الرابع على الثانوية: مديرة المدرسة طردتني لارتدائي "الشبشب".. ضايقتني لكنني أشكرها
الطالب محمود محمد صبحى بديوى
من رحم الفقر والعَوز، يخرج قلة من المبدعين، ينطلقون نحو أهدافهم بسواعد مرهقة من ثقل الحمل، يُصرون على تحقيق غاياتهم بتحدّ ومثابرة ليخلقوا لأنفسهم عالماً جديداً، بعد معاناة دامت سنوات طويلة.. محمود محمد صبحى بديوى، الطالب الحاصل على المركز الرابع مكرر أدبى فى الثانوية العامة، كان نموذجاً لتلك القلة المبدعة، جسَّد قدوة لأبناء قريته «النطاف»، بمركز كفر الشيخ، وكان مصدراً لفخر مدرسيه فى مدرسة «شهيد السلام» بإدارة شرق كفر الشيخ التعليمية.
«محمود» لـ«الوطن»: فخور بأننى ابن بائعة الفراخ والأنابيب.. والشغل مش عيب
محمود دان بالفضل لوالدته المكافحة التى سهرت على تربيته وأشقائه، بعد تحمّلها مسئولية الأسرة منذ وفاة والده وهو فى سن الرابعة من عمره.. «الوطن» حاورت «محمود» للتعرف على تفاصيل تجربته الإنسانية الفريدة، وأهم المعوقات التى واجهها خلال دراسته، وكيفية التغلب عليها.. فإلى نص الحوار:
فى البداية عرّفنا بنفسك واحكِ لنا عن طفولتك؟
- اسمى محمود محمد صبحى بديوى، طالب فى الثانوية العامة، حصلت على المركز الرابع مكرر شعبة الأدبى، ومقيم بقرية «النطاف»، إحدى قرى مركز كفر الشيخ، وُلدت لدى أسرة بسيطة تسكن فى منزل العائلة ولدىّ شقيقان «أحمد»، حاصل على بكالوريوس حاسبات ومعلومات، و«خالد» طالب فى الصف الأول الثانوى، توفّى والدى وأنا فى سن الرابعة منذ 14 عاماً، وتركنا نواجه صعوبات الحياة، لكننا كنا قادرين على تخطيها بدعم والدتنا العظيمة.
حدِّثنا عن أوضاع الأسرة قبل وبعد وفاة والدك؟
- والدى كان موظفاً بسيطاً فى «الشباب والرياضة»، كنا نعيش حياة سعادة أثناء وجوده، وكل ما أتذكره مجموعة من الصور تجمعنى به، كنا نذهب إلى المصيف وإلى الاستوديو للتصوير، وسرعان ما تبدلت الحياة السعيدة إلى أحزان، وحينما توفّى لم أكن أدرك معنى الموت، وحينما كبرت تحمّلت المسئولية، وأدركت أن الحياة صعبة دون أب، رغم أن والدتى كانت لنا بمثابة الأب والأم والصديق، إلا أننى تمنيت أن يكون إلى جوارى فى تلك اللحظة ليفرح معى، وحينما أشتاق لرؤيته أدخل غرفتى وأتطلع إلى صوره، لم أشعر يوماً باليُتم مثلما شعرت به لحظة نجاحى، رغم وجود أعمامى وأخوالى بجانبى.
ماذا عن مراحل التعليم المختلفة.. كيف كانت؟ وهل بدأت العمل فعلاً أثناء الدراسة؟
- بدأت مساعدة والدتى فى بيع أسطوانات البوتاجاز، أثناء المرحلة الإعدادية، وكنت أخرج معها فى أوقات مختلفة، أحمل الأسطوانات من المستودع على «عربة كارو»، وأطوف بها قريتى والقرى المجاورة لبيعها، لأستطيع تدبير نفقاتى أنا وشقيقى الاثنين، وقلت لنفسى: لا بد أن أغير واقع حياة أسرتى، وأن نكون أفضل، وفى الصف الثالث الإعدادى حصلت على مجموع 288 درجة من أصل 300 فقررت الالتحاق بالثانوية العامة، وحينها أبدت والدتى رفضها لعدم قدرتها على تحمّل نفقات التعليم، وكانت تريد إلحاقى بالتمريض كى أساعد فى مصروفات المنزل، لكننى صممت على الالتحاق بالثانوية ووعدتها بالعمل معها وعدم تركه والإنفاق على نفسى، وصدقت وعدى، مارست عملى اليومى فى بيع الأسطوانات، فضلاً عن وقوفى بمحل استأجرناه لبيع الدواجن الحية لمساعدتها فى تدبير مصروفات المنزل ونفقات أخى الذى التحق بكلية الحاسبات والمعلومات بطنطا، لكنها عندما لاحظت اهتمامى بالمذاكرة تركتنى فى الصف الثالث الثانوى لأتفرغ للمذاكرة.
