فستكون من أجل الوصول لتسوية.. والنظام ما زال يدفع رواتب موظفين عاطلين فى الشمال لأنهم يمثلون «الحبل السرى» بين المجتمع والنظام.. وندير كل مؤسساتنا وندفع رواتب من يعملون لدينا
لماذا تفرضون مبادئ عبدالله أوجلان، مؤسس حزب العمال الكردستانى، على بقية المكونات داخل الحكومة، ألا ترى أن ذلك شىء من فرض السيطرة؟
- مسألة مبادئ عبدالله أوجلان ليست مسألة فرض فلسفة أو أيديولوجية، لكن الذين اجتمعوا حول هذه الفلسفة، اتفقوا فيما بينهم بأن خلاص المجتمعات فى الشرق الأوسط، خاصة فى الشمال السورى، واستتباب الأمن والاستقرار يأتى بهذا النهج الذى رسمه «أوجلان»، وهذه الأيديولوجية التى ينادى بها استفدنا منها كثيراً، وجميع شعوب المنطقة تستفيد من هذه الأفكار الذى ينادى فيها بأخوة الشعوب، وبالمصالح المشتركة بينهم والتعايش السلمى للشعوب والقضية هى مشتركة بين الكرد والعرب والسريان والتركمان، والقضية هى قضية واحدة. لذلك من يتابع نظريات «أوجلان» وأدبياته سيصل إلى نتيجة مفادها أنه لا خيار آخر أمامنا سوى هذا النهج الذى نحن بصدده، ونقول نحن أيضاً إذا كان هناك نموذج أفضل من «أوجلان» سنلتزم به، ولكن بحثنا كثيراً ولم نجد، والنموذج القائم الذى وجدناه هو نموذج الدولة القومية التى ولى زمانها والتى كانت سبباً أساسياً فى تأزم المجتمعات وخلق الصراعات، فالصراع الإسرائيلى - الفلسطينى ما زال أمام الأعين والنقطة الأخرى الصراع السنى - الشيعى، منذ أكثر من ألف سنة، صراعات مذهبية وطائفية، أما نظرية الأمة الديمقراطية التى تستند إلى التعايش السلمى والأخوة بين القوميات الموجودة، هو الدواء لهذا الداء الذى كان تعيشه المجتمعات فى الشرق الأوسط.
راجت شائعات عن أن قوات سوريا الديمقراطية ارتكبت انتهاكات ضد المدنيين فى منطقة الشدادى خلال تحريرها، ما ردكم؟
- غير صحيح، لأن قوات سوريا الديمقراطية هدفها تحرير المجتمع المدنى من إرهاب «داعش»، وشعوب المناطق تلتف حولها ولا يوجد أى سبب منطقى يجعل «سوريا الديمقراطية» تقوم بانتهاكات خلال تحرير المدن، وما يثار عن كل ذلك غير صحيح.
أحد أسباب ظهور «داعش» فى العراق واجتياحها الموصل هو سوء إدارة الحكومة فى التعامل مع كل المكونات وتهميشها للمناطق ذات الأغلبية السنية، هل تضعون كل هذه الأحداث أمام أعينكم لإدارة مناطق متعددة المكونات؟
لن ننجر إلى إجراءات أو أعمال تسىء إلى المجتمعات حتى تدفعهم لينتفضوا فى وجه إدارتنا، كل هذه الأمور يمكن أن تحدث مع نظام الدولة القومية الموجودة منذ مئات السنين كون أن مفهوم الدولة يفرض أن تكون هناك آليات للحفاظ عليها، وعندما يجب الحفاظ على الدولة يجب أن يكون هناك تسلط وقمع للمدنيين، وبالنتيجة نظام الدولة الذى كان فى العراق لم يكن حلاً للأزمة داخل مجتمعاتهم، حيث يوجد صراع سنى شيعى منذ مئات السنين، ونحن لسنا بصدد إقامة وإنشاء دولة ذات مفاهيم قومية بحتة، ولا نستند إلى هذا الشىء، لذلك نظريتنا التى نعتمد عليها، والمبادئ الأساسية التى نستند إليها، هى الأمة الديمقراطية التى هى تعتبر الجامعة للأمم الموجودة فى المجتمعات سواء أكانت كردية أو عربية أو سريانية وكلدانية وأشورية وتركمانية وغيرهم، وهؤلاء جميعاً هم من يقررون مصيرهم بأنفسهم، وهؤلاء هم من يحددون نموذج الحياة الذى يعيشونه، لذلك النموذج الذى نحدد بصدده ليس نموذجاً قومياً ولكنه نموذج بخصوص الجغرافيا الموجودة، هذه الجغرافيا تحتوى على الكردى والعربى والسريانى، إنما نموذج العراق كان فيه تقسيمات إدارية حسب القوميات الموجودة، الشمال العراقى هم إقليم كردستان، ومناطق يسكن فيها الشيعة ومناطق يسكن فيها السنة، أما نحن هنا فى شمال سوريا فلا يوجد شىء من هذا النوع.
