إبراهيم رمضان الزوام يكتب: ألغامهم وضحايانا
إبراهيم رمضان الزوام
أكثر من ثلاثة وسبعين عاماً مرت على انتهاء الحرب العالمية الثانية ومعركة العلمين الفاصلة، منذ ذلك التاريخ المشئوم وكل عام تأتى دول الحلفاء والمحور للاحتفال بانتهاء الحرب وتخليد ذكرى جنودهم الأبطال على أرض العلمين!!! وفى نفس المكان والزمان ما زال الضحايا من البدو المصريين يتساقطون صرعى من الألغام الإيطالية والإنجليزية، منهم من مات وترك عائلة دون عائل، ومنهم من ما زال يعانى آلام فقد الأطراف والبصر للأبد، هذه جريمة لا تسقط بالتقادم طبقاً للقانون الدولى ومعاهدة جنيف وملاحقها التى تكفل حماية المدنيين فى زمن الحرب، وتلزم الدول التى زرعت الألغام بإزالتها وتحمل عبء إعادة الأمر إلى ما كان عليه، ثلاثة وسبعون عاماً لم تلتزم فيها هذه الدول بمسئوليتها الأخلاقية والجنائية، وترفض الاعتراف بمسئوليتها عن إزالة آثار الجريمة، وبعد هذا الانتظار الطويل، أعلنت هذه الدول بوقاحة تحسد عليها أنها غير مسئولة وغير ملزمة بتطهير أراضى الألغام لكون مصر طرفاً فى الحرب العالمية الثانية!!
لقد كشفت هذه الدول عن وجهها اللا إنسانى القبيح، ضاربة عرض الحائط بالقانون الذى وضعت بنوده لتجميل وجهها القبيح، لقد تقاعست الحكومات المصرية المتعاقبة عن إدراج القضية فى المحافل الدولية ومحكمة العدل الدولية لتوازنات ومواءمات سياسية ما كان لها أن تكون، وحرمت مصر طوال هذه المدة من استثمار أراضيها المليئة بالألغام والبترول والغاز والثروة المعدنية وملايين الأفدنة الصالحة للزراعة والمراعى الطبيعية والمياه الجوفية والمحاجر فى محافظة مطروح وصحرائنا الغربية، ناهيك عن حياة الإنسان التى لا تقدر بثمن، فإذا لم تتحرك الدولة لدوافع اقتصادية وإنسانية، فإن الدوافع الأمنية كافية للتحرك الفورى، ففوق هذه الأراضى تربض ملايين الأطنان من مادة (التى إن تى) التى قد تشكل خطراً داهماً على الأمن القومى المصرى لو قدر لها أن تصل لأيدى الفرق الإرهابية، وإذا كانت الدول لا تعنيها الخسائر الاقتصادية والأمنية، فنحن يعنينا الجانب الإنسانى والاجتماعى للمتضررين وأسر الضحايا، فهم يعاملون طبقاً للقانون رقم ١٤٤ لسنة ٦٧ الخاص بمنطقة القناة ومخلفات إسرائيل الحربية، وهذا القانون أهدر حقوق المتضررين من الألغام وأسر الضحايا فى محافظة مطروح، لقد حان الوقت لسن قانون أو قرار جمهورى خاص لمعالجة الآثار الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية للمتضررين والضحايا، وحان الوقت لنواجه بكل شجاعة هذه القضية من خلال الجهود الحكومية والمجتمع المدنى، وكفانا انتظار ما لم ولن يأتى.