​

بين مياه النيل الزرقاء وأشرعة مراكبه البيضاء، تصطف منازل النوبة على ضفة النيل، بألوانها المبهجة ونقوشها المميزة "النخيل، الأسماك، التماسيح، النجمة، المثلثات" التي تسجل أهم أحداث العائلة النوبية، وخصوصا السعيدة منها.

لا تتأثر المنازل النوبية بحرارة المناخ المرتفعة، فهي مبنية من الطوب اللبن، فللبيوت قباب لتوزيع حرارة الشمس، بحيث لا تكون مسلطة بشكل عمودي على سطح أفقي، فتنقل الحرارة إلى داخل البيت.

وعلى الرغم من التحديثات التي شهدتها قرى النوبة الجديدة بعد التهجير، ظل البيت النوبي يحمل شكل البيت القديم نفسه، فلكل منزل صحن داخلي، يتوسطه مدخل البيت، وبه "المندرة" المخصصة لاستقبال الضيوف، ثم الفناء الذي يعرف بـ"الحوش السماوي"، وتحيط به غرف النوم أو "القباوي"، يجاورها في أحد الأركان "المخزن"، الذي يضم احتياجات المنزل من الغلال، ثم المطبخ أو "الديوك"، ثم الحمام.

يزين النوبي منزله بزخارف متغيرة، كمعرض خاص للمفاهيم والمعتقدات الخاصة بثقافته وتراثه، تجمع بين الأشكال الهندسية، كالمثلثات المستوحاة من الفنون الإسلامية، والتي يُقال إنها تسبح بحمد الله، وفي رواية أخرى أنها استخدمت ليسكن فيها أرواح أصحاب المنزل، ورسوم أخرى لأحداث وطقوس معينة، وفي أعلى جدران المنازل نجد أطباق خزفية باللون الأبيض أو الأزرق، وهما لونان يحملان دلالات تراثية لدى النوبي، لمنع السحر والحسد.

"التمساح".. أحد الرموز المفضلة لدى النوبيين، يرسمه صاحب البيت على مدخل المنزل اعتقادًا منه أنها تطرد الشياطين والأرواح الشريرة، أما الهلال والنجمة فترمزان إلى التفاؤل.

ومن الرسومات التي تجسد الحياة النوبية، "الأراجيد"، أو الرقص النوبي، وهي صفوف من الرجال يقابلها صفوف من النساء، تتحرك متشابكة على إيقاع الدفوف، وهي من أهم طقوس الزواج والميلاد عند النوبيين، إلى جانب نوع آخر من الرقص وهو "السفين" الصوفي، وهدفه توحد الروح مع الموسيقى، بهدف الوصول لحالة الوجد والفناء.