الهدنة مع الرئيس السورى ستنتهى بعد انتهاء الحرب على تنظيم «داعش»، ماذا تتوقع بعد ذلك؟
- ليست هناك هدنة مع «بشار»، لأن كثيراً من المرات كانت هناك صراعات ومناوشات، ومعارك وقتال بيننا وبين قوات النظام حتى هنا فى منطقة الجزيرة، خاصة فى «قامشلى» الكثير من المناطق التى كانت خاضعة لسيطرة النظام نحن حررناها بمعارك وتقديم شهداء وضحايا من جانبنا ومن جانب النظام، حتى استطعنا تحرير الكثير من المناطق، لذلك لا توجد هدنة، هناك أمر واقع فرض نفسه، لتظهر هذه الحالة، والنظام لا يتقرب لنا كون حساسية المرحلة بالنسبة إليه، ولا يريد أن تتشكل عليه جبهات أخرى إضافية غير الجبهات الحالية، لهذا لم يتقربوا إلينا، والجانب الآخر قد تكون هذه أفكارهم بأنهم يعتبرونها حالة هدنة مع الشعب الكردى أو الشعوب فى شمال سوريا، والحرب عندما تنتهى ستنتهى بالنسبة للجميع، لن تنتهى لطرف وتبقى لطرف آخر، ما دامت هناك حرب معناها أن المسألة لم تنته فى سوريا، ولا أظن أنها ستنتهى خلال سنوات قريبة، 4 أو 5 سنوات، قد تدوم لعشر سنوات فأكثر، والنظام ليس كالعهد السابق وجبروته، ولا يستطع أن يرجع إلى المربع الأول الذى كان فيه قبل أعوام 2011، ونحن لسنا أيضاً بنفس المرحلة التى كانت قبل 2011، فنحن حالياً فى 2018 لدينا قوات عسكرية قوامها أكثر من 100 ألف جندى، ولدينا قوات مدنية تحمى المناطق المدنية «الأسايش» وهى بمثابة قوات عسكرية تحمى الأمن الداخلى فى هذه المناطق، ولدينا مؤسسات خدمية ولدينا مجتمع منظم وتحالفات مع المجتمعات الموجودة ونحن متأقلمون مع بعضنا، وبالتالى مشروعنا للحل لا يتناقض مع الحل لكل سوريا جميعاً، كوننا لا ندعو إلى الانفصال عن سوريا حتى نذهب إلى مواجهات، وإذا كانت هناك مواجهات فى المستقبل فلا ضرر من المواجهات حتى نصل إلى حالة تسوية مع النظام.
تقول إن الحرب ستستمر أكثر من 10 سنوات، ماذا تقصد بـ«الحرب» هل تلك التى تدور رحاها مع الإرهابيين أم بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش السورى؟
- تلك الحرب لها جوانب كثيرة، فالحروب القائمة هى بين دول إقليمية وأخرى عالمية على الأراضى السورية، وهناك الصراع الأمريكى الروسى والصراع الأمريكى الإيرانى والصراع التركى السورى والصراع التركى الإيرانى، والصراع الكردى مع النظام الحاكم والصراع السنى الشيعى، وهناك إرهاب وهناك داعش، وقد يكون انتهى داعش عسكرياً لكن تنظيمياً لم ينته، فهناك خلايا نائمة موجودة فى الكثير من المناطق، وهناك جماعات مسلحة ترتدى عباءة الإسلام وهناك تنظيم القاعدة، وجبهة النصرة، وهناك مقتل أكثر من مليون سورى فى هذه الحروب، لذلك لم تنته هذه الحروب فقد تصل إلى عشرة أعوام فأكثر، نتيجة للصراعات الدولية والعالمية، ونحن نعتبرها حرباً عالمية ثالثة، لهذا لن تنتهى هذه الحروب بين جميع الأطراف ستكون موجودة إلى أن تنتهى الأمور إلى حل يرضى الجميع.