أمى تحملت مسئولية تربيتنا بعد وفاة والدى وبدأت العمل معها فى بيع أسطوانات البوتاجاز بالمرحلة الإعدادية.. القرآن والكتاب المدرسى والقنوات التعليمية سر نجاحى
لماذا التحقت بشعبة الأدبى ولم تلتحق بالعلمى؟
- فضَّلت الالتحاق بالأدبى على العلمى لهوايتى الأدب واللغة العربية والتاريخ، كنت أضع عباس العقاد أمامى، فظروفنا متشابهة، هو ابن ريف وأنا من قرية، قلت لنفسى لماذا لا أكون مثله؟، واستكملت مسيرتى دون أن يستوقفنى عائق إلى أن أكرمنى الله.
حدّثنا عن المدرسة وفترة الدراسة وما هى الصعوبات التى واجهتها؟
- الثانوية العامة سهلة جداً، أصعب ما فيها، الاستيقاظ مبكراً والذهاب للمدرسة، كانت مديرة المدرسة تطردنى لتأخّرى ولارتدائى «الشبشب»، كانت تحرجنى لعدم ارتدائى الزى المدرسى، لكنها لا تعلم ظروفى المادية الصعبة، وقلت لنفسى: لا بد أن أثبت للجميع أن نظرتهم لى فى غير محلها، ذاكرت واجتهدت وواصلت الليل بالنهار عملاً ومذاكرة، لم أحدد وقتاً للأخيرة، لكننى كنت أركز، إلى أن حققت ما أصبو إليه، ورغم ضيقى من تعامل نظرة مديرة المدرسة لى، فإننى أشكرها لأنها صنعت منّى طالباً متفوقاً، بغض النظر عن ملابسى وعن شعرى الطويل.
ما سر تفوقك؟ وهل ترى أن الدروس الخصوصية مهمة لتحقيق النجاح؟
- الدروس الخصوصية ليست سر النجاح، بالعكس كثير من المعلمين يرون أن كتبهم الخارجية ودروسهم سبب تفوق الطلاب، وأنا أرى أن حفظى للقرآن ومذاكرة دروسى من الكتب المدرسية ومتابعة القنوات التعليمية، سر نجاحى، وحفاظى على صلاتى وتشجيع والدتى وأسرتى هى سر التفوق، وأقول للطلاب: الكتب المدرسية لن يخرج عنها الامتحان فاعتمدوا عليها وحدها.
كيف علمت بالنتيجة؟ وما مشاعرك حينها؟
- جلست أمام التليفزيون أنتظر المؤتمر الصحفى للوزير، عبر الفضائية المصرية، وانتظرت لأكثر من ساعة حتى بدأ المؤتمر، أعلنوا نتيجة علمى الرياضة أولاً، وكان من بينهم زميل لى فى كفر الشيخ، ثم انتظرت لإعلان نتيجة الأدبى وفوجئت باسمى، كنت أظن أننى أحلم، وعندما ركزت وجدته أنا فصحت فرحاً وهرولت إلى منزل عمى لأخبرهم بالنتيجة، فلم يصدقوا، فذهبت أنا وعمى لتجديد اشتراك الإنترنت حتى يتسنى لى الحصول على النتيجة، وفى طريقنا لكفر الشيخ استعنت بهاتف سائق التاكسى وبحثت عن الاسم، فوجدت نفسى من الأوائل، وحينها هاتفت والدتى لأخبرها، فصرخت وأطلقت الزغاريد فى الشارع، وتلقيت اتصالات من المحافظ وشخصيات عامة، ووقتها شعرت بالفخر، وفى كل لقاء أقول إننى ابن بائعة الفراخ والأنابيب.
كيف ترى نظام الامتحان؟ هل بالفعل هو أفضل من النظام القديم؟
- «البوكليت» نظام رائع ومريح وكنا محظوظين لأننا تدربنا عليه، والامتحان لم يخرج عن كتاب المدرسة وقناة مصر التعليمية ومرجعها كتاب المدرسة، الكتاب بالفعل شارح ووافٍ والبوكليت حدّ من ظاهرة الغش والنماذج جاءت مطابقة له، وأعتقد أن قرار تطبيق الامتحان وفقاً لهذا النظام كان من أفضل القرارات التى اتخذتها الوزارة للحد من رعب الثانوية العامة، والحد من نجاح من لا يستحقون النجاح.
ما الكلية التى نويت الالتحاق بها؟ ولماذا؟
- كانت أمنيتى الالتحاق بالإعلام، وأن أعمل مراسلاً أجنبياً، لكننى سألتحق بالألسن لتعلم اللغات، خاصة الألمانية، وسأحتفظ بهوايتى الأدبية فى القراءة.
اقرأ المزيد:
-
نتيجة الثانوية العامة
-
نتيجة الثانوية العامة ٢٠١٨ بالاسم ورقم الجلوس
-
رابط نتيجة الثانوية العامة ٢٠١٨ بالاسم ورقم الجلوس
-
نتيجة الثانوية العامة ٢٠١٨
-
الاستعلام عن نتيجة الثانوية العامة
-
نتيجة الثانوية العامة بالاسم
-
نتيجة الثانوية العامة برقم الجلوس
-
الحصول على نتيجة الثانوية العامة
-
معرفة نتيجة الثانوية العامة
-
أوائل الثانوية العامة
-
نتيجة الثانوية العامة 2018 بالاسم ورقم الجلوس