الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي يتعثر بـ"دومينو" استقالات
الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي يتعثر مجدداُ
في خطوة أربكت الخروج الآمن لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تقدم عدد من المسؤولين بالحكومة البريطانية باستقالتهم، أبرزهم ديفيد ديفيز، الوزير المسؤول عن ملف الخروج "بريكست" تبعه نائبه ستيفن بيكر، وأخيرًا وزير الخارجية بوريس جونسون، وسط توقعات باعتذار آخرين في دومينو استقالات تشهده حكومة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، يهدد استقرارها في وقت استعدت فيه الأخيرة أمس للقاء البرلمان لمناقشة خطة الخروج، ومن المتوقع أن يعلن مقر مجلس الوزراء "دواننج ستريت" خليفًا لـ"ديفيز".
وجاءت استقالة "ديفيز"، الذي عين وزيرا لشؤون البريكست عام 2016، بعد أيام من ضمان "ماي" دعم مجلس الوزراء لخطتها للخروج التي توصلت لها في اجتماع الجمعة الماضية مع عدد من الوزراء.
وكتب "ديفيز" إلى رئيسة الوزراء قبيل الاجتماع محذرا من أن مقترحاته لن تقبل في أوروبا، وجاء في بيان استقالته، الذي تقدم به في وقت متأخر الأحد الماضي، "بأنه من غير المحتمل أن تتمكن حكومة المحافظين من الوفاء بالتزاماتها الواردة في مقترح "ماي"، محذراً من تقديم بريطانيا للمزيد من التنازلات أثناء التفاوض"، قبيل الخروج من الاتحاد الأوروبي مارس المقبل عقب استفتاء يونيو 2016، وتطبيق البند 50 من معاهدة لشبونة للاتحاد الأوروبي التي اكتسبت صفة القانون عام 2009، وتسمح لأي دولة بالخروج الطوعي من الاتحاد.
رحب المتحمسون للخروج من الاتحاد من حزب المحافظين باستقالة "ديفيز" ووصفوها بأنها "قرار مبدئي وشجاع". وقال النائب عن حزب المحافظين، بيتر بون إن ديفيز، "قد فعل الأمر الصواب"، مضيفا أن "مقترحات رئيسة الوزراء نظرية فقط وغير مقبولة". فيما وصف مدير حزب العمال إيان لافري، الاستقالة بـ"أنها فوضى مطلقة، وتيريزا ماي لم تتبق لها سلطة".
وقال زعيم المعارضة جيريمي كوربين "إن الاستقالة في مثل هذا الوقت الحاسم تدل على أن ماي ليس لديها سلطة متبقية وغير قادرة على تسليم بريكسيت"، فيما قال نيقولا ستورجيون، الوزير الأول الأسكتلندي، إن "حكومة المملكة المتحدة في حالة فوضى تامة وانحسار السلطة في يومنا هذا".
تحاول "ماي"، التي تتمتع حكومتها حاليًا بأغلبية ضئيلة، إقناع النواب بأن استراتيجيتها، التي اتفق مجلس الوزراء على تأييدها في اجتماع في منزلها الريفي في تشيكرز الجمعة، هي خطة الخروج الصائبة من الاتحاد، وذلك بإنشاء منطقة تجارة حرة للبضائع الصناعية والزراعية مع الاتحاد، وأخرى جمركية مشتركة.
ووصف خبراء الاقتصاد المقترحات البريطانية الأخيرة بمحاولة مقنعة لإبقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، واعتبر الدكتور مصطفى بدره، الخبير الاقتصادي، بأنه يعكس غياب الرضاء عن نتيجة استفتاء يونيو للخروج من الاتحاد الأوروبي، خصوصاً بعد التكلفة الاقتصادية التي تتكبدها المملكة بفعل الخروج الذي يهدم علاقات اقتصادية تمتد لعشرات السنين، لافتاً في تصريحات لـ"الوطن" إلى أن المقترح يحفظ ماء وجه بريطانيا الاقتصادي، خاصة أن إنشاء مناطق تجارية مشتركة والمناطق الجمركية من النقاط الجوهرية في التعاون المشترك مع التكتلات الاقتصادية العالمية، ومن المبكر التحدث عن التأثير السلبي لاستقالة الوزير المسؤول عن الملف على مناقشات البرلمان الجارية لقبول مقترحات "ماي" التي تقلل من خسائر بريطانيا بفعل الخروج وتقدر بـ300 مليار جنية إسترليني.
"بريطانيا لا تزال موجودة داخل الاتحاد الأوروبي اقتصاديًا"، هكذا قرأ الدكتور إيهاب الدسوقي، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم والخبير في المحكمة الاقتصادية، بنود بيان "تشكرز"، لافتًا في تصريحات لـ"الوطن" إلى أن بريطانيا أدرجت أن وضعها الاقتصادي سيكون أفضل في ظل استمرار وجود خيوط تربطها بالاتحاد الأوروبي تغذي اقتصادها، مضيفًا أن إنشاء منطقة حرة يعد خطوة ترد على القرارات الأمريكية بفرض رسوم جمركية حمائية ضد عدد من الدول العالم، تتضرر منها دول الاتحاد الأوروبي، ما يجعل موافقة بريطانيا على الاستمرار في الشراكة التجارية مع الاتحاد أحد طرق المواجهة في الحرب التجارية العالمية.
في الوقت الذي تستقبل فيه المملكة زيارة أولى للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلال هذا الأسبوع، تسببت في توجيه انتقادات لـ"ماي" لدعوتها "ترامب" بسبب سياسة الأخير في فصل أطفال المهاجرين، وأعلنت عدد من الحركات الاجتماعية تنظيم تظاهرات يوم الزيارة، ووافق عمدة لندن، صديق خان، على إرسال بالون طائر وقت الزيارة في سماء لندن بعنوان "ترامب الطفل".
فيما تواجه حكومة "ماي" بالتوازي أزمة دولية جديدة بعد وفاة أول ضحية بالتسمم من غاز نوفتشوك، الذي تسبب في تسميم العميل الروسي السابق سيرجي سكريبال وابنته منذ أشهر.