هناك حدود مع النظام السورى حتى لو لم يكن بها اشتباك، فهذا يعنى أن هناك رغبة فى تحديد مناطق سيطرة واستقلال، كما أن جهودكم العسكرية فى دير الزور قد تعنى أنكم تريدون توسعة مكاسبكم من الأرض للتفاوض عليها كمنطقة حكم ذاتى؟
- نحن لا نعتبرها استقلالاً لكن نعتبر أننا نستطيع أن ندير هذه المنطقة مدنياً ونحميها من تدخل الخارجين، وليس اقتطاع جزء من الأراضى السورية، لأن الاستقلال ليس لصالح شعوب المنطقة، قد يكون لمرحلة مؤقتة إيجابياً لكن لمرحلة دائمة سيكون سلبياً، ولا نملك تلك القوة التى تؤهلنا لحماية هذه المناطق على مدى عشرات ومئات الأعوام المقبلة، وهى ليست بالحل لأنها ستؤدى إلى صراعات إقليمية أكثر حدة مما نحن عليه الآن وصراعات مجتمعية بين المجتمعات، وهناك عرب وسريان وكرد، وسيكون هناك صراع كردى- عربى ونحن فى غنى عن هذا الصراع، وجزء من سوريا المستقبل هى الحلول التى ستطرح من أجل سوريا عبر المؤتمرات الدولية سواء فى جنيف أو فى المؤتمرات الدولية التى ستقام، أما بالنسبة للمناطق التى يتم تحريرها من الإرهاب، فإن الإرهاب يشكل خطراً علينا جميعاً، لذلك يهمنا مصلحة الشعوب الموجودة فى دير الزور كما يهمنا مصلحة الشعوب فى مدينة قامشلى والحسكة والرقة، ووجود داعش على مشارف الخطوط فى شمال سوريا يشكل تهديداً بالنسبة لنا فى كل الشمال، لذلك من واجبنا أن نلبى استغاثة أبناء دير الزور وأبناء مدينة الرقة، كون النظام أدار ظهره إلى شعوب هذه المنطقة التى يسيطر عليها داعش، وعانى الشعب السورى فى هذه المناطق من إرهاب داعش والجماعات الإرهابية الأخرى على مدى 7 سنوات؛ لذلك هم يبحثون عن مغيث يغيثهم ولم يجدوا سوى وحدات حماية الشعب الكردية، فنقوم بتحريرهم ومساعدتهم لتشكيل مجالسهم المدنية، وهم من يديرون أنفسهم هم أحرار إذا انضموا إلى مناطق الشمال السورى أم لا، ولا نستطيع أن نجبرهم أن يخضعوا لسيطرتنا أو حمايتنا فى الشمال السورى.
هل ستعقدون جلسات تفاوض مع الرئيس «الأسد»، عقب الانتهاء من حربكم فى دير الزور أمام تنظيم داعش؟
- لسنا مع الحل العسكرى والحلول التى تأتى بإراقة الدماء، ونحن مع المفاوضات والمحادثات، التى تؤدى إلى حقوق الجميع ضمن سوريا الواحدة اللامركزية المتعددة، إذا كان النظام يريد المفاوضات ومستعداً فلا مانع لدينا، ولكن إذا أصر على التوجه إلى خيار آخر، فلا خيار أمامنا سوى المواجهة.
هذا يعنى أنه لا بد أن يقبل بمشروع سوريا الديمقراطية؟
- لا أقول إنه لا بد أن يقبل بمشروعنا سوريا الديمقراطية، لكن لا بد أن يكون هناك حل بالنسبة للسوريين جميعاً، والمفاوضات هى من تحدد مستقبل شعوب المنطقة والشعب السورى وإذا كانت مقبولة بالنسبة لنا، كشعب الشمال السورى عندها سنقبل بالحلول المطروحة.
إذا افترضنا أن الرئيس الأسد جلس معكم ووافق على أن تكون سوريا ديمقراطية كما تريدون وبها العدالة والحرية، هل ستسلمون له مناطقكم بعد وعوده هذه، وتتخلون عن الفيدرالية؟
- لا يوجد أى حل لسوريا بدون ضمانات دولية، كون سوريا ليست سوريا سابقاً لأن سوريا تغيرت بعد 2011، لذا أى حل سيطرح سيكون بضمانات دولية، عبر مؤتمرات بإشراف الأمم المتحدة والروس والأمريكيين والممثلين الحقيقيين لهذا الشعب، ونحن جزء من هذا الحل ولا نقول إننا نملك الحل كاملاً، وبشار الأسد عندما يأتى إلى المفاوضات سيكون بضمانات دولية، ولا أقول إننا سنتخلى عن الفيدرالية فى إدارة مناطقنا كون هذا الحديث سابقاً لأوانه، ونترك هذا الحديث لوقته.
الأمريكيون يستغلون احتياجاتكم العسكرية فى شمال سوريا والروس كذلك بالنسبة إلى «بشار»، هل ستقبلون أن تكونوا جزءاً من اللعبة بين الأمريكيين والروس؟
- لن نكون جزءاً من اللعبة، يهمنا مصلحتنا ومصلحة سوريا، فالصراع الأمريكى الروسى قديم، ونحن نحافظ على مصالحنا ونحارب من أجلها، ولسنا جنداً تحت الطلب عند الأمريكيين أو غيرهم، هذه الدول تعمل من أجل مصالحها بالدرجة الأولى، لا يهمها مصلحة الشعوب الموجودة، وعفرين مثال أمام أعيننا، فاحتلال عفرين كان بمراضاة أمريكية وضرب مناطق فى شمال سوريا كان أيضاً بضوء أخضر من الأمريكيين، والكثير من الأمور كانت بموافقة أمريكية، لكن لدينا مصلحة فى التحالف معهم فى مواجهة الإرهاب، وعندما ينتهى الإرهاب سيكون لنا حديث آخر، بشأن العلاقات مع الأمريكيين والروس والنظام والدول الإقليمية، وعندها سنتجه إلى الحل.